وهذا ينطبق على العديد من العلاجات التي تعتبر غير توغليّة لأنها تعمل من خارج الدماغ. ولكن إذا تمكّنا من الوصول إلى عقل الشخص، حتى بدون إحداث ثقب في الجمجمة، فهل يمكن اعتبار هذه التقنية غير توغليّة بالفعل؟
استحوذ هذا السؤال على تفكيري، ويرجع ذلك لأنني بدأت للتو قراءة كتاب المعركة من أجل دماغك (The Battle for Your Brain)، لأستاذة القانون والفلسفة في جامعة ديوك في دورهام بولاية نورث كارولينا، نيتا فاراهاني. تركّز أبحاث فارهاني على التحديات الأخلاقية والقانونية التي قد تفرضها التقنيات الجديدة على المجتمع.
اقرأ أيضاً: ما حقيقة الشرائح الإلكترونية التي تُزرع في الدماغ؟
نظرة خاطفة على عقول الآخرين
حيث تغطي فاراهاني في كتابها التأثيرات المحتملة للتقنيات التي تسمح لنا بإلقاء نظرة خاطفة على عقول الآخرين. لقد استخدم علماء الأعصاب بالفعل تقنيات تصوير الدماغ لمحاولة اكتشاف أفكار الشخص وميوله السياسية، أو التنبؤ باحتمالية أن يعاود السجناء ارتكاب الجرائم. يبدو لي أن ذلك توغل شديد.
هناك طرق مختلفة لتعريف هذا التوغّل، كما اكتشف روبين بلوم من جامعة ولاية ميشيغان وزملاؤه، عندما سألوا الأشخاص الذين خضعوا للعلاجات التي تستهدف نشاط الدماغ، وكذلك الأطباء النفسيين وغيرهم من الناس.
بالمعنى الطبي، عادةً ما تتضمن العلاجات التوغليّة إحداث شق جراحي في الجلد. ويُعد التحفيز العميق للدماغ مثالاً واضحاً على ذلك. حيث يتضمن هذا الإجراء زرع أقطاب كهربائية في عمق الدماغ لتحفيز الخلايا العصبية والتحكم في طريقة عمل مناطق الدماغ.
اقرأ أيضاً: قطب كهربائي داخل الدماغ لإصلاح الذاكرة يفتح آفاقاً جديدة لعلاج ألزهايمر
في مقال نُشر الأسبوع الماضي، تحدثتُ إلى رجلٍ تطوّع لزراعة 14 قطباً كهربائياً في دماغه لفهم الاكتئاب وعلاجه. حيث خضع لعملية جراحية في الدماغ، وكان متيقظاً بينما كان الأطباء يفحصون دماغه للعثور على نقطة الاتصال لوضع أحد هذه الأقطاب الكهربائية.
لمدة 10 أيام قضاها في المستشفى، كان رأس الرجل، (الذي لم يرغب في الكشف عن هويته)، ملفوفاً بضماد، مع وجود أسلاك تخرج من دماغه. لقد كان بلا شك إجراءً توغليّاً.
وقبل اشتراكه في عملية التطوع هذه، كان الرجل قد جرّب الكثير من العلاجات الأخرى، بما في ذلك التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS). يتضمن ذلك الإجراء تمرير جهاز على شكل رقم 8 فوق رأس الشخص لتوصيل نبضة مغناطيسية إلى أجزاء من الدماغ والتدخل في نشاطه. ويعتبر التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS) عادةً إجراءً غير توغّلي.
عن الإجراءات التوغلية