وأخيراً… اكتشاف فائدة فعلية للعقود الذكية في البلوك تشين

3 دقائق
مصدر الصورة: إم إس تك
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من المرجح أنك سمعت أن تكنولوجيا البلوك تشين تحتوي على ما يسمى: “العقود الذكية”، التي ستُحدِث ثورة في حياتنا. ولكن هناك مشكلة، فقبل أن تُحدث العقود الذكية ثورة -أو تحدث أي شيء ذي فائدة عموماً- فهي في حاجة إلى طريقة موثوقة للاتصال بالأحداث في العالم الحقيقي، وهو أمر كان مستحيلاً حتى الآن. وهذه المشكلة تسمى: “مشكلة العرَّافة”، وهي تحدٍّ تقنيٌّ ما زال يقف في طريق تحرر تقنية البلوك تشين من قيودها لتصبح جزءاً من حياتنا اليومية.

ولكن قد يتغير هذا الأمر؛ حيث تقوم شركة ناشئة باسم “تشين لينك” بالجمع ما بين برمجياتها ونظام عتاد صلب موثوق يسمى تاون كراير، تم تطويره من قِبل مجموعة بحثية أكاديمية متخصصة في العملات المشفرة. وبالجمع ما بين هذين النظامين، قد يصبح حل المشكلة ممكناً.

وتُعرف العقود الذكية بأنها برامج حاسوبية مخزَّنة في البلوك تشين، ويمكن استخدامها لأتمتة عملية لا يمكن إيقافها لنقل العملات المشفرة بين المستخدمين وفقاً لشروط متفق عليها سابقاً. أما “العرَّافات” فهي مصادر معلومات في الزمن الحقيقي تقوم بتوصيل بيانات عن أشياء متعددة (مثل الطقس وأسعار العملات ومعلومات رحلات الطيران والإحصائيات الرياضية) إلى العقود الذكية.

وتقوم الفكرة على الجمع ما بين النظامين؛ وذلك للسماح للخدمات المبنية على البلوك تشين بالتفاعل مع أحداث العالم الحقيقي بدرجة ثقة أعلى مما هو متاح في خدمات العرافات الحالية، فمثلاً إذا تم إلغاء رحلتك بعد أن تكون قد اشتريت تأميناً على الطيران، فقد يقوم العقد الذكي بدفع المبلغ إليك فورياً بعد الحصول على تحديث من مصدر موثوق حول مواعيد الرحلات.

إذن ما المشكلة؟ إن خدمات العرافات الموجودة حالياً تناقض الهدف الأساسي من استخدام البلوك تشين، وذلك كما يقول سيرجي نازاروف (المدير التنفيذي لتشين لينك). ففي منصة إيثيريوم مثلاً، تقوم جميع العقد المشاركة في الشبكة بحساب كل واحد من العقود الذكية، مما يجعل من المستحيل عملياً إيقاف عمل هذه البرامج. ولكن خدمات العرافات الحالية تعمل بطريقة مركزية للغاية، كما يقول نازاروف، وهو ما يمثل نقطة فشل وحيدة ومركزة تمثل هدفاً سهلاً للتلاعب والعبث.

وهذا يعني أن العقود الذكية تفتقر إلى الوصول إلى بيانات العالم الحقيقي بطريقة موثوقة، وبدون هذا فهي تشبه “مدينة دون كهرباء، وبالتالي فلا يمكنك أن تفعل أي شيء مثير للاهتمام”، وذلك على حد تعبير آري جويلز (وهو بروفسور مختص بعلوم الحاسوب في كورنيل).

وقد قام جويلز وزملاؤه في مبادرة كورنيل للعملات المشفرة والعقود الذكية بتطوير تاون كراير، وهم يصفونه بأنه “جسر موثوق للغاية” ما بين منصة إيثيريوم للبلوك تشين ومصادر البيانات على الإنترنت التي تعمل ببروتوكول HTTPS، أما المكون الأساسي لهذا النظام فهو برنامج يعمل ضمن عتاد صلب معزول يسمى: الجيب المغلق.

وهذا الجيب يحمي البرنامج من الهجمات الخبيثة، ويحافظ على سرية العمليات الحسابية. ويتلقى البرنامج استعلامات بيانات من العقود الذكية (مثل استعلام من عقد ذكي لتأمين الطيران حول إلغاء رحلة ما)، ومن ثم يبحث عن الإجابات من مواقع الويب، ويعيد إرسالها إلى البلوك تشين. وباستخدام التشفير، وعلى فرض أن العتاد الصلب موثوق، يقدم البرنامج برهاناً لعقد تأمين الطيران أن البيانات أتت فعلاً من تاون كراير ولم تتعرض للعبث.

قد يكون تاون كراير أكثر موثوقية من مصادر البيانات الأخرى، ولكنه لا يقوم وحده بتقديم الموثوقية التي تقدمها الأنظمة اللامركزية، وهنا يأتي دور تشين لينك؛ حيث إن برنامجها ينسق عمل شبكات العرافات الموزعة لاستخلاص البيانات من عدة مصادر وتقديمها إلى الخدمات المبنية على العقود الذكية، بحيث لا تضطر إلى الاعتماد على مصدر واحد.

وباستخدام التشفير، تقدم خدمة تشين لينك برهاناً على البلوك تشين أن هذه البيانات هي المطلوبة بالفعل. ويمكن للزبائن أن يدفعوا لقاء مستويات مختلفة من اللامركزية، كما يمكن للعُقَد أن تجني المال بالمقابل من تسليم البيانات. ويقول نازاروف إن الجمع ما بين برنامج تشين لينك وعتاد تاون كراير الصلب يعتبر أول “شبكة عرافات لامركزية محمية بشكل مثبت”.

وقد عقدت تشين لينك شراكات مع عدة مشاريع للعقود الذكية لاستعراض عمل وقدرات شبكة العرافات الخاصة بها، فهناك مثلاً مشروع باسم: أوبين لاو، وهو يقوم على تطوير اتفاقات قانونية مبنية على العقود الذكية، ويعتمد على عرافات تشين لينك لتحديد أسعار بيع العملة وشرائها ما بين الدولار والإيثر في أي وقت. يقول آرون رايت (المؤسس المشارك في أوبين لاو): “لا أعلم ما إذا تمكن أحد ما من حل مشكلة العرافة تماماً”، ولكنه يقول أيضاً إن تشين لينك وتاون كراير يمثلان “محاولة أولى جيدة”.