كيف تمكن الذكاء الاصطناعي من ابتكار أنواع جديدة من المخبوزات الهجينة؟

2 دقائق
مخبوزات هجينة من الذكاء الاصطناعي
الصورة الأصلية: سارة روبنسون | تعديل: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لنصنع بريكي وكايكي!

إذا كنت ممن يطبقون المنهج العلمي في حياتهم، وكنت كذلك -من قبيل الصدفة- مهتماً بالطهي وصناعة المخبوزات، فلعلك تساءلت يوماً عما يميز الكعك ويجعله يختلف تماماً من حيث الشكل والطعم عن الخبز وعن الرقائق المحلاّة (الكوكيز)، على الرغم من اشتراك وصفاتها تقريباً في معظم المكونات.

ربما لا يكون هذا سؤالاً وجودياً مهماً، لكنه ربما خطر ببالك العام الماضي، خاصة لو كانت جائحة كورونا قد أثرت على وظيفتك وأجبرتك على العمل من المنزل، وأتاحت لك بالتالي الفرصة للعودة لممارسة هواياتك القديمة في المطبخ.

لن يصل معظم الناس لإجابة واضحة، لكن سارة روبنسون، خبيرة البرمجة في منصة جوجل كلاود والمتخصصة في مجال التعلم الآلي، وجدت ضالتها في الذكاء الاصطناعي. وبمساعدة أحد تطبيقات التعلم الآلي التي طورتها شركة جوجل، تمكنت -إلى حد ما- من تحديد ما الذي يجعل الكعك كعكاً وما الذي يجعل الخبز خبزاً، ثم طورت فكرتها لتصنع نوعين جديدين من المخبوزات الهجينة، أطلقت على أحدهما اسم بريكي (Breakie) والآخر كايكي (Cakie).

تصميم النموذج

في البداية، حاولت سارة تصميم نموذج تعلم آلي يمكنها أن تمده بالمقادير ليخبرها تلقائياً بما إذا كان ما تصنعه خبزاً أم كوكيز أم كعكاً، ولماذا -على سبيل المثال- قد يؤدي ارتفاع محتوى الزبدة والسكر إلى جعل الوصفة أقرب إلى الكوكيز، بينما تشير الخميرة بشكل واضح إلى الخبز.

وكأي نموذج تعلم آلي، احتاج النموذج الذي شرعت سارة في تصميمه -باستخدام منصة تنسرفلو (TensorFlow)- إلى مجموعة بيانات لتدريبه، فلجأت إلى الوصفات المنتشرة على الانترنت لتخرج بـ 33 وصفة لكل من الخبز والكعك والكوكيز، بإجمالي 99 وصفة، وذلك حتى يتمكن النموذج من التعامل مع مجموعة متنوعة من المخبوزات.

هنا واجهتها مشكلة: لتغذية النموذج بالبيانات، يجب أن تكون جميع المكونات رقمية، ولكن كيف يمكن توحيد مقاييس المكونات إذا كانت بعضها تقاس بالكوب (مثل الدقيق)، وبعضها بالملعقة (مثل الملح)، وبعضها لا يمكن قياسه من الأساس (مثل البيض)؟ نظراً لأن غالبية المكونات كانت موجودة في أكواب، فقد قررت سارة تحويل كل شيء آخر إلى أكواب. فمثلاً، الملعقة الصغيرة تساوى حوالي 0.02 كوب، أما البيضة الواحدة -بعد إجراء بعض الأبحاث- فتساوي تقريباً 0.2 كوب. ثم، قررت زيادة الكميات عن طريق تحويل كل مكون إلى نسبة مئوية من إجمالي الوصفة.

وتقول خبيرة البرمجة، في منشور على مدونتها الخاصة، إن دقة نموذجها وصلت -بعد التدريب- إلى 90%. وبات بالإمكان مدُّه بقوائم المكونات، ليخرج بتنبؤ حول نوع المخبوزات، مثلما يتضح في الصورة التالية:

نموذج يحدد نوع المخبوزات
يعتقد النموذج أن هذه المقادير ستنتج كعكاً بنسبة 96%.
مصدر الصورة: سارة روبنسون

التلاعب بالمكونات

يمكن للنموذج الآن توقع نوع الوصفة بدقة عالية، لكن خبيرة البرمجة بدأت تتساءل: كيف ستبدو الوصفة التي لا يستطيع النظام تحديدها؟ لذا، فقد تلاعبت بالمكونات حتى وجدت توازناً جعل النموذج يقول إن ما يتم صنعه يتأرجح بين الكعك والكوكيز بنسبة 50/50. وهنا ظهرت الوصفة الأولى المُهجنة “كايكي”، وهي -كما قد تكون خمنت- دمج لكلمتي كوكي (Cookie)وكعك (Cake) معاً. وتقول سارة إن مذاق الحلوى الجديدة كان لذيذاً، ومن الغريب أنه يشبه ما كانت تتخيله تماماً.

وفي شهر ديسمبر الماضي، تعاونت سارة مع مهندسة الذكاء الاصطناعي دايل ماركويتز، لبناء النسخة الثانية من النموذج، باستخدام مجموعة بيانات أكبر وأدوات جديدة ونموذج توضيحي. كما توصلت الباحثتان إلى وصفة هجينة جديدة: “البريكي”، التي من المؤكد أنك خمنت هذه المرة أنها دمج لكلمتي خبز (Bread) وكوكي (Cookie).

دايل تجرب أول قضمة من الكايكي
دايل تجرب أول قضمة من الكايكي.
مصدر الصورة: جوجل

واستخدمت الباحثتان في هذا المشروع إحدى أدوات جوجل كلاود، وتدعى (AutoML Tables)، التي تتيح للمبرمجين إنشاء نماذج التعلم الآلي من خلال واجهات المستخدم الرسومية بدلاً من برمجة الحاسوب التقليدية. وزاد حجم مجموعة البيانات في النسخة الثانية من النموذج، بعدما تم جمعها هذه المرة من حوالي 600 وصفة متوافرة على الإنترنت.

والآن..

بعدما اطلعت على الخلفية العلمية لهذه المخبوزات الجديدة، يمكنك تجربة النموذج بنفسك من هنا. ومن يدري، ربما تتمكن من صنع شيء لم يسبق له مثيل، يُسجل باسمك للأبد.