كيف كان عام 2017 عاماً حافلاً للذكاء الاصطناعي؟

4 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كان عام 2017 عاماً مزدهراً في مجال الذكاء الاصطناعي. إذ بينما كان الذكاء الاصطناعي والتعليم الآلي المستند على البيانات موجوداً منذ عقود، إلا أن التقنيات الخوارزمية أعلنت عن وجودها أمام الملأ في مجموعة متنوعة من الصناعات والقطاعات في هذا العام، ولهذا تعرف على الذكاء الاصطناعي في عام 2017.

وقد وصف ديف كوبلين، المدير التنفيذي لشركة “مايكروسوفت” في المملكة المتحدة، الذكاء الاصطناعي أنه “التكنولوجيا الأكثر أهمية التي يعمل عليها أي شخص على سطح هذا الكوكب في الوقت الراهن”، ويبدو أن شركات وادي السيليكون قد آمنت بهذه الفكرة أيما إيمان: فهي توظف خبراء الذكاء الاصطناعي أينما يممت وجهك؛ أما بالنسبة للشركات التي لا تمتلك القدرة على توظيف هؤلاء الخبراء فقد بدأت بتدريس موظفيها أساسيات الذكاء الاصطناعي بنفسها.

الذكاء الاصطناعي في عام 2017

ومع ذلك فلم تحظ جميع إنجازات الذكاء الاصطناعي بالإعجاب والتصفيق. إذ يشعر البعض بالقلق إزاء التحيزات البشرية التي يجري إدخالها في أنظمة الذكاء الاصطناعي. فقد وجدت منظمة برو بابليكا (ProPublica) عام 2016، على سبيل المثال، أن خوارزميات البرمجيات المستخدمة للتنبؤ بالمجرمين المستقبليين كانت متحيزة بشدة ضد المدعى عليهم من ذوي البشرة السمراء. وفي وقت سابق من هذا العام، تعرّض موقع فسيبوك لوابلٍ من الانتقادات بسبب التصنيفات التي تم إنشاؤها بطريقة حسابية والتي يمكن للمعلنين من خلالها استهداف المستخدمين المناسبين، والتي تضمنت مجموعات ومواضيع بغيضة. وقد دفعت مثل هذه الحالات الخبراء إلى حثّ الشركات والمطورين على أن يكونوا أكثر شفافية في كيفية عمل أنظمتهم الخاصة بالذكاء الاصطناعي. ولكن تمّ مؤخراً استخدام الذكاء الاصطناعي في كثير من الحالات لغايات جيدة: للقيام باكتشافات جديدة، ولتحسين نفسه، ولمساعدتنا على تخطّي حدود أدمغتنا البشرية.

رصَد الذكاء الاصطناعي نظاماً شمسياً ذا ثمانية كواكب

غالباً ما تتمحور الاكتشافات الفلكية الناجحة حول دراسة كمّ هائل من البيانات، وهو بالطبع أمر يبرع فيه الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بشكل كبير. لقد استخدم علماء الفلك الذكاء الاصطناعي لتمحيص بيانات تم الحصول عليها على مدى سنوات من قبل تلسكوب كبلر (Kepler) لتحديد منظومة شمسية بعيدة مكونة من ثمانية كواكب في وقت سابق من هذا الشهر. يكافئ هذا النظام الشمسي نظامنا الشمسي بسبب كواكبه المعروفة جيداً بالنسبة لنا والتي تدور حول نجمها، المسمّى “كبلر-90″، والذي يبعد عنا أكثر من 2,500 سنة ضوئية.

في الفترة الممتدة بين عامي 2009 و2013، التقط مقياس الصور في تلسكوب كبلر صوراً تتمتع بدقة 10 بكسل لـِ 200,000 نجم مختلف كل نصف ساعة بحثاً عن تغييرات في سطوع تلك النجوم. فإذا كان ضوء أحد النجوم يخفت ويشرق في نمط منتظم ومتكرر، يمكن أن يكون هذا الأمر مؤشراً على أن لديه كواكب تدور حوله. (كما يمكنك أيضاً استخدام هذه المعلومات لتقدير حجم وطول مدار أحد الكواكب حول نجم معين). تعاون أندرو فانديربورغ، الفلكي في “جامعة تكساس” في أوستن، وكريستوفر شالو، مهندس البرمجيات في جوجل، لتطوير الشبكة العصبية التي قامت بالاكتشاف باستخدام مؤشرات 15,000 كوكب معروف بالنسبة لنا خارج مجموعتنا الشمسية. ولقد وجّها دراستهما نحو 670 نجماً ذات كواكب خارجية معروفة، ولكنهما ركّزا تحديداً على إشارات ضعيفة – تمثل كواكب خارجية أصغر حجماً قد تكون غابت عن انتباه الباحثين السابقين. ويبدو أن الكوكب الذي اكتشفه الثنائي، والذي أطلقا عليه اسم “كبلر–90 آي”، هو الثالث بين الكواكب التي تدور حول هذا النجم، تماماً مثل كوكبنا الأرض.

التغلّب على بطل العالم في لعبة جو (Go)

طور باحثون في شركة “ديب مايند” (DeepMind) التابعة “لجوجل” برنامج ذكاءٍ اصطناعي يلعب اللعبة الاستراتيجية الصينية المعقدة القديمة جو (GO). تمكنت النسخة الأولية من هزيمة أفضل لاعب “جو” في العالم في مايو/أيار، ولكن هذا لم يكن كافياً. إذ بعد بضعة أشهر، طورت جوجل نسخة جديدة من ألفاجو أيه آي (AlphaGo A.I.) أطلقت عليها اسم: ألفاجو صفر (AlphaGo Zero). تمكنت تقنية الذكاء الاصطناعي هذه من تحقيق أداء خارق للبشر في هذه اللعبة إذ تمكنت من هزيمة ألفاجو أيه آي بنتيجة 100 إلى 0.*

برامج الذكاء الاصطناعي تعلّم نفسها البرمجة

لم يكتفِ الذكاء الاصطناعي بتحقيق بعض الاكتشافات البارزة والنجاحات التنافسية هذا العام، فقد تفوق في مجال آخر أيضاً وهو ما جعل من مبرمجيه أشخاصاً عفا عليهم الزمن. هناك مبالغة في قولنا هذا بالطبع: إذ تعلمت عدة برامج ذكاء اصطناعي (بما في ذلك تلك التي طورتها جوجل ومايكروسوفت، وفيسبوك والتي سنتناولها فيما يلي) كيفية كتابة التعليمات البرمجية الأساسية القادرة على مساعدة غير المبرمجين في حسابات جداول البيانات المعقدة أو تخفيف بعض العبء عن كاهل المطورين المحترفين.

قد يُعتبَر برنامج مايكروسوفت للذكاء الاصطناعي، “ديب كودر” (DeepCoder)، الأبسط بين الثلاثة، على الرغم من أنه عمل فذّ ومعقد بشكل لا يصدق. إذ يمكنه فهم مسألة رياضية ليجد حلاً لها من خلال ما لديه من أمثلة مسبقة لتعليماتٍ برمجية لمسائل مماثلة. يمكن أن يكون “ديب كودر” مفيداً في نهاية المطاف لأولئك الذين لا يستطيعون أو لا يريدون أن يتعلموا التعليمات البرمجية ولكنهم يحتاجون إلى استخدام حلول قائمة على تعليمات برمجية لعملياتهم الحسابية (على سبيل المثال، حسابات جداول البيانات الصعبة). تتّسم هذه الحلول بالبساطة نسبياً، فهي تستند من حيث الحل والبنية، إلى حالات اختبرها برنامج الذكاء الاصطناعي من قبل. وعادة ما ينتهي المطاف بهذه التعليمات البرمجية إلى طول إجمالي يتراوح بين ثلاثة وستة أسطر.

وعلى النقيض من ذلك، علّم برنامج جوجل نفسه إعداد برمجيات التعلم الآلي، بل إنه تعلّم في إحدى الحالات التعرّف على الأشياء في الصور، وهي مهمة بالغة الصعوبة. اسم هذا البرنامج هو “أوتو إم إل” (AutoML)، وقد انتهى به المطاف بتحقيق نسبة نجاح 43% في مهمته، وهي نسبة تتفوق بمقدار 4 نقاط مئوية على التعليمات البرمجية التي وضعها أقرانه من البشر. ومع ذلك، تتمثل ميزة “أوتو إم إل” الأكبر في أتمتة عملية تطوير نماذج التعلم الآلي، وهي عملية تستغرق وقتاً طويلاً بالنسبة لخبراء التعلم الآلي من البشر.

ثم هناك روبوت الدردشة “تشات بوت” (chatbot)، وهو البرنامج الذي طورته “فيسبوك” ليكون محاكياً ذاتي التعلم للمحادثات مع البشر، والذي يدخل في نطاق مختلف قليلاً فيما يتعلق بالقدرة على التعلم الذاتي. إذ بدأ وكيلا الذكاء الاصطناعي بوب وأليس في التحدث باللغة الإنجليزية ولكنهما بعد ذلك… طوّرا لغتهما الخاصة في الحديث. وكما قال دروف باترا، عالم أبحاثٍ زائرٍ في “مركز فيسبوك لأبحاث الذكاء الاصطناعي” والقادم من “مركز جورجيا للتكنولوجيا”، في مقابلة مع “فاستكو للتصميم” (FastCo Design): “ينجرف الوكيلان بعيداً عن استخدام لغةٍ مفهومة ليبتكرا كلماتٍ مشفرة خاصة بهما”. وفي حين أثار هذا البرنامج العديد من ردود الفعل السلبية في الصحافة (كانت كلمة “مخيف” هي الوصف المشترك في العناوين التي تناولته)، إلا أنه أمر شائع إلى حد ما. إذ تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي في تطورها على نظامٍ قائم على تقييم النتائج، فإذا لم يحقق أحد المسارات الفائدة المرجوة، تقوم تلك الأنظمة بالبحث عن مسار آخر. ومع ذلك، فقد أوقف الباحثون في فيسبوك برنامج روبوت الذكاء الاصطناعي هذا في نهاية المطاف لأن هدفهم كان ابتكار كيانات من شأنها أن تتفاعل في آخر الأمر مع الناس ضمن إطار أسلوب واضح يتوافق مع نهج الذكاء الاصطناعي في عام 2017.

اقرأ أيضاً: