كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينقذ الأرواح دون أن يكشف عن الأسرار الطبية؟

2 دقائق
مصدر الصورة: أرييل ديفيس
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث تغييرات هائلة في الرعاية الصحية، ولكن هذا لن يأتي من دون ثمن كبير.

ستحتاج خوارزميات الذكاء الاصطناعي إلى كميات هائلة من البيانات الطبية التي ستستخدمها للتدريب قبل أن يستطيع التعلم الآلي تقديم أساليب جديدة وفعالة لتحديد أسباب الأمراض وفهمها. وهذا يتضمن الصور الطبية والمعلومات الجينية والسجلات الإلكترونية الصحية، وجميعها معلومات حساسة.

ولهذا، يعمل الباحثون على ابتكار وسائل تسمح للذكاء الاصطناعي بالتعلم من كميات كبيرة من البيانات الطبية مع منع هذه البيانات من التسرب قدر الإمكان.

وسيتم اختبار إحدى الطرق الواعدة على نطاق واسع في مدرسة ستانفورد الطبية في كاليفورنيا؛ حيث يستطيع المرضى هناك اختيار تقديم بياناتهم الطبية إلى نظام ذكاء اصطناعي يمكن تدريبه على تشخيص أمراض العيون دون أن يصل إلى التفاصيل الشخصية للمرضى.

ويقدم المرضى نتائج اختبارات العيون وبيانات السجلات الصحية باستخدام تطبيق مخصص لذلك. ومن ثم تُستخدم المعلومات لتدريب نموذج تعلم آلي على كشف دلالات أمراض العيون (مثل اعتلال الشبكية السكري والماء الأزرق) في الصور. ولكن البيانات محمية عن طريق تكنولوجيا طورتها مختبرات أواسيس -وهي شركة ناشئة تفرعت عن جامعة كاليفورنيا بيركلي- وهي تضمن عدم تسريب أو إساءة استخدام المعلومات. وقد حصلت الشركة الناشئة مؤخراً على الإذن لبدء الاختبارات من مدرسة ستانفورد الطبية، وذلك بالتعاون مع باحثين من جامعة كاليفورنيا بيركلي وجامعة ستانفورد والمعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ.

وتمثل حساسية البيانات الخاصة للمرضى مشكلة كبيرة؛ فبرغم أن الخوارزميات التي تدربت على بيانات من مستشفيات مختلفة يمكن أن تقوم بتشخيص الأمراض ومنع الإصابات وإنقاذ الأرواح، إلا أنه في الكثير من البلدان توجد عوائق قانونية كبيرة أمام مشاركة السجلات الطبية واستخدامها لتدريب الخوارزميات. وإن الأبحاث حول استخدام الذكاء الاصطناعي لكشف الأمراض في الصور الطبية أو البيانات عادة ما تتضمن مجموعات بيانات صغيرة نسبياً، وهو ما يحد إلى درجة كبيرة من إمكانات هذه التكنولوجيا.

تقول داون سونغ، إحدى مؤسسي مختبرات أواسيس وبروفسورة في جامعة كاليفورنيا بيركلي: “من الرائع أن نتمكن من العمل مع بيانات سريرية حقيقية، وسنتمكن من إثبات جدوى هذه التكنولوجيا”.

تقوم أواسيس بتخزين البيانات الخاصة للمرضى على شريحة محمية، تم تصميمها بالتعاون مع باحثين آخرين في بيركلي. وتبقى البيانات ضمن السحابة الإلكترونية لأواسيس، وتستطيع الأطراف الخارجية تشغيل الخوارزميات على البيانات وتلقي النتائج دون الخروج من النظام. يتم تشغيل عقد ذكي -وهو برنامج يعمل ضمن نظام بلوك تشين- عند تلقي طلب للوصول إلى البيانات. يسجل هذا البرنامج كيفية استخدام البيانات ويتحقق من تشغيل حسابات التعلم الآلي بشكل صحيح.

تقول سونج: “سيثبت هذا قدرتنا على مساعدة المرضى في المساهمة ببياناتهم بطريقة آمنة”. وتضيف أن نموذج أمراض العيون سيصبح أكثر دقة مع جمع المزيد من البيانات. ويمكن أن تسهل هذه التكنولوجيا أيضاً من تطبيق الذكاء الاصطناعي على معلومات حساسة أخرى، مثل السجلات المالية أو عادات الشراء الفردية أو بيانات تصفح الإنترنت، وتقول سونج إنها تخطط لتوسيع التطبيقات الطبية قبل الانتقال إلى مجالات أخرى.

يقول ديفيد إيفانز، المختص بالتعلم الآلي والحماية في جامعة فرجينيا: “إن فكرة إجراء الحسابات مع الحفاظ على سرية البيانات فكرة رائعة للغاية”. وعند تطبيقها على المستشفيات ومجموعات المرضى، على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التعلم الآلي إلى أساليب جديدة تماماً لربط الأمراض مع الجينات ونتائج الاختبارات وغيرها من معلومات المرضى.

يقول إيفانز: “من الجيد أن يتمكن الباحث الطبي من التعلم باستخدام البيانات الطبية للجميع، حيث يستطيع مثلاً أن يجرب فعالية دواء معين، ولكن هذا غير ممكن حالياً”.

وعلى الرغم من الاحتمالات التي تقدمها أواسيس، إلا أن إيفانز ما زال يشعر ببعض التحفظ، حيث يلحظ أن تخزين البيانات ضمن عتاد صلب محمي يؤدي إلى ظهور نقطة ضعف محتملة يؤدي فشلها إلى تعطيل النظام بأكمله. وإذا تعرضت الشركة التي تصنع هذا العتاد الصلب إلى الاختراق، فقد تصبح جميع البيانات المعنية معرضة للاختراق أيضاً، كما يضيف أن أنظمة البلوك تشين ما زالت غير موثوقة نسبياً.

يقول إيفانز عن طريقة أواسيس: “هناك عدة تكنولوجيات تتكامل معاً في هذا الموضوع؛ بعضها وصل إلى مرحلة النضج، في حين أن البعض الآخر ما زال جديداً للغاية ومعرضاً للكثير من التحديات”.