الهند تتعهد بتخفيض انبعاثاتها الإجمالية إلى الصفر بحلول العام 2070

3 دقائق
انبعاثات الهند
حقوق الصورة: أبيشيك تشينابا/ غيتي إيميدجيز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

انضمت الهند رسمياً إلى نادي الدول التي تعهدت بتخفيض انبعاثاتها إلى الصفر، ويمثل تعهدها للعام 2070 موعداً منطقياً بالنسبة للبلاد، وإن كان صعباً بعض الشيء.

وقد أعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي عن هذا التعهد في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني في المؤتمر المناخي COP26 الذي عقدته الأمم المتحدة.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن لآلات امتصاص الكربون أن تساعد في الحد من الانبعاثات الناجمة عن الطيران؟

تخفيض الانبعاثات الإجمالية للهند: التزام طموح

وفي حين أن الموعد الهدف ما زال على بعد عدة عقود، وهو يتجاوز أهداف العام 2050 التي حددتها الكثير من البلدان الأخرى بفترة ليست بالقصيرة، فإن الخبراء يقولون إنه التزام طموح ويحمل مغزى كبيراً بالنسبة لواحدة من أسرع الدول النامية تطوراً في العالم.

والآن، فقد حان الوقت للدول الثرية التي لوثت الهواء لفترة أطول بكثير، مثل الولايات المتحدة، ⁧⁩حتى تزيد دعمها⁧⁩ لجهود الهند وغيرها من البلدان النامية لتحقيق أهدافها المناخية. تُعتبر الهند حالياً ثالث أكبر مصدر للانبعاثات بين بلدان العالم، ولكنها في نفس الوقت موطن 17% من سكان العالم، وبالتالي فإنها تقع عند أقل من نصف المعدل العالمي للانبعاثات بالنسبة لعدد السكان، وهو أقل بكثير من الدول الأخرى عالية الانبعاثات، فما زال عشرات الملايين من سكان هذا البلد محرومين من ⁧⁩الكهرباء⁧⁩.

وعند أخذ السجلات التاريخية بعين الاعتبار، نجد أن الهند مسؤولة عن أقل من 5% من ⁧⁩انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون التراكمية⁧، أما الولايات المتحدة فهي مسؤولة عن 20% منها، أي أكثر من أي بلد آخر.

يقول ⁧⁩راؤول تونغيا⁧⁩، وهو زميل رئيسي في مركز التطور الاجتماعي والاقتصادي في نيودلهي: “إذا أردنا توزيع ميزانيات الكربون بشكل عادل، لوجدنا أن الهند تحتل موضع بطولة حقيقية”. ولكن، وبغض النظر عن هذا، فإن إعلان مودي شكّل مفاجأة سارة لبعض الباحثين، كما تقول ⁧⁩أولكا كيلكار⁧⁩، وهي اقتصادية ومديرة قسم المناخ في معهد الموارد العالمية في الهند.
وتقول إن هذه الأهداف تمثل “تحديثات واضحة” مقارنة مع أهداف سابقة، كما أنه لم يكن هناك الكثيرون ممن يتوقعون تعهداً كهذا من الهند في مؤتمر هذه السنة.

أما ⁧⁩نافروز دوباش⁧، وهو أستاذ في مركز أبحاث السياسات في نيودلهي، فيقول إن هذا الهدف كان “ضرورة دبلوماسية”.
ولكنه ينظر إليه على أنه “إجراء ضروري”، بما أن جميع الدول العشر الأكثر إصداراً للانبعاثات، باستثناء إيران، إضافة إلى معظم الاقتصادات الكبيرة الأخرى، قررت إطلاق تعهدات انبعاثات صفرية خاصة بها. ويقول إن الأهداف المرحلية التي ⁧⁩حددها مودي⁧⁩ قد تكون أكثر أهمية.

اقرأ أيضاً: الانبعاثات يجب أن تُخفَّف إلى النصف حتى 2030 بعد أن تزايدت مرة أخرى في 2019

تعهدٌ محفوف بالصعوبات

ففي خطابه، تعهد مودي بأن الهند ستحصل على 500 غيغاواط من الكهرباء من مصادر غير كربونية (بما في ذلك المصادر النووية) وستحصل على 50% من “احتياجاتها الطاقوية” من مصادر متجددة، وذلك بحلول العام 2030. كما التزم بتخفيض إجمالي الانبعاثات الهندية بمقدار مليون طن، وتخفيض كثافة الكربون (أي نسبة توليد الانبعاثات إلى إنتاج الكهرباء) بنسبة 45%، أيضاً بحلول العام 2030.

وفي وقت لاحق، ⁧⁩أوضحت⁧⁩ الحكومة الهندية أن هدف النسبة 50% يتعلق بالسعة الكهربائية، أي استطاعة توليد الكهرباء.
وهذا يعني أنه لن يتضمن، على سبيل المثال، معظم الطاقة المستخدمة في القطاعات التي يصعب تخليصها من الكربون، مثل النقل. أيضاً، يتمحور الأمر بشكل أساسي حول السعة، وليس كيفية التوليد.

كما أن القيود على الفحم، كما يشرح دوباش، ستكون أقل على الأرجح مما اعتقد بعض الباحثين في البداية، فالابتعاد عن الفحم سيكون ضرورياً في نهاية المطاف للوصول إلى الانبعاثات الإجمالية المعدومة، وسيمثل هذا تحدياً حقيقياً بالنسبة لاقتصاد البلاد، والتي تعتمد على هذا المصدر للحصول على 70% من طاقتها حالياً.

كما أن تنظيف قطاعات أخرى إلى جانب الكهرباء، مثل الصناعة والنقل، والذي يولد جزءاً كبيراً من انبعاثات الهند، قد يكون صعباً بشكل خاص.

اقرا أيضاً: المملكة المتحدة تخطط لتخفيض الانبعاثات الكربونية إلى مستويات معدومة في 2050

كل التعهدات بتخفيض الانبعاثات لا تكفي دون التزامات من الدول المتقدمة

يقول ⁧⁩أرفيند رافيكومار⁧⁩، وهو أستاذ في الأنظمة الأرضية في جامعة تكساس بمدينة أوستن: “ليس لدينا حتى حلول فعالة في البلدان المتطورة، ولهذا، يستحيل أن نتخيل ما يمكن فعله في مكان مثل الهند”. ويضيف قائلاً إن بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة، يمكن أن تساعد بتمويل الأبحاث والعمل مع البلدان النامية على اكتشاف تكنولوجيات جديدة ودفع تكاليفها.

وفي خطابه في مؤتمر COP26، دعا مودي الدول الغنية إلى تقديم تريليون دولار في المجال المناخي إلى الدول النامية. ولكن وعود التمويل هذه لم تتحقق فعلياً حتى الآن، ⁧ففي 2009، التزمت⁧⁩ البلدان الصناعية بتقديم 100 مليار دولار سنوياً بدءاً من العام 2020، وهو ما لم يحدث. يمكن أن تحدد مسألة التمويل والتكنولوجيا ما إذا كانت الهند قادرة على تحقيق تخفيضاتها الموعودة.

وفي ⁧⁩تقرير حديث⁧ صدر عن الوكالة الدولية للطاقة، وضع الباحثون السيناريو الذي يسمح للبلاد بتحقيق انبعاثات إجمالية معدومة في منتصف الستينيات. ووفقاً لتقديراتهم، فإن الوصول إلى هذا الهدف يتطلب رأس مال إضافي يساوي 1.4 تريليون دولار لمشاريع الطاقة النظيفة بين الآن والعام 2040.

يقول تونغيا: “العالم يتشبث بالانبعاثات المعدومة كأداة لمواجهة التغير المناخي”، ولكن هذه الناحية لا تعبر بالكامل عن الإجراءات المناخية لبلد ما. حيث إن إجمالي الانبعاثات مع مرور الوقت، إضافة إلى سياق إنتاجها، يمثل سياقاً يحدد الشكل النهائي لتأثيراتها. وعلى حين يقول البعض إن الوقت مسألة حاسمة، كما يضيف، فإن تعهد الهند للعام 2070 ما زال يمثل “نقلة هائلة تحاول تحقيق التوازن بين مشاكل المساواة والإجراءات التي يمكن أن تحقق نتائج فعلية”.