أسطول روبوتات متحركة ذاتية التحكم: الجيل الجديد من عربات ناسا الجوالة

3 دقائق
روبوتات متحركة ذاتية التحكم
كان الروبوت الاستكشافي المسطح والقابل للفتح والطي (اختصاراً: "إيه بافر" (A-PUFFER)) حملة من ناسا للمساعدة على تطوير روبوتات يمكن أن تستطلع بعض المناطق القمرية. حقوق الصورة: ناسا/ مختبر الدفع النفاث.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بدأت “ناسا” (NASA) بدراسة فكرة لأسطول جديد من العربات الجوالة الصغيرة التي تستطيع العمل معاً لحل المشاكل واتخاذ القرارات كوحدة متكاملة، فإذا تعطلت إحداها أو علقت في مكان ما، تستطيع العربات الأخرى مواصلة العمل من دونها.

اقرأ أيضاً: تكنولوجيا عربة ناسا الجوالة المريخية الجديدة المصممة للبحث عن الحياة في الفضاء

كادر (CADRE): روبوتات صغيرة ومتحركة ذاتية التحكم

وفي إطار مشروع الاستكشاف الروبوتي الموزَّع التعاوني ذاتي التحكم (اختصاراً، كادر (CADRE))، يعمل مهندسو ناسا على تصميم روبوتات صغيرة ومتحركة بحجم علبة الأحذية (وللمقارنة، نذكر أن العربة الجوالة بيرسيفيرانس تبلغ حجم سيارة دفع رباعي صغيرة) لاستكشاف القمر والكواكب الأخرى بشكل ذاتي. ستعمل هذه العربات الجوالة كمجموعة واحدة على جمع البيانات في الأماكن التي يصعب الوصول إليها، مثل الحفر والكهوف.

وفي بعثة تجريبية يُتوقع إطلاقها خلال بضع سنوات، ستقوم عربات كادر الجوالة الصغيرة باستكشاف أنابيب الحمم الهائلة في القمر، وهي مناطق تصلبت فيها الطبقة العليا من التربة، ولكن الحمم ما زالت تتدفق في الأسفل. وستُنقل عربات كادر إلى هناك على متن مسبار سطحي قبل أن توضع على سطح القمر.

يقول أليكس شيبلمان، وهو مهندس مختص بالروبوتات والنمذجة الحاسوبية في مركز جلين البحثي التابع لناسا: “تقول الفكرة أنه إذا كان لدينا بضع عربات جوالة يمكن أن نرسلها، فقد تقع إحداها في أنبوب حمم، ويمكننا أن نعرف أن هذه العربة الجوالة لن تستطيع الخروج بسهولة”.

وعلى الرغم من أن هذه العربة الجوالة لن تعود إلى السطح، كما هو متوقع، فإن شيبلمان يقول إنها قد تتمكن من مواصلة إرسال المعلومات إلى العربات الأخرى في المجموعة. ويمكن للبعثة أن تستمر بشرط بقاء الاتصال قائماً بين العربات الجوالة.

ستحمل كل عربة جوالة على متنها حاسوباً مصغراً، وجهاز راديو لاسلكي، وكاميرا ستيريو لالتقاط الصور ثلاثية الأبعاد. وعلى الرغم من أن كل عربة جوالة منها لن تتمكن من جمع البيانات بقدر عربة أضخم حجماً، فإن تشغيل عدة عربات منها في نفس الوقت يمكن أن يخفف من خطر وقوع حادث يؤدي إلى فشل البعثة بالكامل.

تم تطوير كادر في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا والذي يقع في كاليفورنيا، وتم اختبارها في مختبر محاكاة العمليات القمرية («سلوب» SLOPE) في مختبر جلين البحثي التابع لناسا والواقع في مدينة كليفلاند. ومن الجدير بالذكر أن سلوب هو نفس المختبر الذي قام باختبار “فايبر” (VIPER) (العربة الجوالة للاستكشاف القطبي ودراسة العناصر المتطايرة)، وهو روبوت متحرك سيُطلق في نوفمبر 2023 للبحث عن المياه المتجمدة على القمر.

الروبوتات المتحركة ذاتية التحكم تبعد عن الرحلات الفضائية كابوساً مريراً

ومن أهداف المشروع منع تكرار ما حدث لعربة ناسا الجوالة، سبيريت، في العام 2009، والذي يمثل كابوساً لمناصري الاستكشاف الفضائي.

فقد كانت سبيريت إحدى العربتين الجوالتين التوأم اللتين أُرسلتا إلى جهتين متقابلتين من المريخ في 2004، وقدمت للبشرية بعضاً من أكثر الصور تفصيلاً للكوكب الأحمر. ولكن، وبعد خمس سنوات من بدء البعثة، علقت عجلات سبيريت في رمال المريخ الناعمة. وحاول مهندسو ناسا تحريكها لمدة ثمانية أشهر، وبعد فشل العديد من المحاولات، تم تحويل سبيريت في نهاية المطاف إلى الخدمة كمنصة علمية ثابتة.

وحرصاً على ألا تعلق العربات الجوالة الجديدة بنفس الطريقة، قام سلوب بمحاكاة السطوح الفريدة التي يجب أن تتحرك عليها، بدءاً من تربة القمر الشبيهة بالبودرة الناعمة وصولاً إلى السطح الصخري للمريخ. ويستخدم الباحثون تكنولوجيا التقاط الحركة التي تعتمد على كاميرتي ستيريو لالتقاط الآلاف من الصور ثلاثية الأبعاد المستخدمة لقياس سرعة كل عربة جوالة وحركة إطاراتها، ومساعدتها على توقع رد فعل التربة على حركتها. 

يقول شيبلمان: “يسمح لنا هذا النظام بوضع توصيف دقيق لأداء الحركة، وسنتمكن بشكل أساسي من قياس حركة كل جزء من الروبوت”.

يقول وولفغانغ فينك، وهو أستاذ مساعد مختص بالهندسة الكهربائية والحاسوبية في جامعة أريزونا، ويدرس أنظمة الاستكشاف ذاتية الحركة، إنّ العربتين الجوالتين كيوريوسيتي وبيرسيفيرانس تتمتعان بدرجة محدودة من التحكم الذاتي، ولكن الانتقال إلى العمل بشكل ذاتي بالكامل عبر مشاريع مثل كادر سيسمح للبشر باستكشاف مناطق قد لا نصل إليها بأي طريقة أخرى.

وسطياً، يستغرق الاتصال بين الأرض والقمر بضع ثوانٍ وحسب، ولكن هذا الوقت يمتد إلى بضع دقائق إذا كانت الرسالة تنتقل بين الأرض والمريخ. وعند الابتعاد إلى تيتان، أكبر أقمار زحل، يمكن للاتصال بين مركز التحكم بالبعثة وأي مسبار سطحي أن يستغرق ساعات، ما يعني أن أي مشكلة غير متوقعة يمكن أن تعرض البعثة بأسرها للخطر. وبالتالي، فإن زيادة ابتعادنا عن الأرض تعني أهمية أكبر لأنظمة التحكم الذاتي.