دراسة إماراتية تبتكر طريقة جديدة لتحسين الكشف عن العناصر المهرَّبة في المطارات

4 دقيقة
دراسة إماراتية تبتكر طريقة جديدة لتحسين الكشف عن العناصر المهرَّبة في المطارات
حقوق الصورة: Shutterstock.com/ChameleonsEye

يُعدّ اكتشاف العناصر المحظورة المخفية داخل الأمتعة من أكثر المهام تحدياً، حتى بالنسبة للخبراء البشر.

وتستخدم المطارات ومراكز التسوق وغيرها من الأماكن أجهزة المسح بالأشعة السينية على نطاقٍ واسع للكشف عن الأنشطة غير القانونية. ومع ذلك، فإن زيادة حجم الأمتعة يجعل العملية برمتها مرهقة وتستغرق وقتاً طويلاً وعرضة للأخطاء البشرية. لذلك، سعت دراسة نشرها باحثون من جامعتي أبوظبي وخليفة بالإمارات العربية المتحدة إلى تطوير طريقة جديدة لتحسين قدرات التعرف إلى الأجسام المخفية والمهربة داخل الأمتعة.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يساعد على تغيير قواعد التفتيش الأمني في المطارات

التجزئة الدلالية للصورة لا تكفي

تزايدت في الآونة الأخيرة الدراسات التي تهدف إلى تطوير عمليات فحص مؤتمتة باستخدام الأشعة السينية. ومع ذلك، لا تزال أنظمة الكشف عن التهديدات الموجودة حالياً عرضة للتشويش والخداع. علاوة على ذلك، فهي تحتاج إلى إجراءات تدريب شاملة على بيانات مفصلة وواسعة النطاق لتحقيق نتائج دقيقة.

أحد أنواع تجزئة الصور الواعدة في هذا السياق هي التجزئة الدلالية (Semantic Segmentation) وذلك بفضل قدرتها على التعرّف إلى كل بكسل على حدة واستخراج الأجسام المخفية بفاعلية وتحديد التهديدات الموجودة داخل الأمتعة. يمكن تعريف التجزئة الدلالية بأنها مهمة رؤية حاسوبية تحدد مجموعات البكسلات في الصورة وتُصنّفها وفقاً لخصائص مختلفة باستخدام خوارزمية تعلم عميق. والتجزئة الدلالية هي واحدة من 3 فئات فرعية في العملية الشاملة لتجزئة الصورة التي تساعد أجهزة الكمبيوتر على فهم المعلومات المرئية. الفئتان الفرعيتان الأخريان لتجزئة الصورة هما تجزئة المثيل (Instance Segmentation) والتجزئة المتكاملة (Panoptic Segmentation).

ومع ذلك، تعاني أطر التجزئة الدلالية قيداً متأصلاً في التمييز بين الأوضاع المشوشة أو المتداخلة للجسم نفسه. ولتوضيح هذه النقطة عملياً، يمكن النظر في المثال التالي الذي يوضّح اختلاف تقنيات اكتشاف سكين موضوعة فوق سكين أخرى.

الشكل 1: (أ) الصورة الأصلية. (ب) العناصر المشبوهة المستخرجة باستخدام التجزئة الدلالية. (ج) العناصر المستخرجة باستخدام نهج تجزئة المثيل المقترح.

للتغلب على المشكلات التي تعانيها التجزئة الدلالية، سعى الباحثون في دراستهم المنشورة في دورية التعرّف إلى الأنماط (Pattern Recognition) تحت عنوان "محول التفافي تدريجي للكشف عن التهديدات في الأمتعة" إلى تطوير نظام محول التفافي (Convolutional Transformer) جديد يتعرف إلى أنواع متداخلة مختلفة من العناصر المحظورة باستخدام عمليات المسح بالأشعة السينية للأمتعة من خلال مخطط تجزئة مثيل تدريجي. وتوضّح الورقة البحثية أن الإطار المقترح يسمح بدمج تدريجي لأنواع جديدة من العناصر مع تجنب إعادة إجراءات التدريب المكلفة.

شارك في الدراسة كلٌّ من الدكتور تيمور حسن والدكتور محمد غزال الباحثان في قسم الهندسة الكهربائية والحاسوبية والطبية الحيوية بجامعة أبوظبي، والدكتور بلال حسن والدكتور محمد عويس وديفيا فيلايودان والدكتور خورخي دياس والدكتور نوفل الورغي الباحثون في قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر بجامعة خليفة.

اقرأ أيضاً: كيف تحل القوارب الطائرة مشكلة التلوث البحري؟

ميزات تجزئة المثيل الدلالية

يقول الباحثون إنه في بيئة المراقبة والتفتيش، وتحديداً في سياق اكتشاف تهديدات الأمتعة، تتمتّع تجزئة المثيل الدلالية (Instance Semantic Segmentation) بالعديد من المزايا مقارنة بالتجزئة الدلالية. ومن هذه المزايا:

  • من خلال البحث عن كل "مثيل" على حدة، تقل بشكلٍ كبير حالات الاكتشاف الخاطئة التي ترتكبها الأنظمة المؤتمتة، ما يقلل في نهاية المطاف معدل النتائج السلبية الكاذبة، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لتطبيقات الأمن خاصة تلك المتعلقة بالطيران.
  • غالباً ما تعاني أمتعة الركاب الفوضى، ما يحجب العناصر الخطرة جزئياً أو كلياً بواسطة أشياء أخرى. يمكن لتجزئة المثيل الدلالية التعامل مع الحجب بشكلٍ أفضل من التجزئة الدلالية من خلال استخراج كل مثيل على حدة، ما يعني أنه حتى إذا تم حجب جسم مشبوه جزئياً، فإن تجزئة المثيل ستظل قادرة على تحديده وترسيمه بدقة.
  • تستنتج تجزئة المثيل الدلالية معلومات مفصلة ودقيقة عن الأجسام الفردية والعناصر المشبوهة على وجه الخصوص. يُعدّ هذا المستوى من التفصيل بالغ الأهمية لتحديد السمات أو الخصائص المحددة للأجسام المشبوهة مثل شفرة السكين أو زناد المسدس. وتسمح تجزئة المثيل باكتشاف هذه التفاصيل الدقيقة بشكلٍ أفضل، وبالتالي تحديد التهديدات المحتملة التي قد لا تكون قابلة للتمييز باستخدام التجزئة الدلالية وحدها.

ويوضّح الباحثون أن تدريب النماذج التقليدية من الصفر للتعامل مع الأنواع الجديدة من العناصر المشبوهة هو حل غير عملي ويتطلب موارد كبيرة، ما يحدُّ من إمكانية استخدامها في العالم الحقيقي للكشف عن التهديدات الموجودة في الأمتعة.

أهمية المحول الالتفافي التدريجي الجديد

يمكن للمحول الالتفافي التدريجي الذي تصفه الدراسة، المدعوم بنظام تجزئة مثيل تدريجي، الكشف عن مثيلات العناصر المحظورة على نحو فردي، حتى في حالة إخفائها بدقة، كما تقدّم الدراسة نهجاً جديداً للتعرف التدريجي على مثيلات جديدة من العناصر المحظورة التي تم تعلمها مسبقاً (وليس عناصر محظورة جديدة). يساعد هذا النظام المقترح على تقليل تكلفة التدريب بشكلٍ كبير مقارنة بنماذج التجزئة الدلالية أو نماذج تجزئة المثيل التقليدية.

ويوضّح الباحثون أن الإسهام الرئيسي لهذا البحث يتمثل في إجراء محاولة أولى لتصميم نموذج محول التفافي تدريجي مدعوم بنظام تجزئة مثيل مصمم خصيصاً لمهام التعرف إلى التهديدات في الأمتعة.

ويشيرون إلى أن هذا الإطار المقترح يسمح باستيعاب مثيلات جديدة من العناصر المهربة (مثل الأنواع الجديدة من البنادق) دون تكبد تكاليف التدريب الشامل من الصفر أو عمليات الضبط الدقيق التقليدية.

كما يتطلب النظام إشرافاً حاسوبياً وموارد تدريب أقل بكثير من تلك المطلوبة في عملية التدريب التقليدية (أو عمليات الضبط الدقيق) لتعليم نموذج التجزئة التعرّف إلى فئات الأجسام جميعها في وقتٍ واحد. وعلى عكس أساليب تجزئة المثيل الأخرى، فإن الطبيعة التدريجية لهذا الإطار تلغي الحاجة إلى جهاز إضافي للكشف عن الأجسام.

يستخدم الإطار المقترح شبكة محولات التفافية واحدة فقط لأداء مهام تجزئة المثيل، حيث يضيف الباحثون فئات جديدة تدريجياً إلى الشبكة عن طريق تعديل الطبقة الأخيرة من أداة فك الترميز (في أثناء مرحلة التدريب) وتحديث أوزان الشبكة المقترحة.

اقرأ أيضاً: معهد قطر لبحوث الحوسبة بمؤسسة قطر يتصدى للتهديدات الرقمية للغة العربية

التحقق من نتائج الدراسة

تحقق الباحثون من جدوى إطارهم المقترح بتجربته على 3 مجموعات بيانات عامة تحدد أفضل توافق بين كفاءة الحوسبة والدقة. وقد أثبتت النتائج أن هذا الإطار الجديد يتفوق على أحدث الأساليب المتبعة حالياً، من خلال تحقيق متوسط درجة دقة متوسط يبلغ 0.7896 و0.5974 و0.7569 على التوالي على مجموعات البيانات (GDXray) و(SIXray) و(OPIXray) المخصصة للكشف عن العناصر المخفية في الأمتعة.

ويقول الباحثون إنهم سيركّزون اتجاههم البحثي التالي على اكتشاف العناصر المطبوعة بأسلوب الطباعة الثلاثية الأبعاد باستخدام عمليات مسح الأشعة السينية، موضحين أن هذه العناصر تمثّل تحدياً صعباً لوسائل التصوير الإشعاعي الحالية نظراً لانعكاسها المنخفض.

وتؤكد الدراسة أن نشر هذا الإطار المقترح في العالم الحقيقي يمكن أن يقلل الحمل الكبير على موظفي الأمن لاكتشاف العناصر المخفية والمهربة عبر عمليات مسح الأشعة السينية، لا سيما وأن فحص مثل هذه العناصر يدوياً، خصوصاً خلال ساعات الذروة، هو أمر مرهق.