كيف تساعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في التدريب الرياضي؟

5 دقائق
كيف تساعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في التدريب الرياضي؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ metamorworks
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ليس هناك من ينكر أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أصبحت موجودة في كل مكان وفي جميع مناحي الحياة تقريباً، حيث نجد أن حالات استخدامها في مختلف القطاعات والصناعات لا حدود لها، وصناعة الرياضة ليست استثناءً، حيث أصبحنا نرى الكثير من نماذج الذكاء الاصطناعي مثل التعلّم الآلي والتعلّم العميق يتم دمجها في معظم الصناعات بطرق إبداعية وعملية تسهم كثيراً في دفعها للأمام وتحقيق ما يعجز عنه العنصر البشري.

ومع ذلك، عند الحديث عن استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات التدريب الرياضي بشكلٍ أكثر تحديداً، فإن الجهود لا تزال مستمرة بشكلٍ كثيف للاستفادة منها في تحسين عمليات التدريب واستخلاص النتائج من أجل اتخاذ قرارات أكثر منطقية وعملية. فكيف يمكن لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أن تكون مفيدة لتدريب الرياضيين؟

كيف يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في التدريب الرياضي؟

في الوقت الحالي من الممكن قياس أي شيء كمياً بدقة باستخدام الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي وعلوم البيانات، وتعتبر صناعة الرياضة وفيرة بالبيانات القابلة للقياس الكمي، فعندما يتم دمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي مع عملية التدريب الرياضي، يمكن للمدربين وعلماء البيانات الحصول على معلومات جديرة بالملاحظة حول نقاط القوة والضعف لدى لاعبيهم.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن توفر البيانات التي يتم جمعها في الميدان رؤى مهمة تساعد المدربين على تعديل استراتيجيات لعبتهم وتنفيذ تكتيكاتهم بحسب مجريات اللعبة في الوقت الفعلي، حيث أصبحت معظم المؤسسات الرياضية الاحترافية تستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي وعلوم البيانات للتفوق على منافسيها خارج الميدان وداخله.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تطوير الألعاب الرياضية والرياضيين؟

على سبيل المثال، يستخدم المدربون وعلماء البيانات في أندية كرة السلة والقدم المحترفة التكنولوجيا القابلة للارتداء (أجهزة مزودة بأجهزة استشعار) لتسجيل حركة اللاعب وسرعة رمي أو ركل الكرة، حيث تحتوي هذه الأجهزة على مستشعرات مثل مقاييس التسارع والجيروسكوبات ومقاييس المغناطيسية التي تجمع ارتفاعات القفز وسرعات الجري ودقة حركات اللاعبين، ثم يتم تحليل البيانات التي تم جمعها بواسطة هذه الأجهزة القابلة للارتداء لاحقاً للحصول على المعلومات لمعرفة مكامن الضعف في أداء اللاعب لتلافيها، ومكامن القوة لتعزيزها وتحسينها من أجل الحصول على أفضل أداء ممكن.

الذكاء الاصطناعي يمكنه تحسين عملية اتخاذ القرارات

من خلال إدخال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مجال التدريب الرياضي، يمكننا ملاحظة موجة التغيير في طرق لعب المباريات وطريقة أداء الرياضيين أو تدريب اللاعبين، حيث تستخدم الفرق الرياضية بمختلف أنواعها على نطاق واسع البيانات التي يتم جمعها بواسطة نماذج الذكاء الاصطناعي لقياس أداء اللاعبين الفرديين ولياقتهم وقدراتهم، لتحسين عملية اتخاذ القرار من خلال الأداء المدعوم بالبيانات.

على سبيل المثال، استعرضت الرابطة الوطنية الأميركية لكرة السلة إن بي آى (NBA) من عام 2015 إلى عام 2018 بيانات أكثر من 25000 مباراة، ووجدت أكثر من 2000 إجراء غير صحيح تم اتخاذه، وهو يصل إلى 1.49% من قرارات خاطئة في نهاية كل مباراة تقريباً، وقد تم الآن تقليل هذه القرارات الخاطئة من خلال استخدام التكنولوجيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن للمدربين وعلماء البيانات والحكام متابعة كل مباراة ورؤية بياناتها في الوقت الفعلي من أجل دعم اتخاذ القرارات الصحيحة.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يدخل ملاعب كرة القدم ويرسم مستقبل هذه الرياضة

تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال التدريب الرياضي

في الوقت الحالي يستخدم الذكاء الاصطناعي في صناعة الرياضة من أجل تعزيز الأداء والصحة بفضل التحليل التنبؤي. ومع ظهور الأجهزة القابلة للارتداء التي تجمع معلومات حول مستويات الإجهاد والتمزق، يمكن للرياضيين تجنب الإصابات الخطيرة. وليس هذا فحسب، بل أصبح لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي دورٌ بارز في مساعدة الفرق على تشكيل الاستراتيجيات والتكتيكات وزيادة قوتها إلى أقصى حد.

حيث نجد على مدار العقدين الماضيين، استخدام المدربين علم البيانات في الرياضة للمساعدة في تحسين أداء لاعبيهم، حيث استفادوا من تكنولوجيا البيانات الضخمة لمساعدتهم على اتخاذ قرارات على أرض الواقع في أجزاء من الثانية، والاعتماد على التحليلات الرياضية لمساعدتهم على توقع ما سيأتي. حيث من المتوقع أن تتغير صناعة الرياضة بشكلٍ كبير فيما يخص التدريب الرياضي المدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك:

تخصيص التدريب الشخصي

على مدار السنين السابقة تحسنت خطط التدريب بظهور الكثير من تطبيقات اللياقة البدنية المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي يمكنها أن تساعد على تخصيص النظام التدريبي لأيّ رياضي سواء كان محترفاً أو هاوياً، حيث أظهرت دراسة نُشرت في مجلة علوم الرياضة والطب (JSSM) وجرت على 15 رياضياً من الهواة قاموا بأداء 3-5 مجموعات من تمارين آلة ضغط الساق، وبعد تحليل التمارين باستخدام تكنولوجيا تحليل الفيديو المدعوم بالذكاء الاصطناعي، كانت النتائج جيدة في الأداء والتنبؤ، حيث ثبتت جدوى وفعالية تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تقييم الأداء على أجهزة تدريب الأثقال بشكلٍ آلي وتقديم المشورة للرياضيين.

اقرأ أيضاً: هل يمكن استبدال الحكام بأنظمة الذكاء الاصطناعي؟

بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام تكنولوجيا الرؤية الحاسوبية لتدريب خوارزميات التعلم الآلي لتكون قادرة على اكتشاف أوضاع الإنسان في الوقت الفعلي، أو ما يسمى تقدير الوضع البشري (Human Pose Estimation) اختصاراً (HPE)، حيث يمكن أن تساعد هذه التكنولوجيا في تحسين الأسلوب وتحقيق نتائج أفضل، وهو أمر لا يقدر بثمن بالنسبة للرياضيين المحترفين ومدربيهم.

تستخدم هذه التكنولوجيا في رياضيات حركية مختلفة مثل اليوغا والبيلاتس والكريكيت والسلة وحتى كرة القدم، من خلال استخدام نماذج الهيكل العظمي الأساسية لتحديد المفاصل البشرية وتزويد الرياضي بالإرشادات حول كيفية التدريب على الرياضة بالطريقة الصحيحة.

على سبيل المثال، يقوم تطبيق زينيا (Zenia) وهو تطبيق يوغا مدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ويستخدم تكنولوجيا تقدير الوضع البشري  (HPE) لإرشاد الرياضي نحو تحقيق وضعية مناسبة أثناء تمارين اليوغا. حيث يستخدم الكاميرا لاكتشاف وضع الجسم وتقدير مدى دقته، فإذا كان صحيحاً، فسيتم تمثيل الوضع المتوقع باللون الأخضر، أما إذا لم يكن الوضع صحيحاً، فسيحل اللون الأحمر محل اللون الأخضر.

اقرأ أيضاً: هل يستطيع الذكاء الاصطناعي اختيار أفضل تشكيلة فريق كرة قدم؟

تخصيص النظام الغذائي

تستخدم تطبيقات الأنظمة الغذائية المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي نموذج التعلّم الآلي لتخصيص خطط غذائية مختلفة للاعبين بناءً على احتياجاتهم ووضعهم الحالي. على سبيل المثال، يستخدم تطبيق فوود فيزر (FoodVisor) نموذج التعلم العميق وتحديداً تكنولوجيا التعرف على الأشياء لتحديد أكثر من 1200 نوع من الطعام، وتقدير الكمية، وإعداد تقرير سريع عن السعرات الحرارية التي تحتويها.

المساعدة على وضع الاستراتيجيات والخطط

على الرغم من أن استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الرياضة أصبح شائعاً مع ظهور الأجهزة القابلة للارتداء التي تساعد اللاعبين في تجنب الإصابات الخطيرة، فإن هذا مجرد بداية، حيث يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي الفرق على تشكيل الاستراتيجيات والتكتيكات وزيادة نقاط قوتها، من خلال مساعدة المدربين على اكتساب رؤى حول نقاط القوة والضعف لفرقهم في أي وقت، ما يسمح لهم بإجراء تغييرات على التكتيكات والاستراتيجيات، ومن ثم استغلال أي نقاط ضعف لخصمهم، وهذا ينطبق على جميع الرياضات من كرة القدم إلى التنس وحتى كرة اليد والسباحة.

تنبؤات الإصابة المستندة إلى الخوارزمية

تعد الإصابات جزءاً لا يتجزأ من الرياضة، لكن تعرض اللاعبين بكثافة للإصابات يمكن أن يؤدي إلى إحداث انحراف كبير في أداء الفريق الرياضي، وهذا يسلّط الضوء بشكلٍ أكبر على مدى محورية تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التنبؤية في تجنب مثل هذه الأحداث غير المتوقعة، من خلال مساعدة الطاقم الطبي على التعرف إلى اللاعبين المعرضين لخطر الإصابة بإصابات عضلية بشكل مبكر.

وتتضمن أمثلة هذه الأدوات بيانات المستشعر باستخدام تقنية تتبع جي بي إس (GPS) واختبار مقياس الديناميكا الحركية، والتعلّم الآلي، والتي توفر بيانات حول المسافة التي يقطعها اللاعبون أثناء التدريب والمباريات الرسمية، ومعدل ضربات القلب، والحمل العضلي، وغيرها من المعلمات الأخرى، لتحديد مدى قدرة اللاعب على التحمل، ومن ثم فإن امتلاك هذه الثروة من البيانات يسمح لنماذج التعلّم الآلي بعمل تقديرات مستنيرة لمخاطر الإصابة ومحاولة تجنبها بقدر الإمكان.

ختاماً، يعتبر التدريب المفتاح الأساسي لتحسين الأداء وتعزيزه، ومن ثم فإن الاستفادة من أحدث التكنولوجيات الحديثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي تستخدم نماذج مثل الرؤية الحاسوبية، والتعلم الآلي لتقييم المهارات وتقديم ملاحظات دقيقة، تمكّن للرياضيين من تحديد المجالات التي يمكنهم تحسينها والتركيز عليها أثناء التدريب وقياس تقدمهم بشكل علمي يستند إلى البيانات، بدلاً من التقدير الذاتي الذي يمكن أن تكون معدلات الخطأ فيه كبيرة.