ذكاء اصطناعي يسمح لك باستخدام التزييف العميق على صوتك حتى تتحدث مثل باراك أوباما

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعرفوا على نسختي الأنثوية، كيتي:

إن اللهجة والعاطفة وتقطيع الجمل جميعها لي. ولكن الصوت لامرأة يافعة نوعاً ما ذات نبرة مرتفعة. حيث تم بناء “قناعي الصوتي” الأنثوي من قبل شركة موديوليت إيه آي، وهي شركة مقرها في كامبريدج، ماساتشوستس. وتعتمد الشركة على التعلم الآلي حتى تستنسخ وتنمذج وتتلاعب بخصائص الصوت بأسلوب جديد وفعال.

إن هذه التكنولوجيا أكثر من مجرد فلاتر صوتية بسيطة تسمح لك بالتحدث بأصوات شخصيات الأفلام السنيمائية. فباستخدام هذه الطريقة، يمكنك أن تتخذ العمر أو الجنس أو النبرة التي تريد، وفي الزمن الحقيقي، أو حتى تنتحل صوت شخصية شهيرة. يمكنني أن أجري اتصالاً هاتفياً طويلاً بصوت كيتي إذا شئت.

زرت مقر موديوليت الرئيسي حتى أطلع على حلولها التكنولوجية وطموحاتها، وأناقش التبعات الأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي من أجل استنساخ صوت شخص آخر. وفي قمرة معزولة صوتياً، جربت عدداً من الأقنعة الصوتية التي قامت الشركة ببنائها.

هذا صوتي الفعلي:

وهذا صوتي بشخصية أخرى:

وهذا الانتقال بين الصوتين في الزمن الحقيقي:

ليست تكنولوجيا تغيير الصوت مثالية طبعاً، حيث أن الأصوات الناتجة تحمل شيئاً من الاهتزاز. غير أنها جيدة إلى درجة كبيرة، ويمكن تحسينها بزيادة تلقيم البيانات الصوتية، وتظهر لنا سرعة تغير الواقع الرقمي بسبب التطورات التي يشهدها التعلم الآلي. تستخدم موديوليت الشبكات التنافسية التوليدية لالتقاط ونمذجة الخصائص الصوتية لإشارة الصوت. وتقوم هذه الشبكات على إطلاق منافسة شرسة بين شبكتين عصبونيتين لالتقاط وإعادة إنتاج خصائص مجموعة البيانات بشكل مقنع (اقرأ مقالة “أبو الشبكات التنافسية التوليدية“).

بفضل التعلم الآلي، أصبح من الممكن مبادلة وجهي شخصين في الفيديو باستخدام برنامج يمكن تحميله عن الإنترنت مجاناً (اقرأ مقالة “أميركا المزيفة“). ويستخدم باحثو الذكاء الاصطناعي الشبكات التوليدية التنافسية وغيرها من الأساليب للتلاعب بالمشاهد البصرية، وحتى اصطناع وجوه مزيفة تماماً.

الخلاصة

وضعت موديوليت قناعاً صوتياً تجريبياً بصوت باراك أوباما على موقعها، وقد قال المؤسس المشارك والمدير التنفيذي للشركة مايك باباس أنه سيكون من الممكن توليد قناع صوتي من أي شخص، بشرط توافر ما يكفي من البيانات التدريبية. ولكنه أضاف أن الشركة لن تتيح استخدام الأقنعة الصوتية بأصوات المشاهير بدون موافقة أصحاب العلاقة، كما يصر أيضاً على أن الخداع ليس هدف هذا العمل: “لم نقم ببناء هذه التكنولوجيا لتقليد الناس، بل لخلق فرص جديدة”.

تركز موديوليت على ألعاب الإنترنت مثل فورتنايت أو كول أوف ديوتي، حيث يمكن للاعبين أن يتحدثوا مع الغرباء عبر الميكروفون. وهو ما يمكن أن يحسن من تجربة اللعب، ولكن يمكن أيضاً أن يفتح المجال أمام المضايقات والتحرش. يقول باباس: “عندما نرغب بالتفاعل مع الآخرين على الإنترنت لتعميق تجربتنا إلى حد كبير، فإن استخدام الأصوات عامل حاسم. ولكن البعض لا يرغبون باستخدام أصواتهم الحقيقية. قد يرغب الشخص في بعض الأحيان أن يبقى مجهولاً ببساطة، وفي أحيان أخرى، قد لا يرغب بالكشف عن عمره أو جنسه خشية التعرض للمضايقات”.

يقول تشارلز سيف، وهو بروفسور في جامعة نيويورك يدرس انتشار المعلومات المزيفة، أن هذه التكنولوجيا تبدو أكثر تقدماً إلى حد كبير من غيرها من تكنولوجيات تعديل الصوت. كما يقول أن قدرات الذكاء الاصطناعي الحالية على التلاعب بالفيديو والصوت قد تؤدي إلى تغيير الميديا بشكل جذري: “يجب أن نبدأ بالتفكير بعمق فيما يمكن أن نعتبره معبّراً عن الواقع”.

يضيف توماس فيرتانين، وهو خبير في توليد الصوت والتلاعب به في جامعة تامبير في فنلندا: “حتى الآن، فإن جودة نتائج تكنولوجيا تغيير الصوت منخفضة للغاية لدرجة أنه يمكن بسهولة تمييز وجود تغيير في الصوت. ولكن يمكنني أن أتخيل أن الجودة ستصل في المستقبل القريب إلى مرحلة يصعب عندها كشف عملية التغيير”.

تدرك موديوليت أنه من الممكن أن يساء استخدام هذه التكنولوجيا. وتقول الشركة أنها ستسعى إلى ضمان الحصول على الموافقات المطلوبة قبل نسخ صوت أي شخص. كما قامت أيضاً بتطوير تكنولوجيا “علامات مائية” صوتية لكشف الصوت المنسوخ. وهو ما يمكن استخدامه لإصدار تحذير إذا حاول أي شخص استخدام صوت مزيف لإجراء اتصال هاتفي على سبيل المثال.

يقول المؤسس المشارك والمسؤول التكنولوجي الأساسي كارتر هوفمان: “لقد أدمجنا ضمانات أخلاقية في بنية شركتنا في جميع المستويات ومراحل العمل. بدءاً من كيفية توزيع هذه التكنولوجيا، وصولاً إلى اختيارنا للأقنعة الصوتية التي نعرضها على الزبائن، وإضافة العلامات المائية إلى الأصوات من أجل كشفها من قبل الأنظمة الحساسة”.

قد تتمكن موديوليت من الحد من إساءة استخدام هذه التكنولوجيا، ولكن من الممكن أن يتوصل آخرون إلى تطوير تكنولوجيا مماثلة بشكل مستقل، وفتح المجال لإساءة استخدامها من قبل الآخرين. أما السؤال فهو إلى أي مدى يمكن إساءة استخدامها، وهل سيصل وعي العامة حولها إلى درجة كافية؟

يشعر باباس بالتفاؤل إزاء مسألة التزييف بالذكاء الاصطناعي، ويشعر بأنها تنطوي على الكثير من المبالغة: “لا شك في أنها شيء يستحق التفكير، ولكنها ليس بالأمر الذي سيؤدي إلى تقويض أسس المجتمع. لدينا الأدوات اللازمة للتعامل معها”.