علماء يحقنون الأسماك بجينات التماسيح لتعزيز مناعتها

3 دقائق
العلماء يستخدمون تقنية كريسبر لنقل الجينات المقاومة للأمراض بين الأسماك
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Andrii Yalanskyi
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تتم تربية الملايين من الأسماك في المزارع في الولايات المتحدة، ولكن الكثير من هذه الأسماك تنفُق بسبب الأمراض. ومن الناحية النظرية، يمكن أن يؤدي تعديل الأسماك جينياً باستخدام جينات تحميها من الأمراض إلى التقليل من الهدر، والمساعدة في الحد من الأثر البيئي السلبي لتربية الأسماك. وقد حاول فريق من العلماء تحقيق هذا الأمر بالضبط، وذلك بإدماج جين من جينات تمساح القاطور في جينوم سمك السلور.

يستهلك الأميركيون الكثير من سمك السلور. ففي عام 2021، أنتجت مزارع سمك السلور في الولايات المتحدة 139 مليون كيلوغرام من هذه الأسماك. يقول ريكس دانام، والذي يعمل على التحسين الجيني لسمك السلور في جامعة أوبورن في ألاباما: “إذا اعتمدنا الوزن كواحدة قياس، فإن سمك السلور يمثّل من 60% إلى 70% من إنتاج الولايات المتحدة من تربية الكائنات المائية”.

ولكن تربية السلور تترافق بالكثير من الأمراض. فمنذ تفقيس الأسماك الجديدة حتى جمعها للاستهلاك، ينفُق 40% منها تقريباً في أنحاء العالم كافة بسبب عدة أمراض مختلفة على حد قول دانام.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن ينجح التعديل الجيني في علاج أكثر الأمراض فتكاً في العالم؟

ولكن، هل تستطيع التعديلات الجينية الجديدة أن تسهم في حل هذه المشكلة؟

يقوم جين القاطور، والذي توصلت إليه أبحاث دانام كحل محتمل، بترميز بروتين يحمل اسم كاثليسيدين (cathelicidin). ويقول دانام إن هذا البروتين مضاد للميكروبات، ومن المعتقد أنه يساعد في حماية القاطور من الإصابة بالأمراض بسبب الجروح التي يتعرض لها خلال صراعاته الشرسة مع القواطير الأخرى. وقد تساءل دانام ما إذا كان بالإمكان زيادة مقاومة الحيوانات الأخرى للأمراض بإدماج الجين اصطناعياً في جينوماتها.

كما رغب دانام وزملاؤه في اتخاذ خطوة إضافية، ومنع الأسماك الناتجة التي تحمل جينات من كائن آخر، من التكاثر. ويعود هذا إلى أن الحيوانات المعدّلة جينياً قد تؤدي إلى إحداث تشويش هائل في النظام البيئي إذا هربت من المزارع، وتمكنت من التفوق على أقرانها البرية في المنافسة على الغذاء والموئل.

حيوانات منيعة بفضل جينات من حيوانات أخرى

استخدم دانام وباوفينغ سو (من جامعة أوبورن أيضاً) وزملاؤهما أداة تعديل الجينات كريسبر (CRISPR) لإدماج جين القاطور للكاثليسيدين ضمن جزء من الجينوم الذي يرمّز أحد هرمونات التكاثر المهمة “في محاولة لصيد عصفورين بحجر واحد”، كما يقول دانام. فمن دون الهرمون، لا يمكن للأسماك أن تتكاثر.

ولكن الأسماك الناتجة تبدو أكثر مقاومة للأمراض بالفعل. فعندما وضع الباحثون نوعين مختلفين من البكتيريا المسببة للأمراض في خزانات الماء، وجدوا أن الأسماك المعدّلة جينياً كانت أكثر قدرة بكثير على البقاء على قيد الحياة من أقرانها غير المعدّلة جينياً. ووفقاً لنوع المرض، فإن “معدل البقاء على قيد الحياة للأسماك المزودة بجين الكاثليسيدين ارتفع بمقدار يتراوح من ضعفين إلى خمسة أضعاف”.

كما أن هذه الأسماك المعدّلة جينياً عقيمة، ولا تستطيع التكاثر دون الحقن بهرمونات التكاثر، كما يقول الباحثون، والذين نشروا نتائجهم على الإنترنت في خادم نشر مسودات الأوراق البحثية (bioRxiv). ولكن هذا البحث لم يخضع للمراجعة النقدية بعد.

“عندما سمعت عن هذه الدراسة لأول مرة، استغربت للغاية. مَن فكّر بفعل هذا الأمر؟ ولماذا؟” كما يقول غريغ لوتز من جامعة لويزيانا الحكومية، والذي كان يدرس دور الجينات في تربية الكائنات المائية منذ عقود. ولكن لوتز يعتقد أن هذا العمل واعد، فقد تؤدي زيادة مقاومة الأمراض إلى إحداث أثر كبير على كمية المخلفات التي تنتجها مزارع السمك، ولطالما كان تخفيف هذه الكمية هدفاً لتعديل الجينات في حيوانات المزارع، كما يقول.

اقرأ أيضاً: هواة التعديل البيولوجي يتجاهلون التحذير من تطبيق العلاج الجيني بشكل ذاتي

فتربية الأسماك المقاومة للأمراض تحتاج إلى موارد أقل، وتؤدي إلى مستوى أقل من الهدر، كما يقول. وعلى الرغم من أن لوتز ينظر إلى البحث بإيجابية، فهو ليس مقتنعاً بأن سمك السلور المعدّل جينياً بتقنية كريسبر يمثّل مستقبل تربية الكائنات المائية. فعملية تعديل الجينات التي استخدمها الفريق معقدة، ومن المرجح أنه سيكون من المطلوب إجراؤها لكل دفعة من أسماك السلور الهجينة المستخدمة في التربية عادة.  ويقول: “من الصعب إنتاج ما يكفي من هذه الأسماك للحصول على سلالة سليمة قادرة على الاستمرار”.

جاهزة للأكل؟

يأمل علماء أوبورن بالحصول في نهاية المطاف على الموافقة على إنتاج أسماك السلور التي تحمل جينات خارجية بحيث يمكن بيعها وأكلها. ولكنها قد تكون عملية طويلة.

اقرأ أيضاً: هل تكون الخطوة التالية لتقنية كريسبر هي تعديل الجينات للعموم؟

فلا يوجد سوى نوع آخر واحد من الأسماك المعدّلة جينياً والحائزة على الموافقة في الولايات المتحدة. ففي أبريل/ نيسان من العام الماضي، وافقت إدارة الغذاء والدواء أخيراً على سمك السلمون أكوا أدفانتيج، وذلك بعد 26 سنة من تقديم الشركة، أكوا باونتي (AquaBounty)، طلبها للحصول على الموافقة. يحمل هذا السلمون جيناً إضافياً مأخوذاً من جينوم نوع آخر من السلمون، بحيث يجعل هذه الأسماك تنمو إلى حجم أكبر بكثير من الحجم الطبيعي.

ولكن، لنفترض أن أسماك السلور حازت الموافقة لبيعها للعموم في نهاية المطاف. فهل سيأكلها أي شخص؟ هذا ما يعتقده سو ودانام. فما إن يتم طهي هذه الأسماك، سيفقد بروتين جين القاطور حيويته البيولوجية، ومن غير المرجح بالتالي أن يؤدي إلى أي آثار سلبية على الشخص الذي يأكل السمكة، وفقاً لسو. ويضيف أنه على أي حال، فإن الكثيرين يأكلون لحم القاطور. يقول دانام: “أنا مستعد لتناول هذا السمك دون تردد”.

اقرأ أيضاً: حيوان الأبوسوم الأمهق يثبت أن تقنية كريسبر فعالة مع الحيوانات الجرابية أيضاً

ولكن لوتز يشير إلى أن الآخرين قد لا يشعرون بالارتياح إزاء تناول سمك السلور الذي يحتوي على جين القاطور. ويقول: “أنا متأكد من أن الكثيرين يتوقعون أن تكون هذه الأسماك مزودة بفم كبير وطويل مع أسنان حادة جاهزة للعض”.