هل سيتمكن رواد الفضاء يوماً من زيارة العمالقة الغازية مثل المشتري؟

2 دقائق
صورة القطب الجنوبي للمشتري، تم التقاطها باستخدام مسبار جونو التابع لناسا.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في كل أسبوع، يرسل قُراء النشرة الإخبارية الأسبوعية ذا إيرلوك أسئلتهم إلى مراسلنا المختص بالفضاء نيل باتيل حتى يجيب عنها. وموضوع هذا الأسبوع هو هل يمكننا الذهاب إلى المشتري؟

سؤال القارئة (سارة)

بمجرد أن نتجاوز حزام الكويكبات، هل من الواقعي أن نفترض وجودَ احتمال بأن يتمكن البشر من استكشاف أي من العمالقة الغازية، مثل المشتري، والاقتراب كثيراً من غلافه الجوي؟ وما الذي ينطوي عليه استكشافٌ من هذا النوع؟

إجابة نيل

لا يمتلك المشتري -شأنه شأن عمالقة الغاز الآخرين- سطحاً صخرياً، لكن هذا لا يعني أنه مجرد سحابة ضخمة تطفو عبر فراغ الفضاء. بل هو مكوَن في معظمه من الهيليوم والهيدروجين، وبينما ننتقل من الطبقات الخارجية للغلاف الجوي نحو الأجزاء الأعمق، يصبح هذا الغاز أكثر كثافة وتصبح الضغوط أكثر شدة، وترتفع درجات الحرارة بسرعة. في عام 1995، أرسلت بعثة جاليليو التابعة لناسا مسباراً إلى الغلاف الجوي للمشتري، لكنها تحطمت عند عمق يبلغ حوالي 120 كيلومتراً. فعند هذا العمق، تكون الضغوط أقوى بـ 100 مرة من أي ضغط على الأرض. وفي الطبقات الداخلية من كوكب المشتري التي يبلغ عمقها حوالي 21,000 كيلومتر، يكون الضغط أقوى بمليون مرة مما هو موجود عند مستوى سطح البحر على الأرض، وتكون درجات الحرارة أعلى من حرارة سطح الشمس.

إذن، من الواضح أنه لن يتمكن أي إنسان من المغامرة في الدخول إلى أعماق المشتري. ولكن هل سيكون من الآمن للبشر أن يحلقوا ببساطة في مدار حول الكوكب؟ ربما يمكننا إنشاء محطة فضائية في مداره، أليس كذلك؟

حسنًا، هناك مشكلة كبيرة أخرى عندما يتعلق الأمر بالمشتري، ألا وهي الإشعاع؛ حيث إن أكبر كوكب في النظام الشمسي يمتلك أقوى غلاف مغناطيسي مقارنة ببقية الكواكب. وتقوم هذه الحقول المغناطيسية بشحن الجسيمات في الفضاء المجاور، مما يسرِّعها إلى سرعات قصوى يمكنها إحراق إلكترونيات المركبة الفضائية في لحظات. لذا يتعين على مهندسي الرحلات الفضائية اكتشاف المدار المناسب والتصميم المناسب لمركبة فضائية من أجل تقليل التعرض لهذا الإشعاع. وقد اكتشفت وكالة ناسا المدار والتصميم المناسب في بعثة مركبة جونو الفضائية ثلاثية الألواح ودائمة الدوران حول نفسها، ولكن لا يبدو هذا التصميم عملياً لمركبة فضائية مأهولة.

بدلاً من ذلك، وحتى تتمكن مركبة فضائية مأهولة من الدوران حول المشتري أو المرور بقربه، يجب أن تبقى على مسافة بعيدة جداً عن الكوكب. 

لا توجد هذه المشاكل في جميع الكواكب الغازية في النظام الشمسي، لكنهم جميعاً يحملون في جعبتهم مشاكل أخرى متنوعة تجعل من الصعب على البشر زيارتهم عن قرب. وعلى سبيل المثال، يمتلك نبتون أقوى رياح في النظام الشمسي تصل سرعتها إلى 1,770 كيلومتراً في الساعة. ويعتبر كل من نبتون وأورانوس “عمالقة جليد” يحتويان على عناصر ومركبات أثقل من الهيليوم والهيدروجين، مثل الميثان والأمونيا. ويمكن لهذه المواد الأكثر كثافة أن تزيد من صعوبة نجاح مركبة فضائية في الغوص داخل هذه الأجواء؛ لأن المركبة الفضائية ستتضرر خلال وقت أبكر. ورغم أن الغلاف المغناطيسي لكوكب زحل أصغر من الغلاف المغناطيسي لكوكب المشتري، إلا أنه أقوى بـ 578 مرة من الغلاف المغناطيسي للأرض، لذا فإن الإشعاع سيظل مشكلة كبيرة يجب التعامل معها.

في الوقت الحالي، وإلى أن نتمكن من اكتشاف كيفية بناء مركبة فضائية باستخدام مواد يمكن أن تحمي رواد الفضاء من كل هذه العناصر، يجب أن ينحصر أي استكشاف عن كثب لعمالقة الغاز باستخدام المركبات الفضائية الروبوتية.