تقرير خاص

كيف تخطط دائرة صحة أبوظبي للاستفادة من الميتافيرس في الخدمات الصحية؟

3 دقيقة
كيف تخطط دائرة صحة أبوظبي للاستفادة من الميتافيرس في الخدمات الصحية؟
حقوق الصورة: دائرة صحة أبوظبي.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في زمن محركه الأول هو الابتكار والتطور التكنولوجي، وعلى خطى الذكاء الاصطناعي والروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد وغيرها من الابتكارات، نشهد كيف يتم تطبيق هذه الإبداعات البشرية في مجالات لم نكن نتخيلها. من منا كان يتصور أن تكون هناك مبانٍ تمت طباعتها بالكامل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد؟ من كان يحلم بوجود موقع يعمل بالذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يجيب عن أكثر الأسئلة تعقيداً، بأبسط الجمل واستناداً على أحدث البيانات؟

الميتافيرس في الخدمات الصحية

اليوم، نرى سبلاً جديدة لتحسين حياة المجتمعات في مختلف بقاع الأرض والعمل على تزويد العالم بوسائل علاجية ووقائية من شأنها تحسين الصحة العامة للأفراد، حيث نرى الكثير من نظم الرعاية الصحية حول العالم تنتقل لعالم الميتافيرس الافتراضي الذي قد يكون إضافة من الممكن أن تُحدث نقلة نوعية في الطريقة التي تقدم بها المنشآت الصحية خدماتها، كما سيكون له دور كبير في تطوير وتشجيع الابتكار وتعزيز تبادل وتناقل المعارف والخبرات في الرعاية الصحية. 

توفر عوالم الميتافيرس الناشئة فضاءً افتراضياً موازياً إلى حد كبير للتجارب الواقعية، من خلال مزيج يجمع بين الواقع الافتراضي والواقع المعزز مع لمسة سحرية من تقنيات الذكاء الاصطناعي. ويمكن للمستخدمين الدخول إلى هذا العالم والتفاعل مع بعضهم بعضاً بشكل مباشر، وبمقدورهم أيضاً التحكم في حركاتهم عبر أعينهم والأوامر الصوتية، باستخدام خوذة مخصصة تُدخلهم التجربة وتجعلهم يشعرون وكأنهم داخل هذا العالم فعلياً. وقد اكتسبت هذه التقنية شعبية واسعة في السنوات الأخيرة.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في قطاع يعتمد بشكل رئيسي على التواصل الإنساني المباشر، كيف سيكون هناك مكان لعالم كالميتافيرس؟ 

الرعاية الصحية في عالم افتراضي: واقع منطقي أمْ خيال علمي؟

عندما نتخيل كيفية تطبيق سبل الرعاية الصحية بعالم الميتافرس الافتراضي، نجد أنه لا توجد حدود للحلول التي يمكن أن يقدمها هذا الواقع الجديد لمساعدة الأفراد والمرضى، حيث من الممكن أن تؤثر بشكل أعمق مما نتخيل على الرعاية الصحية عن طريق توفير فرص جديدة للعلاج والتشخيص والوقاية من الأمراض. ستتيح هذه التكنولوجيا الفرصة للعلاج عن بعد، واستشارة الأطباء، ما سيتيح للمرضى رؤية طبيب أو مقدم خدمة صحية آخر عن بعد.

 هذا يمكن أن يكون مفيداً خصوصاً للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الريفية أو من لديهم مشكلات في التنقل أو الحركة. إضافة إلى ذلك، سيسهم الميتافيرس في تعزيز سبل التعليم الصحي، نظراً لكيفية استخدام العالم الافتراضي لتوعية المرضى عن صحتهم.

في المراحل المتقدمة من العالم الافتراضي، سيتمكن العلماء من إجراء تجارب سريرية افتراضية على أجسام افتراضية تحمل المكونات الجينية نفسها للمريض، الأمر الذي سيخفّض التكلفة والوقت المطلوبين لإجراء تلك التجارب. وأخيراً، يمكن استخدام الميتافيرس لرصد مؤشرات الحياة وبيانات الصحة الأخرى للمرضى بالوقت الحقيقي، ما يسمح لمقدمي الرعاية الصحية بتحديد أي تغيرات في حالة المريض والاستجابة لها بشكل سريع.

تجربة رائدة في منطقة الشرق الأوسط

عندما نرى تلك التغيرات التكنولوجية على المستوى الدولي، دائماً ما نتساءل عن إمكانية تطبيق هذه الابتكارات في الشرق الأوسط. لحسن الحظ، استطاعت دائرة الصحة- أبوظبي، وهي الجهة التنظيمية لقطاع الرعاية الصحية في إمارة أبوظبي، مؤخراً أن تُجيب عن هذا التساؤل، حيث طوّرت “منظومة علوم الحياة للرعاية الصحية في الميتافيرس” الهادفة لخلق نسخة افتراضية لمنظومة الرعاية الصحية بالإمارة تجمع بين رواد الأعمال، والمستثمرين، ومقدمي الرعاية الصحية لتبادل المعارف والخبرات. 

هذه كانت البداية، حيث تتطلع الدائرة إلى أن تكون منظومة الميتافيرس هذه نواة لعالم افتراضي متكامل يستنسخ منظومة الرعاية الصحية الحالية في أبوظبي، بل ويتصور مستقبلها ويعكسه في تجربة افتراضية وتفاعلية. وهنا قد يتساءل الكثيرون، ما الفائدة التي قد تجنيها النظم الصحية من ذلك؟ 

الإجابة لا تنحصر في إطار واحد، حيث يمكن توظيف هذه التقنية في جوانب عدة، بما في ذلك خلق منصة تفاعلية يمكن للاعبين الرئيسيين في النظم الصحية الاطلاع على تجارب بعضهم بعضاً وعقد شراكات من خلالها دون الحاجة لزيارات ميدانية قد يحتاج تنسيقها الكثير من الوقت. 

تطبيب عن بُعد 

بينما تشجع النظم الصحية أفراد المجتمع ممن يحتاجون إلى رعاية صحية غير عاجلة أو حرجة أو طارئة للاستفادة من خدمات “التطبيب عن بُعد”، قد يكون الميتافيرس المكان الأمثل لحجز موعد مع الطبيب وحضور التوأم الرقمي للمريض للقاء التوأم الرقمي للطبيب الذي يتواجد في العالم الافتراضي ذاته. 

أفاتار وتفاعل

بدأت دائرة الصحة- أبوظبي باستقبال زوار مقرها الافتراضي، ليتمكنوا من الاطلاع على 11 مرفقاً مختلفاً بما في ذلك قاعات المؤتمرات ونموذج الجسم البشري ثلاثي الأبعاد والمعارض. وستتيح التجربة للزوار تشكيل صورهم الرمزية الخاصة “أفاتار”، والتفاعل مع بعضهم بعضاً أثناء التجول في المقر الرئيسي للدائرة للتعرف بدقة على خدماتها ومشاريعها ومبادراتها.

عالم افتراضي متكامل للرعاية الصحية 

تتطلع المنصة إلى تمكين جميع الجهات بمنظومة الرعاية الصحية لتطوير تجاربها الافتراضية، حيث يمكن للراغبين من مقدمي الرعاية الصحية والمستثمرين ورواد الأعمال التعاون ضمن الدائرة لتزويدهم بإمكانية المشاركة في بناء التجربة الافتراضية، وتوظيف المنصة المبتكرة في استعراض خدماتهم ومشروعاتهم.

بينما يتخوف البعض من عدم القدرة على مواكبة التغيرات التكنولوجية، والاعتماد الكبير على وسائل تكنولوجية معقدة، يجب علينا أن نقيّم الفائدة المقدمة للمجتمعات في أرجاء العالم. من سنوات قليلة ماضية كانت إمكانية إجراء عملية جراحية على بعد آلاف الكيلومترات محض خيال، واليوم هي واقع نعيشه ينقذ أرواح المرضى. وإذا كان الميتافيرس يمثل حلاً لمشكلة الوصول لخدمات الرعاية الصحية، سيدخل القطاع من أوسع أبوابه.