تعرّف على الدكتور السوري الأميركي حُنين معَصّب الذي قضى حياته في تطوير لقاح للأنفلونزا

3 دقائق
حُنين معَصّب.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وُلد حُنين معَصّب عام 1926 في سوريا بمدينة دمشق، حيث كان والده يعمل صائغَ مجوهرات. هاجر إلى الولايات المتحدة في أواخر أربعينيات القرن الماضي، وهناك التحق بجامعة ميسوري، وحصل منها على شهادة البكالوريوس في البيولوجيا عام 1950 وعلى درجة الماجستير في علم الأدوية والفيزيولوجيا عام 1952. انتقل بعد ذلك إلى جامعة ميشيغان، حيث حصل على درجة الماجستير في الصحة العامة عام 1954 وعلى درجة الدكتوراه في علم الأوبئة عام 1956.

بعد حصوله على درجة الدكتوراه، عمل معَصّب مساعدَ أبحاث في قسم علم الأوبئة في جامعة ميشيغان، ثم أصبح باحثاً مشاركاً في عام 1957، وأستاذاً مساعداً في عام 1960، وأستاذاً مشاركاً في عام 1965، وأستاذاً جامعياً في عام 1973. كما شغل منصب رئيس قسم الأوبئة بين عاميْ 1991 و1997، وكان المؤسس والمدير الأول لبرنامج المستشفيات والوبائيات الجزيئية في الجامعة. وفي شهر فبراير من عام 2003، تم تعيينه أستاذاً فخرياً لعلم الأوبئة.

تطويره للقاح الأنفلونزا

عندما كان معَصّب طالب دكتوراه في عام 1955، شهِد قيام أستاذه الدكتور توماس فرانسيس جونيور وهو يعلن للعالم في مؤتمر صحفي أن لقاح شلل الأطفال الذي طوّره الدكتور جوناس سولك آمن وفعّال. أدرك معَصّب حينها الطريق الذي ينوي متابعة مشواره فيه، وانخرط في دراسة وتطوير اللقاحات، مستفيداً من الإنجازات التي حققتها جامعة ميشيغان في هذا المجال. 

وبعد أربعين سنة من عمله الدؤوب، أقرّت اللجنة الاستشارية للقاحات والمنتجات البيولوجية المرتبطة بها في إدارة الغذاء والدواء الأميركية عام 2002 أن لقاح الرذاذ الأنفي للأنفلونزا -الذي طوّره معَصّب- آمن وفعّال بالنسبة للأشخاص الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و49 سنة. وتم ترخيص اللقاح في شهر يونيو من عام 2003 تحت الاسم التجاري فلوميست (FluMist). ولم يمض وقتٌ طويل بعد ذلك حتى تمت الموافقة على إعطاء اللقاح للأطفال منذ عمر السنتين. ويتم تطبيقه الآن بشكل واسع في العيادات والمستشفيات، بسبب تفضيل بعض الناس لهذا الشكل من لقاح الأنفلونزا على الشكل الذي يُعطى عن طريق الحقن.

كانت البداية منذ أوائل عام 1960، حين عزل معَصّب سلالةً من فيروس الأنفلونزا لتطوير اللقاح. وبحلول عام 1967، كتب عن أعماله في مجلة نيتشر (Nature). وخلال العقود الثلاثة التالية، قام بالعمل مع العديد من زملائه لإنهاء العمل الشاق المتمثّل في تطوير عشرات الفيروسات الموهنة الحيّة، وتوثيق التركيب الجيني لبعض فيروسات الأنفلونزا، وتطوير طرق للتعديل السريع للقاحات التي تستهدف أشكالاً متغيرة من الأنفلونزا التي تظهر كل عام.

وعلى عكس لقاحات الأنفلونزا السابقة، قام معَصّب باستخدام نمط حيّ من فيروس الأنفلونزا بعد أن تمّ إضعافه حتى لا يؤدي إلى الإصابة بالأنفلونزا، وقام أيضاً بتكييف اللقاح بحيث ينشط بسرعة عند دخوله إلى الجسم في منطقة باردة نسبياً من المجاري الأنفية.

ومن أجل التوصّل إلى اللقاح، تمّ إجراء أكثر من 70 دراسة وتجربة اشتملت على أكثر من 9 آلاف متطوع. وبحلول أواخر التسعينيات، أظهرت الاختبارات أن اللقاح نجح في الوقاية من الإصابة بالأنفلونزا بنسبة 85%، التي تعتبر أفضل من نسبة اللقاح غير الحيّ الذي يُعطى عن طريق الحقن. كما أظهرت الاختبارات التي أجريت منذ ذلك الحين أن لقاح الرذاذ الأنفي أكثر فعالية. وسرعان ما قامت شركات الأدوية بشراء حقوق تطوير الدواء ووضع خطط لتسويقه باعتباره أكثر تحمّلاً من قِبل الأطفال.

وقال معَصّب بعد الموافقة على لقاحه في مقالة نُشرت على موقع صحيفة نيويورك تايمز عام 2014: “أشعر الآن بمعنى تحقيق حلم حياتي. لقد قضيت عمري كلّه في تطوير هذا اللقاح”.

إرثه وتكريماته

كان معَصّب معلّماً ومدرّساً للكثير من الطلاب، الذين كان يعاملهم كأنهم أفراد أسرته. يقول أرمين دونابيديان، رئيس قسم تطوير لقاحات الأنفلونزا في إدارة الصحة والخدمات الإنسانية في الولايات المتحدة، في مقالة نُشرت على موقع جامعة ميشيغان عام 2014، بأن تأثيره “على حياتي يفوق تأثير المعلّم أو المشرف”. كما قال كين نيسبت، نائب الرئيس المشارك في الأبحاث والتكنولوجيا بجامعة ميشيغان، في نفس المقالة: “كان الدكتور معَصّب مصدر إلهام للكثير منا في الجامعة وفي مجتمع الرعاية الصحية”.

وفي مبادرة من جامعة ميشيغان لتكريم معَصّب، تم إطلاق اسمه على 3 برامج في كلية الصحة العامة بالجامعة: جائزة معَصّب لأبحاث الطلاب، التي تموّل الأبحاث والمنح في مجال أمراض الجهاز التنفسي الفيروسية؛ وصندوق منحة حُنين معَصّب الدراسية، الذي يدعم الطلاب في مجال علم الأوبئة؛ ومنحة حُنين وهيلدا معَصّب للأساتذة في مجال علم الأوبئة.

وقد توفي معَصّب في شهر فبراير من عام 2014 في ولاية كارولاينا الشمالية عن عمر ناهز 87 عاماً، بينما توفّيت زوجته هيلدا زحقة عام 2006، تاركَيْن ورائهما ولديْهما التوأميْن سامي وفريد.