نظارات ماجيك ليب حقيقية، لكنها قد لا تكفي

11 دقيقة
عملت ماجيك ليب مع فرقة سيجور روس الآيسلندية من أجل تصميم توناندي؛ وهي تجربة موسيقية تفاعلية متوهجة.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في أعماق مبنى عادي الشكل في بلانتيشن في فلوريدا، قامت ماجيك ليب ببناء أداة حقيقية ورائعة، وقادرة على مزج صور افتراضية ثلاثية الأبعاد مع الواقع بشكل أفضل من أية نظارة أخرى رأيتها من قبل للواقع المختلط أو المعزز (يمكنك أن تسميه ما شئت).

أما السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة فهو التالي: ما الذي يمكن للناس فعله بشيء كهذا؟

إن الشركة تأمل أن يبدأ المطورون وغيرهم من المبتكرين في التوصل إلى بعض الأجوبة؛ لأن ماجيك ليب ستبدأ قريباً ببيع أول أجهزتها التي طال انتظارها، وهي نظارة سوداء يتراوح شكلها ما بين نظارات الوقاية وعيون الذباب، وتسمى ماجيك ليب ون (إم إل ون).

وهذه النظارة ليست للجميع، بل يجب أولاً أن تسجل في الشركة على أنك مطور -حيث تأمل الشركة في ظهور مجموعة من المطورين الذين سيبنون تطبيقات للنظارة، كما في الهواتف الذكية- وتدفع مبلغ 2,295 دولار (وللمقارنة: تكلف نظارة هولولينز من مايكروسوفت -والتي ما زالت مخصصة للمطورين فقط- مبلغ 3,000 أو 5,000 دولار)، كما يجب أن يكون عمرك على الأقل 18 سنة، ويجب أن تكون قادراً على أن تتلقى النظارة عند توصيلها إليك في إحدى المدن الأميركية التي سيتم إطلاقها فيها أولاً؛ مثل نيويورك أو سياتل. إذا كنت مستعداً لتحمل كل هذا فستتلقى النظارة، وحاسوباً قابلاً للارتداء يوصَّل بها، وجهاز تحكم يستخدم بيد واحدة، كما تقدم بطاريةٌ قابلة للشحن ما يكفي من الطاقة لتشغيل النظام بأكمله لفترة تصل إلى ثلاث ساعات متواصلة.

وتعتبر إم إل ون خلاصة عمل المدير التنفيذي روني أبوفيتز وبقية فريقه منذ 2011، وقد تضمنت عملية التسويق أشياء مثل حوت يقفز خارجاً من أرض صالة رياضية، وفيل صغير محمول داخل يدين مضمومتين، وذلك لتقديم المنتج على أنه رائع في مزج الصور الرقمية مع العالم الحقيقي لدرجة تثير عجباً طفولياً لدى المستخدمين، كما تمثل النظارة الجديدة فرصة لماجيك ليب لكي تثبت أخيراً أنها على قدر كل هذه الدعاية والتشويق.

تتصل نظارة ماجيك ليب ون بحاسوب صغير قابل للارتداء، وتعمل بجهاز تحكم يستخدم بيد واحدة.
مصدر الصورة: أليسيا فيرا

أما الأخبار الجديدة فهي أن ماجيك ليب أثبتت نفسها فعلاً، وبأكثر من طريقة؛ فعندما زرت الشركة مؤخراً وضعتُ نظارة على وجهي ورأيت سلاحف بحرية تطير داخل الغرفة التي كنت فيها، تاركة خلفها أثراً صغيراً من الفقاعات، كما أنها كانت تتحرك عندما كنت أنكزها، وبعد ذلك استخدمتُ سلاحاً يطلق أشعة مدمرة للتصدي لمجموعة من الروبوتات الفضائية الشريرة التي كانت تقفز إلى داخل الغرفة من بوابة في الحائط، وكانت الصور -بشكل عام- واضحة وتنبض بالحياة، وفي بعض الحالات رأيت عدة صور رقمية موضوعة عند أعماق مختلفة من الغرفة في نفس الوقت.

كما كانت النظارة أصغر بكثير وأسهل في الحمل من النماذج الأولية التي رأيتها في أواخر 2014 عندما زرت الشركة لأول مرة، وفي ذلك الوقت حدَّقت في عدسات مثبتة على شيء أشبه بسقالة عملاقة من أجل رؤية وحش أزرق واقعي إلى درجة مذهلة. كما استخدمت جهازاً مركَّباً على عربة (ولكنه ليس محمولاً) لرؤية روبوت صغير طائر ونكزِه، ورغم ذلك فقد أُعجبت بهذه التقنية في ذلك الحين، لدرجة أن إم آي تي تيكنولوجي ريفيو ضمَّت عمل ماجيك ليب -والذي كان يسمى حينها بالواقع السينمائي- إلى قائمتنا لعشر تقنيات ثورية في عام 2015.

وكانت تلك إحدى المرات القليلة التي استعرضت فيها الشركة عملها أمام أشخاص من خارجها حتى الآن، كما جمعت الشركة أكثر من 2.3 مليار دولار، وقدَّمت مئات الطلبات للحصول على براءات اختراع لأشياء مثل إسقاط الصور الرقمية في العالم الحقيقي (وحازت على العشرات منها)، ولكن كانت ماجيك ليب -في أغلب الوقت- تجمع ما بين السرية المشددة والاستعراضات التسويقية المبالغ فيها، لدرجة دفعت أغلب المطورين ومستهلكي التكنولوجيا إلى الاعتقاد في أنها مجرد بالون مليء بالهواء والمنتجات الوهمية.

وقد أطلقت الشركة مثلاً في 2015 مقطع فيديو على يوتيوب بعنوان “مجرد يوم آخر في المكتب”، يُظهر روبوتات تقع داخل المكتب من بوابة في السقف، وقد ورد في التوصيف الأصلي على يوتيوب أن المشهد عبارة عن (لعبة) كانت الشركة “تتسلى بها في المكتب حالياً”، وقد كان المقطع في الواقع مشابهاً لمقطع آخر -وربما مطابقاً له- رأيته قبل عدة أشهر، وقيل لي إنه -ببساطة- مقطع إعلاني واستعراضي للعبة عادية (وقد شاهده على يوتيوب -على الأقل- 4 ملايين شخص، وأعيدت تسمية المقطع على أنه “مقطع فني أصلي”)، كما أطلقت الشركة بعض المقاطع التجريبية التي صورتها عبر إم إل ون، وعرضتها مؤخراً أثناء بث مباشر على منصة تويتش، وكانت تتضمَّن أشياء مثل وحش صغير يرمي الحجارة، وكانت منخفضة الجودة وتعسة الشكل، وتعرَّضت لسخرية لاذعة بلا أدنى قدر من الشفقة.

ولهذا عندما طُلب مني في هذا الصيف أن أعود إلى فلوريدا لتجربة إم إل ون قبل إطلاقها، كنت مستعدة نفسياً للسرية، والغموض، والصور سيئة النوعية، وعلى الرغم من أنني تعرضت قليلاً لأول أمرين، إلا أنني أعتقد أن إم إل ون هي على الأرجح أفضل نظارة واقع معزز في الوقت الحالي.

نظارة إم إل ون في مقر ماجيك ليب في فلوريدا.
مصدر الصورة: أليسيا فيرا

وعلى الرغم من أن ماجيك ليب خالفت توقعات الجميع، إلا أنها ما زالت أمامها مهمة جسيمة؛ وهي إقناع المطورين ببناء محتوى جذاب لنوع جديد من الحوسبة، ولا يعرف الكثيرون بوجوده حتى، ناهيك عن استخداماته المحتملة، ولن يكون هذا أمراً سهلاً، وأعتقد شخصياً أن الشركة نفسها ليس لديها أدنى فكرة عما يمكن فعله بهذا الخصوص.

ما حدث منذ حلقتنا الأخيرة من “ماجيك ليب”…

كان أبوفيتز مبتهجاً على الرغم من شعوره بالإرهاق؛ فقد سهر حتى الساعة الثانية صباحاً في الليلة الفائتة وهو يعمل على وضع اللمسات الأخيرة على إم إل ون، التي كان قد بقي على طرحها في الأسواق -في ذلك الحين- بضعة أسابيع فقط، وقد كان يجلس في مكتبه؛ وهو عبارة عن حجرة زجاجية الجدران في وسط مكتب ماجيك ليب الأشبه بالمتاهة، والموجود في بلانتيشن في فلوريدا، على بعد حوالي 16 كيلومتر من شواطئ فورت لوديرديل التي تنتشر عليها أشجار النخيل.

وكانت الرفوف خلفه مليئة بمجموعة متنوعة من الألعاب؛ بدءاً من مسدسات الأشعة ودمية الموسيقي جيمي هيندريكس، وصولاً إلى أضواء ليلية من إيكيا مستوحاة من أعمال المخرج الياباني هاياو ميازاكي، إضافة إلى كتب تحمل عناوين مثيرة للاهتمام مثل “اتخاذ القرارات الصعبة والرسوميات للمهندسين”، و داخل صندوق صغير شفاف في زاوية أحد الرفوف، كانت تقبع تماثيل صغيرة لوحوش وردية وخضراء اللون، ورائد فضاء، إضافة إلى صندوق من حلوى ثواكسو الفضائية الخيالية، وتعتبر هذه العلبة بكل ما فيها تذكاراً للعرض المسرحي المبهم لأبوفيتز في حدث تيد إكس لعام 2012 في ساراتوسا في فلوريدا؛ حيث كانت الوحوش ترقص حول صندوق حلوى عملاق، وكان أبوفيتز يمشي على المسرح مرتدياً بدلة رائد فضاء.

وكان أبوفيتز راغباً في أن يوجز لي كل شيء حدث في ماجيك ليب منذ أن التقينا شخصياً آخر مرة، ولو كانت الحياة مسلسلاً تلفزيونياً، لكانت زيارتي في أواخر 2014 حلقة أولى تجريبية -كما يقول- ولكانت الشركة في الموسم الرابع من المسلسل حالياً، كما عرض عليَّ أبوفيتز مجموعة من الشرائح، وأشار إلى الكثير من النماذج الأولية التي بُنيت على مدى سنوات كاملة، وتتراوح من النموذج الضخم الذي رأيته -والذي أطلق عليه اسم المصطبة- إلى نماذج أصغر فأصغر، مثل أحد النماذج من 2015 (والذي يبدو كشيء من فيلم “Bladerunner”، ويُرتدى فوق الرأس ممتداً من مؤخرة العنق إلى الجبهة)، وقد أكد أبوفيتز على أن الشركة أمضت سنوات كاملة تبني النماذج وتعاير الأجزاء والمكونات المختلفة بدقة، حتى وصلت إلى إم إل ون.

مجموعة من نماذج نظارات الواقع المعزز من ماجيك ليب، بما فيها النموذج المسمى “تشيزهيد”، وآخر اسمه “WD3” (الأحرف اختصار لعبارة: نموذج تجريبي قابل للارتداء).
مصدر الصور: ماجيك ليب

لن تقدم الشركة شرحاً واضحاً لكيفية عمل نظارتها في مزج الصور الرقمية مع العالم الحقيقي بهذا الشكل الرائع، ولكن يمكن أن نقول إنها تشع الضوء عبر شرائح شفافة ضمن عدسات النظارة، وتقوم هذه الشرائح بتوجيه الضوء نحو العينين، وتنفذ الشركة هذا الأمر بشكل يبني محاكاة رقمية للحقل الضوئي -أي مجمل الأشعة الضوئية في جميع الاتجاهات ضمن حجم فراغي معين- الذي تراه حين تكون الأجسام موجودة بالفعل حولك؛ يقول أبوفيتز إن إم إل ون ستتيح للمستخدمين رؤية الصور المجسمة بوضوح، بدءاً من مسافة قريبة -يبدأ الحقل الضوئي الافتراضي على بعد 37 سنتمتر من الوجه- وصولاً إلى مسافة بعيدة، وبشكل طبيعي تماماً.

ثم قررنا -بعد أن أمضينا بعض الوقت في الحديث- أن نطَّلع على بعض الآلات الكثيرة التي تستخدمها الشركة في بناء الشرائح الشفافة آنفة الذكر، ومن ثم أخذني أبوفيتز إلى غرفة ذات أبواب كبيرة لامعة، ومفروشة كغرفة معيشة عصرية، وبها أريكة جلدية، وطاولات جانبية، وخزائن كتب، ومسند منخفض مغطى بالقماش؛ أي الأشياء التي تجعل أي غرفة تبدو أنها مرتبة بعناية، وفي نفس الوقت تُشعرك بأنك في منزلك إذا كان منزلك عبارة عن جلسة تصوير إعلانية لشركة مفروشات.

وكانت هناك نظارات إم إل ون على طاولة جانبية، وأرتني شانا دي إيوليس (مديرة التسويق التقني للشركة) كيفية ارتدائها بشكل صحيح؛ حيث يجب أن تحل طوق الرأس برفق، وتضع النظارة على رأسك، وتتأكد من صحة وضعيتها قبل أن تشده ثانية. وبما أن العدسات عاتمة بعض الشيء، فقد كان ارتداؤها أشبه بارتداء نظارات شمسيةويفسر أبوفيتز ذلك بقوله إن المسحة المعتمة تتيح للصور أن “تبدو مصمتة قدر الإمكان”، دون أن يشع الجهاز الضوء بشكل عالي السطوع في عينيك. ولم تصمم النظارة لارتداء نظارات عادية معها -على الرغم من أنها قد تتسع لهذا- ولكن الشركة تقول إن من الممكن -إذا كنت تستخدم عدسات لتصحيح النظر- أن تطلب عدسات متوافقة مع وصفتك الطبية؛ حتى يتم تركيبها داخل النظارة.

وقد كنت أرتدي فستاناً بدون جيوب، ولهذا قمت بتثبيت المجموعة الحاسوبية الخفيفة دائرية الشكل والمتصلة بالنظارة -والتي تحوي كل ما تحتاجه النظارة من معالجة ورسوميات- بحزامٍ يوضع فوق الكتف. كما تزن النظارة 325 غرام؛ ولهذا تحب ماجيك ليب أن تطلق عليها اسم “لايتوير” (أي: الجهاز الخفيف القابل للارتداء)، في حين أن المجموعة الحاسوبية تزن 415 غرام، وقد أحسست أنني أرتدي نظارات تزلُّج واقية وثقيلة، ومتصلة بحقيبة يد خفيفة بعض الشيء. وبعد ذلك أعطتني دي إيوليس جهاز تحكم أسود اللون، به لوحة لمسية في الأعلى وزناد من الأسفل.

وقد جُرٍّبت بعض التطبيقات التجريبية، وستكون جميعها إما محملة سابقاً في إم إل ون، أو متوافرة على متجر التطبيقات للشركة (واسمه: ماجيك ليب وورلد)، وقد كان التطبيق التجريبي الأول عبارة عن لعبة باسم “غزاة الدكتور جروربورت”؛ وهي لعبة ما زالت قيد التطوير، ولن تكون متوافرة في بداية طرح إم إل ون في الأسواق.

وبدأت اللعبة ببوابة مستطيلة فُتحت أمامي في الحائط، وخرجت منها روبوتات فضائية صفراء اللون وهي تطلق النار علي، تفاديت النيران واستخدمت جهاز التحكم في يدي -والذي أصبح الآن مغطى بصورة رقمية لمسدس أشعة أحمر قديم الشكل- حتى أطلق النار عليهم، وكلما أطلقت النار كانت تظهر علامة سوداء على أي شيء أصيبه سواء أكان حائطاً أم قطعة أثاث، وقد ذكرتني هذه اللعبة كثيراً بذلك المقطع المضلل للَّعب في المكتب، والذي رأيته منذ عدة سنوات، ولكنني كنت أتسلى في هذه المرة بلعبة حقيقية في المكتب، وكانت الأشكال أبعد ما يكون عن الأشكال التجريبية الشفافة والسيئة التي جلبت لماجيك ليب الكثير من الانتقادات بعد عرضها على بث مباشر في منصة تويتش.

وعندما كنت أصيب أحد الروبوتات كان يقع على الأرض في كومة من القطع، وقد اقتربت من أحدها لأتفقد البقايا، ووجدت أن اللون ليس مثالياً، ولكنه يبدو مصمتاً بشكل جيد. وأخبرني أبوفيتز أنه يجب أن أختبر الجهاز بشكل فعلي حتى أفهم عمله بالضبط، وقد كان محقاً؛ حيث إن هذه الروبوتات -وتقريباً كل شيء آخر رأيته- تبدو عبر عدسات هذه النظارة أفضل بكثير مما يُعرض على الشاشات المسطحة.

وقد أبلت الشركة حسناً في المزج بين الصور الرقمية والواقع أيضاً، ومن أصعب التحديات في الواقع المعزز هو جعل الأجسام المزيفة تحجب الأجسام الحقيقية بشكل واقعي، والعكس بالعكس، وهو شيء لا يمكن تحقيقه بسهولة؛ لأنه يجب التحكم في الضوء بدقة، وقد تم إنجاز هذا الأمر عموماً بشكل جيد في العروض التجريبية التي رأيتها؛ حيث كانت الروبوتات في بعض الأحيان تظهر من خلف أريكة في الغرفة (كانت الأصوات الصادرة من السماعات في النظارة تساعدني على تحديد مكانها إذا لم أكتشفه بالنظر فورياً)، ولكن عندما كنت أجرب أن أجثم خلف كرسي ما لأرى ما إذا كان الروبوت سيختفي، وجدت أن الروبوت ينحني بشكل ما ويتبعني، بدلاً من أن يُحجب بشكل صحيح خلف الأثاث.

وشاهدت تطبيقاً تجريبياً آخر من اتحاد كرة السلة الأميركي، يتيح لي مشاهدة مقاطع من مباراة كرة سلة على شاشة مسطحة افتراضية يمكنني أن أحركها وأعدلها باستخدام جهاز التحكم، وقد قمت بوضع الشاشة على حائط وكانت الصورة صافية بشكل جيد، باستثناء حالة الاقتراب منها كثيراً، وعلى بعد حوالي 15 سنتمتر اختفت الصورة، وظهرت مكانها شبكة من الخطوط المتقاطعة. وهناك أيضاً “منظر الملعب” الذي يظهر نموذجاً ثلاثي الأبعاد لملعب كرة سلة بحجم طاولة، وضعت هذا الملعب بحيث يطفو فوق الأرض أمامي، وشاهدت نموذجاً حاسوبياً للَّاعب ليبرون جيمس وهو يدخل الكرة في السلة.

ثم انتقلت إلى تطبيق آخر باسم كرييت، وهو يسمح لي ببناء عالم واقع معزز خاص بي باستخدام النظارة وجهاز التحكم؛ حيث يمكنني الإمساك بأشكال صغيرة مثل ديناصور تي ركس، أو فارس، أو سلحفاة بحرية، ثم أوزعها كما أشاء في واقعي الخاص، وقد أمسكت بديناصور تي ركس مزمجر، ووضعته على أحد المساند، فتدحرج ثم وقف من جديد، وكان شكله فوق السطح القماشي المشدود واقعياً بشكل مقنع، ووضعت فارساً ثلاثي الأبعاد قرب الديناصور، فقام الديناصور بسحقه فورياً.

كما وضعت بعض السلاحف البحرية في الهواء بطريقة السحب والإفلات، وأخذت تسبح بتكاسل، وعندما كنت أزيحها بيدي، كانت تتحرك معها، وعندما نكزت إحداها بجهاز التحكم شعرت باهتزاز لمسي خفيف، وجعلت مساحات صغيرة من الغابات تنمو على الأثاث والأرض، وأمسكت بفرشاة افتراضية أرجوانية اللون وأخذت أخربش فوق أبوفيتز الذي كان يقف في الجهة الثانية من الغرفة، واستمررت في ذلك حتى حجبته تماماً.

وهذا المقطع المرئي يوضح كيف يسمح تطبيق كرييت من ماجيك ليب باستخدام السحب والإفلات لوضع أشكال ثلاثية الأبعاد في العالم الحقيقي.

وبعد هذا ظهرت رسالة خطأ في حقلي البصري؛ على ما يبدو أن النظارة لم تعد قادرة على دعم المزيد من الأشكال، ويجب أن ألغي بعضها قبل إضافة غيرها، فقال أبوفيتز مازحاً: “لقد خربتِها!”.

ما زالت بالنظارة بعض العيوب، وعلى الرغم من أن الرسوميات تبدو إجمالاً واضحة، وتبقى ساكنة عندما أهز رأسي بسرعة، فإنها تنقسم أحياناً إلى أجزاء حمراء وخضراء وزرقاء في أثناء الحركة، وقد قال سام ميلر (وهو أحد المؤسسين، ورئيس فريق هندسة الأنظمة للنظارة) إن هذه مسألة معايرة للأجزاء المختلفة التي تعمل معاً من العتاد الصلب والبرمجيات.

وهناك أمر آخر -وهو لا يقتصر فقط على ماجيك ليب، بل يهم كل شركة ترغب في مزج الصور الواقعية والرقمية- وهو حقل الرؤية؛ حيث يبلغ الانفراج الزاوي القطري لحقل الرؤية لإم إل ون 50 درجة، وهو أكبر مما يبلغ في هولولينز (حيث يبلغ فيها 35 درجة)، ولكنه يكفي بالكاد لرؤية تلك الشاشة المسطحة الافتراضية -مثلاً- على بعد مترين تقريباً، بينما يبلغ الانفراج الزاوي للمنظار العادي حوالي 120 درجة، ويتجاوز هذه القيمة بالنسبة لكل عين وحدها، كما تتمتع نظارات الواقع الافتراضي بحقل رؤية أكبر مما تقدمه ماجيك ليب، ولكن حقل الرؤية يعتبر مسألة سهلة في الواقع الافتراضي مقارنة مع الواقع المعزز؛ حيث يقول جيريمي بايلينسون (وهو المدير المؤسس لمختبر التفاعل البشري الافتراضي في جامعة ستانفورد) إن هذا يعود إلى أن الواقع الافتراضي يتضمن عادة وضع شاشات أمام الوجه، على حين يتطلب الواقع المعزز إطلاق الضوء وعكسه عن سطح ما حتى يصل إلى شبكية العين.

ماذا عن الحلقة المقبلة؟

من السهل أن نشعر بحماس العاملين في ماجيك ليب، وهو أمر متوقع؛ فقد أمضى بعضهم عدة سنوات في العمل على هذا المشروع، ولكن العروض التجريبية في الواقع لم تكن مذهلة، على الرغم من أنها كانت مسلية ومثيرة للإعجاب من الناحية البصرية، لقد رغبت في أن أشعر أن هذه الروبوتات تهاجمني فعلاً، وتمنيت لو رأيت حوتاً بالحجم الطبيعي يخرج من أرض الصالة الرياضية، كما كان بوُدِّي أن أنسى ثقل النظارة والحاسوب الصغير وأنا أتلصص على كل مستطيل على حدة في هذا العالم المعزز رقمياً، ويجب -حتى يحدث هذا- أن يصبح العتاد الصلب أصغر وأفضل.

ومع ذلك يظل السؤال الذي يطرح نفسه -على الرغم من روعة هذا الجهاز- هو: هل ستستطيع ماجيك ليب تحويله إلى سلعة مُدرَّة للأرباح؟

قال أبوفيتز سابقاً إن الإصدار الأول للشركة سيكون سلعة استهلاكية بشكل مباشر، وليس أداة تجريبية موجهة للمطورين، كما يبدو بوضوح في حالة إم إل ون، ولكنه يقول الآن: “لقد أدركنا أن من غير الممكن أن نتجاوز من أسمِّيهم بالمبتكرين؛ أولئك الذين يصممون كل شيء، يجب أن يأخذوا الأولوية”؛ حيث إن جميع أجزاء الأحجية -التكنولوجيا، والعتاد الصلب، والأشياء التي يمكن تحقيقها باستخدام النظارة- ليست جاهزة بعد بالنسبة لمعظم الناس حتى يصلوا إلى مجرد التفكير في الشراء؛ يقول أبوفيتز إن تحقيق الشعبية التي تجعلك ترغب في استخدام النظارة طوال الوقت قد يتطلب الانتظار إلى الجيل الرابع منها.

ولهذا قررت الشركة أن تعتمد على المطورين والشركاء -وقد انضمت إلى المشروع بضعة علامات تجارية كبيرة؛ مثل اتحاد كرة السلة الأميركي، وشركة لوكاس فيلم التي تمتلك ستار وورز- من أجل المساعدة في تحديد الخطوة التالية، ولكن إذا سألتَ مديري ماجيك ليب حول هذه الخطوة فستشعر بالفضول؛ لأنك لن تسمع منهم إجابة واضحة.

قال لي ريو كارايف (وهو مسؤول المحتوى في الشركة) إن التطبيقات التجريبية التي صممتها ماجيك ليب تهدف بشكل أساسي إلى إيقاظ مشاعرك الطفولية بدلاً من التركيز على “إنتاجية الشركات أو التصوير الطبي”، غير أنه يقول أيضاً إن الشركة ترغب في منح المطورين الصلاحية “لوضع بصماتهم على العالم”، وقد سمعت شيئاً مشابهاً من أليسيا لايداكر (مديرة التفاعل)، حيث قالت: “أعتقد أننا سنرى الكثير من الأشياء المذهلة والغريبة والجنونية التي سيبتكرها المطورون ما أن تبدأ هذه النظارة في الانتشار”، ويدعم أبوفيتز وجهة النظر هذه، والتي تدعو إلى ترك الأشياء تتطور وحدها دون تدخل، ويقول إن من غير الضروري أن يكون مطور ماجيك ليب “شركة كبيرة، فقد يكون مثلاً مجرد فتى يعمل في مرآب منزله”.

غير أن هذا الفتى يجب أن يكون قادراً على دفع 2,295 دولار.

هذه هي المشكلة التي تواجهها ماجيك ليب، وهي نفسها التي تواجهها نظارات الواقع الافتراضي الموجودة في الأسواق، حيث ما زالت تبحث عن تطبيقها (أو تطبيقاتها) التي ستجلب لها النجاح الساحق. نعم من الممكن أن يكتشف المطورون الكثير من الأشياء المذهلة والمفيدة التي يمكن فعلها باستخدام هذه المنصة الحاسوبية، ولكن هذا مجرد احتمال، ويكفي أن نتذكر أن مطوري الواقع الافتراضي لم ينجحوا في هذا حتى الآن.

ويعترف أبوفيتز أن التوقعات حول المشروع تزايدت وتشعبت وخرجت عن السيطرة، ولكنه يقول ببساطة: “لست نادماً”.

وأخيراً فإن هذا المقطع المرئي من ماجيك ليب يوضح عملها مع فرقة سيجور روس الآيسلندية من أجل تصميم توناندي؛ وهي تجربة موسيقية تفاعلية متوهجة.