كيف تعمل مايكروسوفت على تهديد جوجل في سوق محركات البحث؟

4 دقائق
كيف تعمل مايكروسوفت على تهديد جوجل في سوق محركات البحث؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Pe3k
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

خلال الأسبوع الماضي ضجت المنافذ الإخبارية بقصة اتجاه شركة مايكروسوفت لدمج بوت الدردشة المدعوم بالذكاء الاصطناعي والمثير للجدل تشات جي بي تي (ChatGPT) في محرك البحث التابع لها بينغ (Bing)، وذلك للاستفادة من الإمكانات الثورية التي قدمها البوت في الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها المستخدمون، بهدف رئيسي وهو اقتطاع جزء أكبر مما لديها بالفعل من سوق محركات البحث الذي يهيمن عليه بقوة محرك البحث جوجل.

التحدث بين البشر والحواسيب أصبح أقرب مما هو متوقع

منذ سنوات اتجهت معظم شركات التكنولوجيا الكبرى مثل ميتا وجوجل وأمازون إلى تصدير فكرة أن الدردشة مع أجهزة الحاسوب (البوتات) هي المستقبل، وهذا ما رأيناه في السباق المحموم بينها في سوق صناعة المساعدات الرقمية الافتراضية، والآن مع ظهور بوت تشات جي بي تي فإن الأمر ربما أصبح أقرب مما يبدو، حيث أثبت أن ما ينتظرنا في قادم السنوات أبعد بكثير من التفاعل النصي أو التفاعل الصوتي المحدود الموجود حالياً.

وبعد ما أظهره بوت تشات جي بي تي من إمكانيات ثورية وأحياناً قد تبدو مخيفة في تقديم الإجابات عن الأسئلة التي تُطرح عليه، يمكن أن يُنذر باضطرابات كبيرة في المستقبل للشركات التي لديها محركات بحث، وعلى رأسها شركة جوجل، حيث يقدم البوت طريقة مختلفة عن منهجية البحث العادية المتبعة الآن. على سبيل المثال ما عليك سوى كتابة أمر البحث وستجد أمامك نتيجة مباشرة تبدو شبه مثالية سواء كانت مقالاً أو خبراً أو حتى وصفة طعام، بدلاً من الواجهة التي تحتوي على روابط URL للإحالة إلى المواقع والمتبعة في جميع محركات البحث الحالية.

اقرأ أيضاً: ما هو تشات جي بي تي (ChatGPT)؟ وهل سيزلزل عرش جوجل ويهدد وظائف البشر؟

كيف تخطط مايكروسوفت لدمج بوت تشات جي بي تي في محرك البحث بينغ؟

باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الكامنة وراء بوت تشات جي بي تي تخطط مايكروسوفت لتقديم إجابات أكثر شمولاً للأسئلة، بدلاً من مجرد روابط إلى مواقع الويب أو إجابات مختصرة في الواجهة. وعلى الرغم من أن كلاً من محركي البحث (جوجل وبينغ) يعرضان بالفعل إجابات ذات صلة عبر الروابط في الجزء العلوي من استعلامات البحث، ولكن بطاقات المعلومات في محرك البحث جوجل أكثر شمولاً، وبشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالبحث عن معلومات حول الأشخاص والأماكن والمؤسسات والأشياء.

لذا يمكن أن يساعد استخدام مايكروسوفت للوظائف التي يقدمها بوت تشات جي بي تي في محرك البحث بينغ على منافسة المنهجية التي تستخدمها جوجل، والتي تُسمى الرسم البياني المعرفي من جوجل  (Google Knowledge Graph) وهي عبارة عن قاعدة معرفية تستخدمها جوجل لتقديم إجابات فورية يتم تحديثها بانتظام من عناكب الزحف على الويب وتعليقات المستخدمين.

اقرأ أيضاً: ما الذي يعرفه نموذج الذكاء الاصطناعي جي بي تي 3 عني؟

ومن ثم إذا تمكنت مايكروسوفت من دمج بوت تشات جي بي تي المدعوم بتقنية الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح في محرك البحث بينغ،  فإنها يمكن أن تمثل تهديداً مباشراً لهيمنة محرك البحث جوجل في سوق محركات البحث، لأن محرك البحث بينغ لن يكون فقط قادراً على تقديم نتائج بحث دقيقة، ولكن سيكون أيضاً قادراً على الإجابة عن أسئلة بحث المستخدمين بطريقة شبيهة بالبشر، وهو ما يمكن أن يعيد تشكيل صناعة محركات البحث بالكامل.

كيف ستبدو تجربة البحث في بينغ مع دعم بوت تشات جي بي تي؟

بشكل أساسي، يمكن أن يوفر الانتقال إلى عملية البحث والاكتشاف من نوع (السؤال والجواب) إلى تقديم تجربة مستخدم أفضل، ولكنه سيقلل أيضاً من مقدار زيارة مواقع الويب القادمة من محركات البحث، وهذا يعني إذا تمكنت مايكروسوفت من دمج بوت تشات جي بي تي في محرك البحث بينغ، فإنه لا توجد حاجة للذهاب فعلياً إلى موقع الويب نفسه.

فهذا يعني أنه سيتم توفير الإجابة الكاملة في الصفحة الرئيسية لمحرك البحث، والذي يمكن أن يكون مفيداً للغاية ويختصر وقت زيارة عدة مواقع الويب للعثور على الإجابة الصحيحة. ولكن في الوقت نفسه بدون وجود روابط إحالة لمواقع الويب، فإن الموقع الوحيد الذي يستفيد من هذا التفاعل هو بوت تشات جي بي تي نفسه.

قد يؤدي ذلك إلى تقليل أرباح الإعلانات لمواقع الويب وقد يقضي عليها كُلياً، لأنه لن يكون هناك ميزة أهم نتائج البحث التي تتنافس مواقع الويب عبرها لتصدر نتائج البحث، ومن ثم ما لم يتم تضمين نتائج بحث مدفوعة في نتائج بحث واجهة محرك بحث بينغ المدعوم بخوارزميات بوت تشات جي بي تي، يمكن أن نرى تغييراً كبيراً في نماذج إيرادات محركات البحث وعمليات تحسين محركات البحث.

اقرأ أيضاً: بوت تشات جي بي تي مبدع وسهل الاستخدام لكن مخاطره كثيرة

تجدر الإشارة إلى أن شركة مايكروسوفت لديها شراكة راسخة مع شركة أوبن أيه آي (Open AI) المطورة لبوت المحادثة تشات جي بي تي، ونموذج توليد الصور المدعوم بالذكاء الاصطناعي دال – إي 2 (Dall-E 2)، حيث استثمرت في عام 2019 مبلغ مليار دولار في الشركة الناشئة، ولديها تصريح حصري لاستخدام إمكانيات بوت الدردشة تشات جي بي تي في خدمتها السحابية مايكروسوفت أزور (Microsoft Azure).

والآن مع هذا التوجه الجديد بدمج بوت تشات جي بي تي في محرك البحث التابع لها والمتوقع له أن يتوفر للجميع في نهاية شهر مارس من العام الحالي 2023، فإن مايكروسوفت قد تبدو أخيراً في موقف قوة لمنافسة جوجل في سوق محركات البحث الذي يسيطر عليه محرك البحث جوجل بنسبة استخدام تصل إلى أكثر من 92%، بينما يأتي محرك البحث مايكروسوفت بينغ في المركز الثاني بنسبة استخدام تصل إلى 3% فقط.

اقرأ أيضاً: الجميع في انتظار جي بي تي 4 وأوبن أيه آي ما زالت تحاول إصلاح الإصدار السابق

مع روبوت المحادثة الجديد المدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، سيكون لدى المستخدمين سبباً واضحاً لاستخدام خدمة البحث المملوكة لمايكروسوفت بدلاً من محرك البحث جوجل. حيث تراهن الشركة على واجهات الدردشة المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بدلاً من التطبيقات باعتبارها الطريقة الأساسية لاستخدام الإنترنت والعثور على المعلومات، ويبدو أن الشركة تريد جعل ذلك حقيقة مع دمج روبوت تشات جي بي تي داخل محرك بحث مايكروسوفت بينغ.