كيف تغيّر التكنولوجيا الحديثة مستقبل الرعاية الصحية الرقمية؟

4 دقائق
كيف تغيّر التكنولوجيا الحديثة مستقبل الرعاية الصحية الرقمية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ metamorworks
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ارتبطت الرعاية الصحية بالتكنولوجيا منذ اختراع الحاسوب، وأصبحت مرافقة للطبيب في عمله، سواء في مرحلة التشخيص أو العلاج أو الرعاية. وما زالت التكنولوجيا مستمرة في التطور ومساعدة المرضى والأطباء حتى يومنا هذا، وبالتأكيد سنشهد تطورات أخرى مستقبلاً. ويبقى السؤال: كيف سيكون مستقبل الرعاية الصحية الرقمية؟

ما هي الرعاية الصحية الرقمية؟

يشير مصطلح الرعاية الصحية الرقمية إلى تنظيم وتقديم الخدمات والمعلومات الصحية باستخدام الإنترنت والتقنيات ذات الصلة. بمعنى أوسع، لا يميز المصطلح التطور التقني فحسب، بل يميز أيضاً طريقة جديدة للعمل، وموقفاً، والتزاماً بالتفكير العالمي الشبكي، لتحسين الرعاية الصحية محلياً وإقليمياً وعالمياً باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

تكنولوجيات ستغيّر مستقبل الرعاية الصحية الرقمية

تؤدي التكنولوجيا دوراً محورياً في الطب، وهذه التكنولوجيات الحديثة ستلقى اهتماماً كبيراً في مجال الرعاية الصحية مستقبلاً.

التطبيب عن بُعد

التطبيب عن بُعد هو استخدام تقنيات الاتصالات الرقمية مثل الحواسيب والهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية لتسهيل تقديم خدمات الرعاية الصحية.

تسبب تفشي جائحة كوفيد-19 في زيادة نسبة تلقي المرضى الرعاية الصحية عن بُعد، ومن المتوقع أن الخدمات الطبية عن بُعد ستزداد حتى بعد تراجع الجائحة ونشر اللقاحات، وذلك بسبب العديد من المزايا التي يقدمها التطبيب عن بُعد، وهي:

  • إمكانية تلقي الرعاية الصحية حتى في المناطق التي يصعب الوصول إليها، أو تلك التي لا تتوافر فيها نقاط رعاية طبية.
  • تقليل احتمالية انتقال العدوى بين المرضى والعاملين في القطاع الطبي.
  • تمكين المرضى الذين يعانون من حالات مزمنة ويحتاجون إلى فحوصات متكررة من تحديد المواعيد وتلقي الرعاية عن بُعد إذا لم تكن هناك حاجة لإجراء اختبارات شخصية.
  • تمكين الأطباء من التواصل مع مرضاهم في جميع الأوقات، وتجنب العواقب السلبية التي قد تنجم عن تأخر مواعيد الفحوصات أو تفويتها.

إنترنت الأشياء

إنترنت الأشياء (IoT) هي شبكة من الأجهزة والأدوات المتصلة بالإنترنت، وتحتوي على برامج وأجهزة استشعار وتقنيات أخرى تتيح الاتصالات وتبادل البيانات مع الأجهزة والأنظمة المختلفة. وطبياً، تشمل إنترنت الأشياء الأجهزة القابلة للارتداء والشاشات والتطبيقات المتكاملة لاحتياجات الرعاية الصحية، وتلقى هذه الأجهزة انتشاراً وتطوراً متسارعاً خاصة مع التقدم في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي

من المتوقع أن تكون لإنترنت الأشياء استخدامات واسعة في الرعاية الطبية الرقمية مستقبلاً وذلك لعدة أسباب:

  • يمكن للمرضى استخدام الأجهزة القابلة للارتداء وممارسة حياتهم الطبيعية في الوقت الذي يراقب فيه مقدمو الرعاية الطبية حالتهم باستمرار في الوقت الفعلي.
  • أصبحت لدى المرضى قدرة أكبر على إدارة ظروفهم واحتياجاتهم الصحية. على سبيل المثال، تساعد أقلام الإنسولين الذكية وأجهزة مراقبة الغلوكوز مرضى السكري في مراقبة احتياجاتهم الصحية بسهولة. 
  • مع التقدم التكنولوجي في أجهزة إنترنت الأشياء، ستصبح هذه الأجهزة زهيدة الثمن وفي متناول الجميع، ما يسهم في تقليل تكاليف العلاج على المرضى.
  • تراقب أجهزة إنترنت الأشياء عمل الأجهزة الطبية المعقدة في المستشفيات، وتنبّه الفنيين بالمشكلات التي قد تحصل فيها، ما يساعد في صيانتها مباشرةً ومنع توقفها عن العمل.

اقرأ أيضاً: 5 طرق تساعد فيها أجهزة إنترنت الأشياء على تحسين الرعاية الصحية

تطبيقات الهواتف المحمولة

ازداد انتشار تطبيقات الرعاية الصحية وأصبحت متاحة للجميع. على سبيل المثال، يمكن تحميل تطبيقات التأمل ومتابعتها لتحسين الصحة العقلية، والتطبيقات الرياضية لتحسين الصحة الجسدية، وغيرها الكثير من التطبيقات التي تسهم في الحفاظ على صحة جيدة.

توجد تطبيقات أخرى، خاصة تلك التي انتشرت خلال جائحة كورونا، تساعد على تتبع المرضى ومراقبتهم وإجراء الاختبارات على الهاتف المحمول. 

بطريقة مماثلة، سنشهد تطوير العديد من التطبيقات التي ستساعد على اختبار الأمراض المعدية الأخرى خارج مراكز الرعاية الصحية التقليدية، ما يتيح لمقدمي الخدمات اختبار الأشخاص في أماكن العمل والمدارس والمنازل.

الواقع الافتراضي والواقع المعزز

في مجال الرعاية الصحية، تساعد تقنية الواقع الافتراضي في التدريب والتخطيط الجراحي، ما يتيح للجراحين والمرضى الشعور براحة أكبر مع الإجراء الجراحي. وقد أثبت الواقع الافتراضي فعاليته في المساعدة في إدارة الألم المزمن والأمراض العقلية والعلاج النفسي مثل القلق والرهاب واضطراب ما بعد الصدمة. 

يستخدم الأطباء تقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزز لإنشاء محاكاة لسيناريوهات الحياة الواقعية، حيث يشعر المريض بوجود تحديات نفسية مثل التعامل مع اضطرابات الأكل أو الخوف من المرتفعات أو القلق الاجتماعي. يُدرك المريض أن البيئة افتراضية وغير واقعية لكن المحاكاة تمنحه فرصة لمواجهة التحديات والتغلب على مخاوفه بالممارسة. 

أما بالنسبة للأطباء، يساعدهم الواقع الافتراضي على بناء مجموعة من المهارات، وإنجاز الإجراءات الطبية بسرعة أكبر في الواقع. 

اقرأ أيضاً: ما فوائد استخدام الواقع الافتراضي في تدريب طلاب الطب ومتخصصي الرعاية الصحية؟

الذكاء الاصطناعي

يعد الذكاء الاصطناعي قدرة ناشئة وقوية في مجال الرعاية الصحية، وسيوفر إمكانات طبية غير عادية. يمكن للتحليل الذي يوفره الذكاء الاصطناعي تمكين رعاية صحية مخصصة للمريض، حيث تتم التوصية بمسارات علاجية محددة بناءً على المراقبة المستمرة لحالة المريض، وسيؤدي إلى قضاء وقت أقل في المستشفيات وبالتالي تقليل تكاليف العلاج واحتمالية التعرض للعدوى أو غيرها من المضاعفات.

اقرأ أيضاً: تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الطب وتشخيص الأمراض

الطباعة ثلاثية الأبعاد

في السنوات القليلة الماضية تطورت الطباعة ثلاثية الأبعاد، وأصبح بالإمكان طباعة الأعضاء كالعظام مثلاً، وبالتالي تعويض ما يفقده المريض منها. تتميز هذه العظام المطبوعة بأنها مقاومة للتآكل ومتوافقة حيوياً، ولكونها مصنوعة من البوليمرات والمعادن على حدٍ سواء يمكن طباعة أشكال معقدة ودقيقة لا يمكن الوصول إليها من خلال عمليات التصنيع التقليدية. ومن المتوقع أن تزداد هذه التقنية انتشاراً في المستقبل.

التحديات التي تواجه الرعاية الصحية الرقمية

تواجه الرعاية الصحية الرقمية بعض التحديات، أهمها:

  • اكتساب ثقة المرضى، فلأن الصحة أهم شيء، يتردد بعض المرضى في الاعتماد على التكنولوجيا في التشخيص والعلاج. 
  • يثير انتشار التكنولوجيا في القطاع الطبي مخاوف بشأن أمن بيانات المرضى وخصوصيتهم. 
  • الأطر التنظيمية والقانونية التي لا تسمح بمواكبة الابتكارات التكنولوجية واعتمادها دائماً.
  • الأسئلة الأخلاقية التي تنشأ عند تبني واستخدام التقنيات الجديدة، خاصة فيما يتعلق بدور النشاط التجاري والأرباح.

اقرأ أيضاً: ما هي أهم مزايا وتحديات التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية؟

على الرغم من ذلك، يبدو مستقبل صناعة الصحة الرقمية مشرقاً، إذ تساعد الخدمات الصحية عن بُعد، والرعاية الافتراضية ومراقبة المرضى عن بُعد في حماية حياة الناس والطاقم الطبي، وتحسين سبل عيشهم.