شركة زها حديد المعمارية بدأت بناء مدينة افتراضية في عالم الميتافيرس

3 دقائق
شركة زها حديد المعمارية بدأت في بناء مدينة افتراضية في عالم الميتافيرس
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

منذ أن قامت شركة فيسبوك باستبدال اسمها بـ “ميتا” والذي يشير إلى تركيزها المستقبلي على تطوير عوالم الميتافيرس Metaverse أو إنترنت المستقبل كما يراه الكثيرون، بدأت العديد من الشركات بتسخير مواردها المالية وأفكارها الثورية للتواجد في هذه الصناعة مبكراً.

وعلى التوازي مع ذلك، ولاعتماد عوالم الميتافيرس بشكل كبير على الإنشاءات المعمارية والأشكال الهندسية، بدأت أيضاًً شركات الهندسة المعمارية بتخيل ما يمكن أن يوفر لها هذا العالم الافتراضي من فرص في إطلاق العنان لأفكارها التصميمية المبتكرة، التي يمكن تنفيذها في هذه العوالم بسهولة بعكس العالم الحقيقي.

ونتيجة لذلك بدأت شركة “زها حديد للهندسة المعمارية” (Zaha Hadid Architects)، والتي تعتبر إحدى أشهر شركات الهندسة المعمارية في العالم وتتخذ من مدينة لندن مقراً لها، بالبدء في تصميم مدينة افتراضية تسمى “ليبرلاند ميتافيرس” (Liberland Metaverse).

“ليبرلاند ميتافيرس” (Liberland Metaverse) مدينة افتراضية لها وجود في الواقع

تصميم مباني المدينة والذي يحمل أسلوب المعمارية العراقية البريطانية الراحلة لا يعتمد في الواقع بالكامل على الخيال، بل تستند التصاميم إلى جمهورية أسسها السياسي التشيكي فيت جيدلي كاباك في عام 2015 تُسمى “جمهورية ليبرلاند الحرة” (Republic of Liberland) وتبلغ مساحتها 7 كيلومترات وتقع بين دولتي كرواتيا وصربيا.

لدى هذه الجمهورية مجتمعها الخاص وعلمها وشعارها ونشيدها الوطني وحتى عملتها المشفرة التي يمكن استخدامها لشراء قطع الأراضي وإنشاء أعمال تجارية في المدينة الافتراضية، والتي سيكون لها وجود واقعي في جمهورية ليبرلاند الحقيقية.

وتعتبر جمهورية ليبرلاند من ضمن الدول التي يطلق عليها تسمية “الدول المجهرية” (Micronations)، وهي عبارة عن كيانات أو أراضٍ صغيرة تعتبر نفسها دولاً مستقلة ذات سيادة ولكنها لا تحظى باعتراف دولي أو من المنظمات الدولية.

ولكن بسبب افتقار جمهورية ليبرلاند الحرة إلى البنية التحتية فلا أحد يعيش هناك ولا حتى مؤسسها. وهي تختلف عن الدول الصغيرة مثل ليختنشتاين وموناكو ومدينة الفاتيكان التي تحظى باعتراف دولي، ولها علاقات دبلوماسية بشكل محدود مع المجتمع الدولي.

اقرأ أيضاً: تعرّف على المهندسة المعمارية العراقية البريطانية زها حديد وأعمالها البارزة في مجال العمارة

كيف تبدو المدينة الافتراضية حسب رؤية مصمميها؟

صمم مهندسو الشركة جميع مباني المدينة الافتراضية بأسلوب المهندسة المعمارية الراحلة النموذجي، حيث تحتوي على مبانٍ ذات أشكال حادة ومتعرجة وزوايا مستديرة، وتحتوي المدينة على مساحات عمل تعاونية وصالات عرض لبيع الرموز غير القابلة للاستبدال NFT.

بينما تضم قاعة المدينة والتي تعد القلب الحضري المركزي للمدينة مدرجاً يلتف حول المبنى، وفي الداخل تم ترتيب المقاعد في شكل حدوة حصان مع ظهور علم جمهورية ليبرلاند معلقاً بالأعلى بشكل بارز.

وقد أوضح باتريك شوماخر، رئيس المهندسين المعماريين في الشركة وقائد المشروع، أهمية التحول إلى عوالم الميتافيرس: “لقد حان الوقت تقنياً واقتصادياً واجتماعياً لتحويل المزيد من حياتنا الإنتاجية إلى عوالم الميتافيرس، التي بدأت لتوها في إظهار قدرتها على تمكين التعاون العالمي الحقيقي بمشاركة عالمية بلا حدود”.

ويؤكد المهندس المعماري بأن ليبرلاند ميتافيرس ليست لعبة فيديو ولا أرض خيالية، على الرغم من أن هندسة المدينة غير عادية وفريدة من نوعها، ولكنها في نفس الوقت واقعية فيما يتعلق بأنواع العمارة التي قامت الشركة ببنائها سابقاً.

تتميز التصاميم التي تنفذها الشركة من أجل عالم الميتافيرس بأنها أكثر إبداعاً من المشاريع الحقيقية، وهو أمر منطقي بالنظر إلى أنه لا يكاد يكون هناك أي قيود عندما يتعلق الأمر بالحرية التصميمية والتخيلية في مجال الواقع الافتراضي.

ويضيف شوماخر قائلاً: “يتمثل الدافع الرئيسي للتصميم في الاستفادة من توافق بنيتنا المعمارية مع تجربة المستخدم، وتكييف روح التصميم وطرقه لدينا للتعامل مع الفرص والقيود غير المحددة التي يوفرها المجال الافتراضي”.

ومثال على ذلك الصالات التي تتوسع وتتقلص بناءً على عدد المستخدمين فيها. والتصميمات الداخلية الشاسعة التي لا يتعين عليها مراعاة اعتبارات مثل كفاءة استهلاك الطاقة. ويأمل شوماخر في أن تُلهم مدينته الافتراضية تطوير دولة مجهرية حقيقية في المستقبل.

وحتى الآن ألهمت المجموعة المحتملة من المباني الافتراضية التي قد يتم إنشاؤها يوماً ما في المستقبل آلاف الأشخاص الذين قدموا بالفعل طلبات للحصول على جنسية هذه الدولة،  ومن أبرز الأشخاص الذين حصلوا بالفعل على جنسية هذه الدولة المجهرية عضو الكونجرس الأمريكي السابق رون بول، الذي حصل على جواز سفر ليبرلاند وشهادة جنسية من قِبل المؤسس فيت جيدلي كاباك ومجلس وزرائه.

ولكن حتى يحدث ذلك في أرض الواقع، حيث ترفض كل من صربيا وكرواتيا الاعتراف بها، ستظل جمهورية ليبرلاند الحرة ستظل موجودة فقط عبر الإنترنت في واقع افتراضي متطور للغاية، حيث سيتواصل الأشخاص عبر صورهم الرمزية في زيارتها والتجول فيها.

اقرأ أيضاً: تعرف على تاريخ الميتافيرس: عن تكنولوجيات سبقت ما نعرفه بكثير

كيف يؤثر الميتافيرس في مجال الهندسة المعمارية؟

بما أن المباني في عالم الميتافيرس ضرورية للغاية، فهذا من شأنه أن يغير الكثير فيما يخص الهندسة المعمارية، فقد يساهم في ظهور فئة جديدة من المهندسين المعماريين من جميع الأعمار بمهارات جديدة يساهمون في بناء المدن التخيلية في هذا العالم بحرية أكبر، لعدم وجود حدود للإبداع في العوالم الافتراضية.

 وسوف يحتاج المهندسون المعماريون هؤلاء إلى الجمع بين العديد من المهارات، مثل التصميم ثلاثي الأبعاد ودمج المعرفة المهنية في مجالات متعددة، بما في ذلك واجهة المستخدم وتصميم المحتوى وتصميم الشخصيات وحتى تصميم الألعاب، وكلها مجتمعة سوف تساهم في إنشاء مساحات افتراضية مثل الملاعب وقاعات الاجتماعات والمتاحف أو حتى مدن كاملة.

بالإضافة إلى ذلك، قد يكون عالم الميتافيرس وسيلة جديدة في الحفاظ على المباني التاريخية التي انهارت بسبب الكوارث الطبيعية أو بسبب الفعاليات البشرية، في واقع رقمي وبيئة افتراضية يمكن للأجيال القادمة زيارتها والتعرف عليها عن قرب.

مع يعد نمو تكنولوجيات الواقع الافتراضي وأدواته فرصة كبرى لخريجي كليات الهندسة المعمارية للدخول إلى صناعة جديدة تتيح لهم إطلاق العنان لطاقاتهم الإبداعية في عوالم افتراضية لا حدود لها.