هل يمكن حقاً أن تتأثر جاذبية الأرض بالتغيرات المرافقة للفصول؟

2 دقائق
مخطط جاذبية الأرض، وفق بعثة جريس التابعة لناسا.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في كل أسبوع، يرسل قراء نشرة تكنولوجي ريفيو الإخبارية حول الفضاء، ذا إيرلوك، أسئلتهم إلى المراسل المختص بالفضاء نيل باتيل حتى يجيب عنها. واخترنا لكم هذا الأسبوع هذا السؤال: كيف تتأثر جاذبية الأرض بالفصول والمناخ؟

سؤال القارئ (شيام)

أخبرني أحدهم مؤخراً أن قوة الجذب التي تؤثر بها الأرض على الأقمار الاصطناعية التي تدور حولها تتغير مع التغيرات الفصلية والمناخية في كتل المساحات المائية التي تمر فوقها. وبما أنني أميل إلى الشك بطبيعتي، وبما أن مصدر هذه المعلومة ليس خبيراً في تكنولوجيا الفضاء، سأسألك: هل يمكن أن يكون هذا صحيحاً بالفعل؟

إجابة نيل

قد يكون من الصعب أن نصدق أن قوة مثل الجاذبية يمكن أن تكون عرضة لأهواء التغيرات الموسمية، أو انزياحات اليابسة والماء، ولكن هذا صحيح؛ حيث إن جاذبية الأرض تتأثر فعلياً بهذين العاملين.

كما يبدو في الخريطة المجسمة التي تمثل التأثير الثقالي للكوكب، فإن حقل الجاذبية الأرضي ليس مجرد كرة منتظمة. إنه مليء بالنتوءات والبروزات والحفر والانخفاضات، التي تسببها السلاسل الجبلية والخنادق البحرية العميقة وغير ذلك من التضاريس الجيولوجية، ما يعني وجود مناطق معينة في هذا الكوكب تكون فيها شدة الحقل الثقالي أكبر من غيرها. وهذا يصح على أي جسم في الكون، وهو أحد أسباب الصعوبة البالغة في محاولات الهبوط على أجسام أخرى في الفضاء، مثل الكواكب والأقمار والكويكبات، حيث يمكن أن تتغير الجاذبية من مكان إلى آخر، خصوصاً على الأجسام الصغيرة.

من الممكن رؤية تغير الجاذبية الأرضية في هذه الصور، التي شُكلت من البيانات التي جمعتها بعثة التجربة المناخية ودراسة الجاذبية (جريس GRACE)، التي نفّذتها ناسا بالاشتراك مع المركز الألماني للطيران والفضاء. تتوافق مناطق القيعان والأحواض المحيطية العميقة مع الانخفاضات في الحقل الثقالي، بما أن مياه البحر أقل كثافة من الصخور. أما المناطق الأكثر كثافة، مثل السلاسل الجبلية والمرتفعات المحيطية فستنتج تأثيراً ثقالياً أكبر من المناطق المكونة من مواد أقل كثافة، مثل الماء.

هذه التغيرات المناخية تعني انتقالات في المياه من أسبوع إلى آخر، ومن شهر إلى آخر، ومن فصل إلى آخر. وقد تجف بعض المناطق والمسطحات المائية وتصبح أكثر ضحالة، أو تتعرض إلى المزيد من الأمطار وتكبر. وتؤدي هذه التذبذبات في الكتلة إلى تأثيرات يمكن كشفها في الحقل الثقالي في هذه الأماكن.

عندما يحلق قمر اصطناعي فوق منطقة عالية الكثافة، مثل سلسلة جبلية، فسيتسارع قليلاً عند الاقتراب منها؛ بسبب ازدياد شدة قوة الجاذبية، ويتباطأ عند ابتعاده عنها. هذه التغيرات صغيرة للغاية، ولكنها قابلة للقياس بالأدوات الصحيحة. وفي الحقيقة، فقد استغلت بعثة جريس هذه الظاهرة لتخطيط الحقل الثقالي للكوكب.

في الواقع، فإن دراسة الحقل الثقالي للأرض تتيح للعلماء طريقة إضافية لدراسة تأثيرات التغير المناخي. وعلى سبيل المثال، فإن احترار القطبين يؤدي إلى إضافة المزيد من الكتلة إلى المحيطات والبحار، وقد تم رصد وتسجيل التغير الموافق في جاذبية الأرض. فقد أظهرت بيانات جريس (التي جُمعت ما بين 2002 و2017) أن 60% من إجمالي ضياع كتلة القارة القطبية الجنوبية وجرينلاند كان ناتجاً عن احترار القطبين، في حين أن نسبة 40% الأخرى كانت ناتجة عن زيادة تدفق الجليد إلى المحيط. وتشير نفس البيانات إلى أنه خلال فترة عمل البعثة -البالغة 15 سنة- فقدت جرينلاند حوالي 260 مليار طن من الجليد سنوياً، في حين فقدت القارة القطبية الجنوبية 140 مليار طن من الجليد سنوياً.