هل تدعم بيانات التجارب إعطاء لقاحات كوفيد-19 للأطفال؟

5 دقائق
لقاحات كوفيد-19 للأطفال
حقوق الصورة: إم آي تي ريفيو العربية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع احتمال الموافقة على إعطاء لقاحات كوفيد-19 للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماً، تشير البيانات إلى أن الطرح الآمن للقاح قد يؤثر على المسار العام للوباء في الولايات المتحدة.

تستعد إدارة الغذاء والدواء ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كان يمكن للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماً الحصول على لقاحات كوفيد. وإليك سبب أهمية الأمر.

ستجتمع يوم الثلاثاء القادم لجنة من الخبراء في إدارة الغذاء والدواء لمناقشة ما إذا كان ينبغي الموافقة على إعطاء لقاح فايزر للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماً في الولايات المتحدة. إذا وافقت المجموعة، فسيتم تحويل القرار إلى المجلس الاستشاري للقاحات التابع لمراكز مكافحة الأمراض (ACIP)، والذي سيجتمع الأسبوع المقبل.

ووفقاً لأنتوني فاوتشي، إذا وافقت هاتان المجموعتان، فيمكن أن يبدأ إعطاء اللقاحات لملايين الأطفال في أوائل شهر نوفمبر، مع احتمال حصول معظم الأطفال على جرعتي اللقاح بحلول موسم الأعياد.

اقرأ أيضاً: هل من الجيد فعلاً البدء بإعطاء جرعات معززة من لقاحات كورونا؟

هل من الضروري حقّاً إعطاء لقاحات كوفيد-19 للأطفال؟

لكن لا تتبع كل البلدان نفس المسار الذي تتبعه الولايات المتحدة، إذ تجرب بعضها إعطاء جرعة واحدة من اللقاح، أو عدم إعطائه للأطفال الصغار. فإذا كان الأطفال أقل عرضة بكثير للإصابة بفيروس كورونا، فهل من الضروري حقاً إعطاؤهم اللقاح؟ وما هي الفوائد لكل فرد؟ وماذا عن المجتمع بشكل عام؟

يقول دين بلومبرغ، الأستاذ المشارك في الأمراض المُعدية لدى الأطفال بجامعة كاليفورنيا في ديفيس: “يتمثل الأمر الأكثر أهمية في إعطاء اللقاح للبالغين والأطفال الأصحاء بشكل عام، وعندها تكون المعايير مرتفعة للغاية. من الواضح أنه لا بدّ من أن تكون هناك فائدة لكل طفل”. ولهذا السبب، يقوم المسؤولون عند اجتماعهم بتقييم مجموعة معقدة من العوامل: 

  • ما احتمالات إصابة الطفل بمرض كوفيد؟
  • ما مقدار الحماية التي يوفرها اللقاح؟
  • ما هي الأعراض والمضاعفات المحتملة التي يواجهها الأطفال جراء أخذ اللقاح؟

مع أخذ كل هذه الأسئلة في الاعتبار، “من الواضح أن الفوائد تفوق المخاطر بالنسبة لهذه الفئة العمرية”، كما يقول بلومبرغ. وفي الواقع، أظهرت بيانات التجارب والتحليلات أن إعطاء اللقاح للأطفال من شأنه وقايتهم من الإصابة بحالات العدوى الشديدة والوفاة في كافة سيناريوهات المرض تقريبياً، مع مخاطر قليلة جداً.

ما توصلت إليه الدراسات بشأن إعطاء لقاحات كوفيد-19 للأطفال

شملت دراسة فايزر، التي بدأت في مارس/آذار 2021، ما يقرب من 2300 طفل وأعطت ثلثيهم جرعتين من اللقاح الحقيقي، بينما حصل الآخرون على لقاح وهمي. تم إعطاء جرعتي اللقاح بفاصل 21 يوماً، والمهم أنها كانت بجرعة أقل من تلك الخاصة بالبالغين، والتي كانت ثلث كمية اللقاح.

خلال الدراسة، أصيب ثلاثة أطفال تلقوا اللقاح بمرض كوفيد-19، بينما كانت هناك 16 حالة إصابة بين مجموعة اللقاح الوهمي، أي أن الفعالية بلغت 91% تقريباً. كانت الآثار الجانبية نموذجية وخفيفة بشكل عام، ولم يحدث حتى التهاب عضلة القلب، والذي يُعتبر أحد الآثار الجانبية النادرة وأدى إلى إثارة الكثير من القلق (معدل حدوثه بين البالغين تبلغ حوالي سبعة بالمليون، لذا فإن عينة بحجم 2300 شخص تعدّ صغيرة جداً).

في غضون ذلك، قالت شركة موديرنا يوم الإثنين إن دراساتها على الأطفال دون سن 12 عاماً، التي تُجرى بجرعتين بنصف جرعة البالغين وتفصل بينهما 28 يوماً، تُظهر أيضاً نتائج قوية. لن يكون هذا اللقاح مطروحاً للنقاش عندما تجتمع إدارة الغذاء والدواء، وسيتعين عليه الخضوع لنفس عملية الموافقة الذي تسلكها شركة فايزر حالياً قبل أن يتم إعطاؤه للأطفال.

خلاصة القول هي أن هذه الدراسات أظهرت أن اللقاحات تقلل من احتمال إصابة الأطفال بمرض كوفيد المصحوب بأعراض ودخول المستشفيات بالتوازي مع المعدلات لدى البالغين ودون حدوث مضاعفات ملحوظة.

اقرأ أيضاً: التطبيقات القادمة للحمض النووي الريبي المرسال قد تكون أكبر من لقاحات كورونا

هل يمكن لإعطاء اللقاحات للأطفال أن يساعد في كبح الوباء؟

لا تقتصر فوائد اللقاحات على الفرد فقط، على الرغم من أهميتها الواضحة. وعلى مستوى أوسع، تقول عالمة الأوبئة الحاسوبية مايمونا ماجومدر إن إعطاء اللقاحات للأطفال قد يكون له تأثير على منحى الوباء بحد ذاته.

وتقول ماجومدر، وهي إحدى أعضاء هيئة التدريس في مستشفى بوسطن للأطفال وكلية الطب بجامعة هارفارد: “أحد الأشياء التي تجعل الأطفال في سن المدرسة، وخاصة الصغار منهم، فريدين ليس عدد الأشخاص الذين يخالطونهم في اليوم فحسب، ولكن أيضاً تفاوت الفئات العمرية بين هؤلاء الأشخاص. فهم يخالطون أقرانهم في المدرسة وخارجها، لكنهم يختلطون أيضاً مع من هم أكبر منهم سناً من المعلمين ومقدمي الرعاية، فضلاً عن أسرهم”. وتضيف إنه بسبب ذلك، “فإننا نتوقع أن حملات اللقاح واسعة النطاق للأطفال في سن المدرسة سيساعد في الحدّ من انتقال العدوى خلال الأشهر المقبلة”.

ولا بدّ من أن نتذكر أن اللقاحات لا تسبب الوقاية من معظم حالات دخول المستشفى الناجمة عن الإصابة بمرض كوفيد فحسب، فهي أيضاً تبطئ من انتشار المرض. تشير الدراسات في الولايات المتحدة وغيرها إلى أن اللقاح يقلل من الحِمل الفيروسي، مما يقلل بدوره من انتقال العدوى. يعدّ ذلك مهماً لأن الأطفال والمراهقين يمثلون 13% من حالات الإصابة الموثقة بمرض كوفيد. وتعتبر الفئة العمرية بين 5 و11 سنة هي أكبر مجموعة متبقية من الأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح في الولايات المتحدة، إذ تضم حوالي 28 مليون طفل في جميع أنحاء البلاد.

تمثل هذه النسبة 8% من السكان، وإذا تلقى جميع أفرادها اللقاح، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة معدل اللقاح الإجمالي في الولايات المتحدة من 58% إلى 66%، والتي تعتبر قريبة جداً من عتبات المناعة الجماعية. لكن هذه النسبة قد تكون مرتفعة جداً لتحقيقها في بعض الأماكن. 

لقاحات كوفيد-19 للأطفال تساعد في تحقيق المناعة الجماعية في مواجهة المتحور دلتا

يدرس كا كيت تونغ، أستاذ الرياضيات بجامعة واشنطن، تأثير اللقاحات على انتشار السلالات. ويقول إن قابلية سلالة دلتا للعدوى تعني أنه من الضروري الوصول إلى معدل لقاح بنسبة 100% قدر الإمكان. كان تحقيق المناعة الجماعية من السلالة الأصلية لفيروس كورونا يتطلب معدل لقاح بنسبة 75% تقريباً، لكن سلالة دلتا تتطلب تغطية بنسبة 99%. ويضيف: “هذا يعني أنه لا بدّ من أخذ اللقاح من قبل كل طفل وبالغ. عند استثناء فئة من السكان، فلن ينخفض عدد التكاثر إلى أقل من 1”.

اقرأ أيضاً: شركة إيلاي ليلي تختبر طريقة لا تعتمد على اللقاحات للوقاية من فيروس كورونا

الحصول على مساعدة أولياء الأمور في لقاحات كوفيد-19 للأطفال

تشير ماجومدر أن معدلات اللقاح بين المراهقين لا تزال منخفضة، فلم يحصل على اللقاح من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عاماً سوى 46% حتى الآن. وتقول إن هذا يعود إلى حد كبير إلى مخاوف أولياء الأمور. وتضيف: “لهذا السبب، أرى أننا بحاجة إلى إعادة تركيز المناقشات حول تردد أولياء الأمور في اللقاح. هذه المشكلة ليست جديدة بأي حال من الأحوال. فقبل الوباء، كنت أدرس هذه الظاهرة في سياق الحصبة وفيروس الورم الحليمي البشري”.

ولكن في حين أن الأطفال هم أقل عرضة للإصابة بأعراض مرض كوفيد (وبالتالي أقل عرضة لنقله عن طريق السعال والعطاس)، فإن حصول هذه الفئة على اللقاح يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً مع دخول فصل شتاء آخر قد يكون صعباً. ويقول بلومبرغ من جامعة كاليفورنيا في ديفيس: “يمكن تشبيه ذلك بالإنفلونزا، وكيف نتعايش مع هذا المرض”.

تعتبر لقاحات الإنفلونزا أقل فعالية بكثير من لقاحات كوفيد، لكنها لا تزال مفيدة في حماية الأشخاص عند أخذها بانتظام من قبل عدد كافٍ من الناس. ويقول: “يتمتع معظم الناس بمناعة جزئية بالنسبة للإنفلونزا. يمكن أن يصابوا بها وأن يتحسنوا، لكنها لا تؤدي إلى دخول المستشفى أو الإصابة بحالة خطيرة من المرض لدى الغالبية العظمى من الناس ما لم يكونوا من ذوي الاضطرابات المناعية أو كبار السن”.

ويقول إنه إذا حققنا هذا النوع من النتائج ، “فلن يحدث استنزاف للمستشفيات ووحدات العناية المركزة … وإذا لم يحدث ذلك، فيمكننا إنهاء عمليات الحظر والتخلص من الكمامات”.