كيف يمكن أن تسهم التقنية المالية في إدارة المخاطر في المؤسسات المالية؟

4 دقائق
كيف يمكن أن تساهم التقنية المالية في إدارة المخاطر في المؤسسات المالية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Phongphan
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

على مر السنين أصبح تكيّف التكنولوجيا المتطورة عبر مجموعة من الصناعات منتشراً بشكل كبير، ولم تكن المؤسسات المالية استثناءً، حيث احتضن قطاع الخدمات المالية والبنوك التكنولوجيا الناشئة من أجل تعزيز كفاءتها وسرعتها وتحسين تجربة العملاء، مثل التطبيقات التي أسهمت المؤسسات المالية في تقديم خدمات وحلول مبتكرة لعملائها.

فقد أثبتت عمليات التحول الرقمي البارزة مثل استخدام أنظمة الدفع عبر الإنترنت، وحلول الأمن السيبراني، والتحليلات المتقدمة، والعمليات السحابية، أنها عملية ومحورية لازدهار الخدمات المالية، حيث تفوقت الكثير من المؤسسات المالية على منافسيها بعد اعتمادها على التكنولوجيا في تشغيل عملياتها.

ما هي إدارة المخاطر المالية؟

إدارة المخاطر المالية (Risk Management in Finance) هي عملية تحديد المخاطر وتحليلها واتخاذ القرارات بناءً عليها سواء بقبولها أو التخفيف من حدتها، ويمكن أن تكون هذه المخاطر كمية أو نوعية. وهناك عدة أنواع مختلفة من المخاطر، ولكن بشكل أساسي يمكن تقسيمها إلى أربعة أنواع رئيسية، هي:

1- مخاطر التشغيل

المخاطر التشغيلية هي مخاطر الخسارة غير المباشرة أو المباشرة الناجمة عن فشل أو عدم كفاية الموظفين الداخليين أو النظام أو العمليات أو الأحداث الخارجية، وتندرج تحتها أنواع المخاطر الأخرى مثل المخاطر الأمنية والمخاطر القانونية والاحتيال والمخاطر البيئية والمخاطر المادية.

اقرأ أيضاً: ما بعد كوفيد-19: كيف يبدو مستقبل التكنولوجيا المالية؟

2- مخاطر أسعار الصرف

تُعرف مخاطر صرف العملات الأجنبية أيضاً بمخاطر العملة أو مخاطر العملات الأجنبية، ويتم تكبدها عند إجراء معاملة مالية بعملة غير عملة العمل التجاري (غالباً ما تكون العملة المحلية)، حيث تنشأ المخاطر نتيجة للتغيرات غير المواتية في سعر الصرف بين عملة المعاملات وعملة المؤسسة المالية.

3- مخاطر الائتمان

هي مخاطر تخلف المقترض أو العميل عن سداد ديونه أو المدفوعات المستحقة، حيث تكون المؤسسة المالية معرضة لخسارة رأس مالها عند عدم الوفاء بالسداد في تاريخ السداد المحدد سابقاً، الذي يمكن أن يؤدي إلى انقطاع التدفقات النقدية وزيادة تكاليف التحصيل.

4- مخاطر السمعة

وهي خسارة رأس المال الاجتماعي أو الحصة السوقية أو رأس المال المالي الناتج عن الإضرار بسمعة المؤسسة المالية، مثل ظهور أخبار عن وجود تحقيقات جنائية مع القادة رفيعي المستوى، أو الانتهاكات الأخلاقية، أو الافتقار إلى سياسات الاستدامة، أو القضايا المتعلقة بسلامة وأمن أي منتج أو عميل أو موظف.

اقرأ أيضاً: ما التغييرات الكبرى التي ستحدثها العملات الرقمية في النظام المالي العالمي؟

أهمية إدارة المخاطر المالية

تعتبر إدارة المخاطر المالية مهمة للمؤسسات المالية التي عادة ما يكون لديها الآلاف من العملاء. على سبيل المثال نجد أن البنوك لا تأخذ فقط الآلاف من الودائع الشخصية والتجارية، ولكنها تدعم أيضاً نمو الاقتصاد من خلال القروض الشخصية والتجارية، ومن ثم إذا تخلف البنك عن سداد التزاماته نتيجة للمخاطر المالية، فقد يكون هناك تأثير كبير على الاقتصاد المحلي.

كما تقدم شركات التأمين سياسات لمجموعة واسعة من الأفراد والشركات، لذا من المحتمل أن يؤثر تقصير شركة التأمين بسبب المخاطر المالية على الآلاف من حاملي وثائق التأمين. مثلاً، مصرح لمديري الاستثمار باستثمار الأموال نيابة عن مستثمريها، لذا في حالة عدم قدرتهم على تقييم المخاطر فإنهم يكونون عرضة لخسارة أموال عملائهم.

اقرأ أيضاً: في عصر مغامرات الذكاء الاصطناعي: كيف تكسب البنوك ثقة عملائها وتقدم تجربة عملاء فريدة؟

التقنية المالية والمساهمة في إدارة المخاطر في المؤسسات المالية

في حين أن حجم المخاطر التي يمكن أن تواجهها المؤسسات المالية يختلف من مؤسسة إلى أخرى، إلا أن جميعها معرضة لذلك، لذا فإن أدوات التكنولوجيا المالية أو ما يعرف باسم فينتيك (FINTECH) تساهم بشكل كبير في الاستعداد لاحتمالية حدوث أي خسارة محتملة. وبسبب إمكانيات المراقبة وجمع البيانات والتحليل والمعالجة، فإن التقنيات المالية تجعل إدارة المخاطر أسهل ليس فقط للمؤسسات المالية ولكن لجميع المشاركين في النظام البيئي المالي.

وبينما تركز معظم المؤسسات المالية وقتها وطاقتها على تقييمات المخاطر المجدولة بانتظام، إلا أنه في العديد من المواقف لا توفر تقييمات المخاطر محدودة النطاق هذه الرؤية اللازمة لتحديد المخاطر بشكل فعال، ناهيك عن إدارتها. في هذه الحالة يمكن أن تساعد أدوات التقنية المالية في تقييم المخاطر التي تعترض المؤسسات المالية، من خلال ثلاثة محاور رئيسية هي:

  • أتمتة العمليات التشغيلية

بمجرد أن تصبح المؤسسة مؤتمتة بالكامل، سيكون لديها منظور شامل للمخاطر الإجمالية، وتفصيل إجراءات العمليات للرد في سيناريوهات محددة وأولوية متدرجة.

  • تدريب فرق العمليات

أحياناً لا تعني أتمتة الأنشطة المالية الاستغناء عن الكادر البشري وتسليم المهمات بالكامل إلى الروبوتات، بل يجب أيضاً تدريب فرق العمليات لإدارة احتمالات المخاطر التي تنشأ والاستعانة بالحلول التقنية لحلها بكفاءة وسرعة.

  • تسجيل الإجراءات في الوقت الحقيقي

وذلك لمراقبة أي انحرافات قد تنشأ والتعامل معها في الوقت الفعلي، خاصة تلك التي تتفاعل مع سيناريوهات المخاطر التي تم وضعها سابقاً.

اقرأ أيضاً: الحكومات الرقمية: بين تعزيز جهود التنفيذ وضمان استدامة الأثر الإيجابي للتحول الرقمي في الشرق الأوسط

التكنولوجيات الناشئة في إدارة المخاطر في المؤسسات المالية

في حين أن الابتكار في قطاع الخدمات المالية ليس غريباً عن المؤسسات المالية، إلا أن ظهور التكنولوجيات الناشئة قدم لهذا القطاع فرصاً لا محدودة في إدارة المخاطر، حيث نجد في الفترة الأخيرة زيادة كبيرة في التركيز على الابتكارات التي تعتمد على الحلول التي تقدمها التكنولوجيات الناشئة.

يتم تقديم حلول التقنية المالية التي تستخدم تحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وتقنيات البلوك تشين حالياً بمعدل غير مسبوق، حيث تعمل هذه التقنيات الجديدة على تغيير طبيعة الصناعة المالية، وخلق العديد من الفرص التي توفر وصولاً أكثر شمولاً إلى الخدمات المالية.

اقرأ أيضاً: توفير حوالي 3 مليار دولار بعد تبني تقنية البلوك تشين في دولة الإمارات

وعلى الرغم من هذه المزايا، فإن حلول التقنية المالية تترك الباب مفتوحاً للعديد من المخاطر، والتي قد تعيق حماية المستهلك والاستقرار المالي. ومن الأمثلة ذات الصلة على هذه المخاطر، التقليل من الجدارة الائتمانية وعدم الامتثال لمخاطر السوق واكتشاف الاحتيال والهجمات الإلكترونية، ما يجعل منهجية إدارة المخاطر في المؤسسات المالية نقطة اهتمام مركزية للسلطات التنظيمية، وتتطلب مزيداً من البحث والتطوير.