شركة ناشئة تنجز خطوة كبيرة تجاه استخدام الطاقة النظيفة في قطاع الطيران

3 دقائق
شركة ناشئة تنجز خطوة كبيرة تجاه استخدام الطاقة النظيفة في قطاع الطيران
شركة زيرو أفيا
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أكملت إحدى الشركات الناشئة رحلة تجريبية محطّمة للأرقام القياسية في مجال الرحلات الجوية منخفضة انبعاثات الكربون. وتم إنجاز هذه الرحلة باستخدام طائرة تتسع لـ 19 مقعداً ومزودة بالطاقة جزئياً بواسطة خلايا وقود الهيدروجين. هذه الطائرة هي أكبر طائرة تختبرها شركة زيرو أفيا (ZeroAvia) حتى الآن، وهي إحدى الشركات الرائدة في تطوير الأنظمة الكهربائية الهيدروجينية للطائرات.

أقلعت الرحلة الأخيرة من مطار كوتسوولد في المملكة المتحدة، واستغرقت نحو 10 دقائق تقريباً. خلال هذه الرحلة، تم تزويد محركات الطائرة اليسرى بالطاقة باستخدام مزيج من خلايا وقود الهيدروجين والبطاريات، بينما تم تشغيل المحركات اليمنى باستخدام الوقود الأحفوري، الكيروسين.

اقرأ أيضاً: الدول النامية تبطئ عملية الانتقال إلى الطاقة النظيفة

كيف يفاقم قطاع الطيران الاحتباس الحراري وما الحل؟

ينتج قطاع الطيران نحو 3% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، وهو قطاع ينمو بسرعة. على الرغم من أن بعض شركات الطيران والمجموعات الأخرى في هذا القطاع تعهدت بخفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050، يمكن أن يكون من الصعب تلبية الطلب على خدمات هذا القطاع دون استخدام الوقود الأحفوري.

تمثّل خلايا وقود الهيدروجين أحد الحلول المحتملة التي تأمل الشركات في هذا القطاع أنها يمكن أن تسهم في خفض الانبعاثات. ولكن للتمكن من خفض الانبعاثات الناجمة عن هذا القطاع بنسبة كبيرة، يجب نشر تكنولوجيا خلايا وقود الهيدروجين على نطاق واسع واستخدامها في الطائرات الكبيرة نسبياً.

قال المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة زيرو أفيا، فال مفتاخوف (Val Miftakhov)، في مؤتمر صحفي تم الإعلان فيه عن الرحلة التجريبية الأخيرة: “سيتيح لنا هذا الإنجاز استخدام تكنولوجيا خلايا وقود الهيدروجين في الرحلات الجوية التجارية في المستقبل”.

جمعت شركة زيرو أفيا تمويلاً يتجاوز 140 مليون دولار من الجهات المستثمرة، والتي تتضمن شركات مثل يونايتد إيرلاينز (United Airlines) وأميركان إيرلاينز (American Airlines) بالإضافة إلى مبادرة بريكثرو إنيرجي فينتشرز (Breakthrough Energy Ventures)، وهو صندوق بيل غيتس (Bill Gates) الاستثماري في مجال الطاقة. وفقاً لمفتاخوف، تلقّت الشركة أيضاً ما يزيد على 1500 طلب من العملاء لأنظمة خلايا وقود الهيدروجين التي تطورها.

اقرأ أيضاً: سببٌ بقيمة 2.5 تريليون دولار يمنع الاعتماد على البطاريات لتخزين الطاقة النظيفة

زيرو أفيا ورحلاتها التجريبية باستخدام الطاقة النظيفة

أجرت هذه الشركة الناشئة رحلات تجريبية لعدة سنوات باستخدام طائرات أصغر حجماً، وكانت نسب نجاح هذه الرحلات متفاوتة. في عام 2021، اضطر الطيارون المسؤولون عن إحدى رحلات الطيران التجريبية التي أجرتها هذه الشركة للهبوط بسبب تضرر الطائرة بعد توقف أحد أنظمة البطاريات الاحتياطية عن العمل. فقدت المحركات الكهربائية في هذه الطائرة مصدر طاقتها لأن خلايا وقود الهيدروجين كانت الوحيدة التي بقيت قيد التشغيل.

تم استخدام نظام البطاريات طوال الرحلة التجريبية الأخيرة التي أجريت في يناير/ كانون الثاني 2023، والتي تم تأجيلها من صيف عام 2022. ووفّر نظام البطاريات نحو نصف كمية الطاقة اللازمة للجانب الأيسر من الطائرة، بينما وفر نظام خلايا وقود الهيدروجين النصف الآخر.

إنتاج خلايا وقود الهيدروجين واستخدامها

تولد خلايا وقود الهيدروجين الطاقة الكهربائية من خلال المزج بين الأوكسجين الموجود في الهواء والهيدروجين، ويمكن استخدام هذه الطاقة لتشغيل الطائرة التي لا تُطلق سوى الماء في الغلاف الجوي. تم تعديل الطائرة التي أجرت الرحلة التجريبية الأخيرة، وهي من طراز دورنير-228، إذ تمت إزالة مقاعدها لتخزين نظام الدفع المعتمد على خلايا الوقود، بالإضافة إلى خزانات الهيدروجين الضرورية لتشغيل الطيارة.

تعمل شركة يونيفرسال هايدروجين (Universal Hydrogen)، وهي شركة ناشئة مقرها الولايات المتحدة، على تصميم أنظمة الدفع الكهربائية الهيدروجينية الخاصة بالطائرات، وهي تخطط لإجراء رحلات الطيران التجريبية في عام 2023 باستخدام طائرة داش 300-8 المعدلة التي تتسع لـ 50 مقعداً.

يقول مفتاخوف إنه على الرغم من التأخيرات والمشكلات التي عانت منها شركته، فإنها لا تزال على المسار الصحيح لتحقيق أهدافها التي أعلنت عنها سابقاً والمتمثلة في إجراء الرحلات التجارية عام 2025. رفض مفتاخوف الكشف عن نوع الطائرة التي ستستخدم والجهات التجارية الشريكة في هذه الرحلات، لكنه قال إن الطائرة ستتسع لـ 10-20 مقعداً. قال مفتاخوف أيضاً في المؤتمر الصحفي سابق الذكر إن شركته تخطط لجمع المزيد من التمويل لدعم عمليات التسويق.

يقول مدير مختبر أنظمة النقل الجوي في كلية لندن الجامعية، أندرياس شيفر (Andreas Schafer): “تمثل الرحلة الأخيرة خطوة أولى رائعة. ولكن بالطبع، فهي مجرد خطوة أولى”.

اقرأ أيضاً: صندوق بيل غيتس للطاقة النظيفة يمول التكيف مع المناخ واستثمارات أخرى

خلايا وقود الهيدروجين للحد من مساهمة قطاع الطيران في الاحتباس الحراري

يضيف شيفر قائلاً إنه يمكن البدء باستخدام خلايا وقود الهيدروجين لتزويد الطائرات التجارية الصغيرة وقصيرة المدى بالطاقة خلال العقد الجاري. مع ذلك، فإن الرحلات التجارية القصيرة لا تمثّل سوى نسبة صغيرة للغاية من قطاع الطيران اليوم. يقول شيفر: “إن معدّل استهلاك الطاقة في هذه الرحلات منخفض للغاية، كما أن الانبعاثات الناجمة عنها ضئيلة”.

يضيف شيفر قائلاً إن التكنولوجيات التي يمكن أن تزود الطائرات الأكبر بالطاقة لمسافات أطول لها تأثير أكبر بكثير في مواجهة مشكلة التغيّر المناخي. يعتبر نشر تكنولوجيا خلايا وقود الهيدروجين على نطاق واسع صعباً، ويعود ذلك جزئياً إلى أن هذه الخلايا ثقيلة. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون تخصيص مساحة كافية لتخزين الهيدروجين في الطائرات صعباً، وذلك نظراً لأن الهيدروجين يتمتع بكثافة طاقة أخفض بكثير من كثافة طاقة الكيروسين، ما سيفرض الحاجة لتخزين كميات أكبر من الوقود في الطائرات حتى إذا تم تبريد هذا الوقود إلى درجات حرارة منخفضة للغاية بهدف تخزينه كسائل.

اقرأ أيضاً: الهيدروجين: المكون الحاسم بمسيرة التحول في الطاقة عالمياً

اعترف مفتاخوف في المؤتمر الصحفي سابق الذكر بوجود الكثير من العقبات التي يجب تجاوزها قبل أن تتمكن شركته من إجراء الرحلات التجارية صفرية الانبعاثات. قال مفتاخوف: “شهدنا اليوم خطوة كبيرة تجاه تحقيق هذا الهدف. لكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب علينا إنجازه”.