نظارات هولولنز من مايكروسوفت تُمكّن الأطباء من التعاون خلال العمليات الجراحية

4 دقائق
نظارات هولولنز من مايكروسوفت تُمكّن الأطباء من التعاون خلال العمليات الجراحية
الصورة الأصلية: شركة مايكروسوفت | تعديل: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قبل عقد واحد من الزمان، كان من الصعب أن يتصور الجراحين ما يمكن أن تتيحه تقنية الواقع المختلط في المجال الطبي، أو تخيل أن يتعاون أكثر من جراح تفصل بينهم مئات الآلاف من الأميال لإجراء عمليات جراحية مشتركة في نفس الوقت.

استخدام هولولنز 2 أثناء الجراحة

اليوم، يبدو أن جهاز “هولولنز 2” (Microsoft HoloLens) الذي طورته شركة مايكروسوفت قد جعل هذا الأمر ممكناً، بل وبتكاليف زهيدة نسبياً. فخلال الأشهر الثلاثة الماضية، استخدم 12 طبيباً من مختلف أنحاء العالم -بما فيهم أطباء من دولة الإمارات العربية المتحدة- “هولولنز 2″، للتعاون معاً أثناء العمليات الجراحية.

وتوضح شركة مايكروسوفت، في مقال نشر على موقعها الإلكتروني، أن جهاز “هولولنز 2” عبارة عن نظارة واقع مختلط يمكن استخدامها في العديد من المجالات، بما فيها القطاع الطبي، حيث يتم تشغيلها أثناء العمليات الجراحية عن طريق إيماءات اليد والأوامر الصوتية، ما يتيح للجراحين عرض صور الأشعة السينية لأطراف المريض وغيرها من الأشعة على شكل صور افتراضية ثلاثية الأبعاد، وإمكانية تحريكها لرؤيتها من زوايا مختلفة.

كذلك يتيح هذا النظام للأطباء إمكانية الوصول إلى بيانات المريض أثناء الجراحة، واستدعاء مقاطع الفيديو أو المراجع للمساعدة في حل المشكلات والاتصال بمتخصصين آخرين للحصول على المشورة في الوقت الفعلي.

تم تطوير النسخة الأولى من هولولنز بواسطة مهندس البرمجيات البرازيلي أليكس كيمبان، الذي استخدم تقنية الواقع المختلط، والتي تعني دمج ومزج الأجسام المادية الموجودة في العالم الحقيقي مع الصور المجسمة الموجودة في الواقع الافتراضي بحيث تبدو وكأنها موجودة معا في بيئة مشتركة. ويمكن لمن يرتدي نظارات الواقع المختلط مشاهدة هذه الصور والتحكم فيها مع الاستمرار في رؤية العالم الحقيقي من حوله.

وقد طرحت مايكروسوفت النسخة الأولى من الجهاز للبيع عام 2016، وأُجريت أول جراحة باستخدامه في العام التالي. وفي شهر نوفمبر 2019، تم إصدار النسخة الثانية من الجهاز: نظارات هولولنز 2.

وتشير الشركة، في مقال أخر منشور على مدونتها، إلى أن النسخة المحسنة من الجهاز تتميز بقدرتها على التعرف تلقائياً على الأشخاص في المرة الأولى التي يرتدون فيها النظارات، وتقيس كل شيء بدءاً من الشكل الدقيق لأيديهم وحتى المسافة بين أعينهم. كذلك تمت إضافة مستشعرات تتّبع العين لجعل التفاعلات مع الجهاز تبدو طبيعية أكثر، وإمكانية التعرف على قزحية العين لتمكين المستخدمين من تسجيل الدخول كبديل لكلمات المرور أو غيرها من أشكال الفحص الأمني.

المكونات الداخلية لنظارة “هولولنز 2”. مصدر الصورة: شركة مايكروسوفت

ربع العالم في غرفة العمليات

إحدى الجراحات الحديثة التي استخدمت فيها نظارات هولولنز 2، أُجريت في شهر ديسمبر الماضي، حيث نفذ جراح العظام الدكتور برونو جوباتو، جراحة معقدة لكتف مريض في مدينة خاراجوا دو سول بالبرازيل، بالتعاون مع اثنين من زملائه هما الدكتور توماس جريجوري رئيس قسم جراحة العظام في مستشفى ابن سينا في باريس، والدكتور جون إريكسون المقيم في نيو جيرسي بالولايات المتحدة.

خلال العملية اتصل كلاً من جريجوري واريكسون بنظارة جوباتو عبر تطبيق Microsoft Dynamics 365 Remote Assist، وتشارك الطبيبان مجال رؤية جوباتو على شاشات الحاسوب من خلال تقنية مايكروسوفت تيمز (Microsoft Teams). وناقش الجراحون الذين يعملون في ثلاث قارات مختلفة كيفية التعامل مع عظمة الترقوة التالفة للمريض، وتبادلوا أساليب العمل الخاصة بكل منهم.

وحول هذه العملية يقول جوباتو: “كان لدينا منظور فرنسي وأميركي وأميركي لاتيني. كان لدينا ربع العالم داخل غرفة العمليات”.

وتوضح مايكروسوفت أن هذه العملية كانت جزءاً من مشروع أطلقه جريجوري، يهدف إلى إظهار كيف يمكن لجهاز هولولنز 2 أن يفيد الجراحين ويساهم في التعاون بين الأطباء في جميع أنحاء العالم. وقد شارك في المبادرة عدد من جراحي العظام في 13 دولة في خمس قارات.

جراحة ثورية في الإمارات

إحدى الجراحات الأخرى التي اُستخدمت فيها هذه التقنية مؤخراً تمت في دولة الإمارات، حيث نجح فريق جراحي في مدينة برجيل الطبية في أبو ظبي، في إجراء عملية جراحية في الركبة مدتها ساعة لمريضة إماراتية كانت تعاني من آلام شديدة وخشونة في الركبة وانحراف في مفصل الركبة، لمدة تزيد عن ثلاث سنوات.

ونقلت صحيفة الاتحاد الإماراتية عن الدكتور راشد آل شعيل، رئيس قسم جراحة العظام في المستشفى، قوله إن “نظارة هولولنز تستخدم تقنية الواقع المعزز التي تُمكن المستخدم من رؤية العالم الحقيقي والتفاعل معه من خلال صور ثلاثية الأبعاد، ما يساعد الأطباء على تحديد المشكلات بشكل أسرع وضمان الدقة في العمليات الجراحية، حيث يحتوي الجهاز على العديد من أجهزة الاستشعار والكاميرات التي تغطي العالم الحقيقي بصور ثلاثية الأبعاد وتسمح للمستخدمين بالتفاعل مع الصور المجسمة من خلال إيماءات اليد أو الأوامر الصوتية”. وأضاف أن هذه التقنية تمثل “ثورة علاجية جديدة”.

بدوره، أوضح استشاري جراحة العظام الدكتور جابر الخييلي أن هذه التقنية ثلاثية الأبعاد تسمح بالتواصل المباشر والفعال في الوقت نفسه بين الأطباء من جميع التخصصات، وتُمكنهم من رؤية العملية عبر تطبيقات عدة، بالإضافة لإتاحة إمكانية الاطلاع على بيانات المريض في وقت العملية والحصول على الاستشارة في نفس وقت العملية من أي طبيب حول العالم.

مصدر الصورة: شركة مايكروسوفت

تطبيقات متعددة

كانت مايكروسوفت قد دخلت في شراكة جريجوري وعدد أخر من الأطباء لإنشاء معهد موفيو (Institut Moveo)، وهو مركز أبحاث مخصص لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الجراحة. ويجمع المركز الواقع في جامعة “السوربون باريس نورد” بين علماء الحاسوب وعلماء الرياضيات والجراحين، للتدريب على استخدام هولولنز في الجراحة.

ويعتبر جريجوري أن الجهاز يتميز بميزة هامة، وهي انخفاض تكلفته كثيراً (3500 دولار) مقارنة بالروبوتات الجراحية التي بدأ استخدامها مؤخراً، والتي يمكن أن تبلغ تكلفتها حوالي 2 مليون دولار، وبالتالي فإنه يتيح إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في الجراحة حتى في المرافق الطبية الصغيرة والمناطق النائية.

في النهاية، ترى الشركة أن استخدامات هولولنز 2 لن تتوقف على مساعدة الجراحين، وإنما تمتد إلى عدد من التطبيقات الإضافية في قطاع الرعاية الصحية، منها مثلاً تمكين طلاب الطب من إجراء جولات افتراضية في المستشفيات، وعلاج المرضى المصابين بفيروس كوفيد-19، وحتى محاكاة مختلف الحالات المرضية باستخدام تقنية هولوبايشنت “HoloPatient”، بهدف تدريب الأطباء وتوحيد الخطوات العلاجية.