هل تتحقق رؤية أمازون في تشغيل عدة مساعدات صوتية على نفس الجهاز؟

5 دقائق
هل تتحقق رؤية أمازون في تشغيل عدة مساعدات صوتية على نفس الجهاز؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Andrey Suslov
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

شهدت سوق صناعة المساعدات الصوتية الافتراضية على مدار العامين السابقين نمواً كبيراً، حيث كان هناك ارتفاع في الطلب على المساعدين الصوتيين في مختلف الصناعات، بما في ذلك السيارات وتجارة التجزئة والرعاية الصحية والاتصالات. ومن المتوقع أن ينمو أكثر وفقاً لتقرير شركة أبحاث جراند فيو (Grand View Research) ليصل إلى 53.66 مليار دولار بحلول عام 2030.

ومع أن المساعدات الصوتية المتوفرة الآن تعمل بشكل مستقل على كل جهاز، أي كُل مكبر صوتي ذكي يعمل بمساعد افتراضي واحد، ولكن هل تساءلت يوماً كيف سيكون الأمر عند استخدام عدة مساعدات صوتية مثل أليكسا وكورتانا وبيكسبي على نفس المكبر الصوتي الذكي؟

لغة مشتركة تجمع المساعدات الصوتية الافتراضية

تعمل شركة أمازون منذ فترة ليست طويلة على دعم فكرة تشغيل مساعدين صوتيين متعددين على مساعد ذكي واحد. وتحقيقاً لهذه الغاية، أعلنت الشركة ضمن حدث (Alexa Live developer 2022)، الذي انعقد مؤخراً عن مسودة تُسمى أوامر الأجهزة العالمية(Universal Device Commands)، والتي تهدف إلى تبسيط مهمة التفاعل مع العديد من المساعدات الصوتية على نفس الجهاز الذكي الصوتي، والتي تغطي عناصر التحكم الأساسية للجهاز، مثل ضبط مستوى الصوت أو إيقاف تشغيل مؤقت أو إيقاف تشغيل الصوت.

وللتوضيح أكثر، تخيل عودتك للمنزل من العمل، وبمجرد دخولك وجدت موسيقى صاخبة تنطلق من أحد مكبرات الصوت الذكية الموجودة في غرفة المعيشة، ومع أنك ربما تعرف أياً من أفراد الأسرة قام بتشغيل الموسيقى، ولكن قد لا تعرف أي مساعد صوت ذكي قام بتشغيل الصوت سواء أليكسا أو “متحكم الصوت سونوس” (Sonos Voice Control)  أو “هاي سبوتيفاي” (Hey Spotify) ، ومع ذلك يمكنك إيقاف تشغيل الموسيقى بغض النظر عن مكبر الصوت قيد التشغيل بمجرد نطق عبارة: (مرحباً (اسم أول مكبر صوت يخطر على بالك)، توقف) وسيتوقف تشغيل الموسيقى فوراً.

اقرأ أيضاً: سيري: صوت بشري يخفي نظام ذكاء اصطناعي معقد

وبحسب الشركة، فإن تقديم مسودة أوامر الأجهزة العالمية (UDC) يعتمد على النهج التعاوني لمفهوم الحوسبة السائدة أو المحيطية (Ubiquitous computing) الذي اتبعته أمازون في السنوات الأخيرة، وهو مفهوم يعني أنه لا يتعين على المستخدمين التعامل مع المساعد الصوتي أليكسا كما يفعلون مع الأجهزة الأخرى مثل الكمبيوتر أو الهاتف. بدلاً من ذلك يمكنهم أن يطلبوا من المساعد الصوتي تشغيل الأضواء أو إخبارهم بأحوال الطقس من خلال التحدث إلى محيطهم.

وعن هذا التوجه، يذكر نائب رئيس خدمة صوت أليكسا آرون روبنسون (Aaron Rubenson): “يربح العملاء عندما يكون لديهم خيار، وبالنسبة للمساعد الصوتي أليكسا فإن توفير هذا المستوى من الاختيار يعني أيضاً أن المساعد دائماً ما يكون جزءاً من الصورة، ما يساعد الشركة في سعيها لتحويل الحوسبة المحيطية إلى عمل حقيقي، مع استكمال مجتمع مطور كبير يستغل طرقاً متعددة لاستثمار مهارات المساعد الصوتي أليكسا”.

اقرأ أيضاً: لماذا لا يثق الأطفال بأليكسا؟

وفي الوقت نفسه، بحسب آرون روبنسون، فإن الشركة تريد تلبية توقعات الأشخاص بشأن الخصوصية، حيث يضيف قائلاً: “عندما يتم بث الصوت فإن إطار عمل أوامر الأجهزة العالمية (UDC) سيخبر أي مساعد صوتي أنه يوجد صوت قيد التشغيل، ولكن بخلاف المساعد الذي بدأه، لن يعرف المساعد الآخر ما الذي يتم تشغيله أو التطبيق الذي يتم تشغيله فيه”.

كيف تعمل أمازون على دعم تعدد المساعدات الصوتية الافتراضية؟

في سبتمبر من عام 2019، قدمت شركة أمازون مبادرة أطلقت عليها مبادرة التشغيل التوافقي الصوتي (Voice Interoperability Initiative اختصاراً (VII)) لتحقيق أربعة أهداف رئيسية، هي:

  • تطوير خدمات صوتية يمكنها العمل بسلاسة مع الآخرين، مع حماية خصوصية العملاء وأمانهم.
  • بناء أجهزة تدعم الصوت تعزز الاختيار والمرونة من خلال كلمات تنبيه متعددة ومتزامنة.
  • إطلاق التكنولوجيات والحلول التي تسهّل دمج الخدمات الصوتية المتعددة في منتج واحد.
  • تسريع التعلم الآلي وأبحاث الذكاء الاصطناعي للمحادثة لتحسين اتساع وجودة وإمكانية التشغيل التوافقي للخدمات الصوتية.

 حيث تتمثل رؤية الشركة في إطلاقها للمبادرة على حث الشركات على تطوير مكبرات صوت ذكية تدعم العديد من المساعدات الصوتية الشهيرة مثل مساعد جوجل (Google Assistant) وسيري (Siri) من شركة أبل، و بيكسبي (Bixby) من شركة سامسونج، و كورتانا (Cortana) من شركة مايكروسوفت ومساعدها الصوتي أليكسا (Alexa)، من أجل تقديم تجربة سلسة للمستهلكين الذين سيتمكنون من التواصل مباشرة مع أي مساعد رقمي آخر دون الحاجة إلى مهارة وسيطة.

اقرأ أيضاً: كيف أصبح الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته جزءاً من حياتنا اليومية؟

كما ستبدأ المبادرة أيضاً بمشاركة الأعضاء بحثاً تعاونياً في المحادثة باستخدام الذكاء الاصطناعي وإنشاء حلول صوتية أفضل تعتمد على معالجة اللغات الطبيعية مع تشفير محسّن لضمان خصوصية بيانات الصوت وأمانها.

وقد انضمت الكثير من الشركات التي تعمل في تطوير وإنتاج مكبرات الصوت والشركات التي لديها مساعدات افتراضية إلى المبادرة لتصل إلى 77 شركة، بما في ذلك شركات كبرى مثل ميتا وإنتل وكوالكوم وبايدو ومايكروسوفت، ومع ذلك لم تجذب هذه المبادرة التي تقودها أمازون انتباه أكبر منافسي المساعد الصوتي أليكسا، وهي مساعد جوجل (شركة جوجل)،  وسيري (شركة أبل)، وبيكسبي (شركة سامسونج).

وعلى الرغم من أن شركة أمازون لم تفصح عن سبب عدم انضمام هؤلاء اللاعبين الكِبار للمبادرة، فإن العديد من الخبراء ذكروا العديد من الأسباب المحتملة، مثل عقبات تقنية أو خصوصية بيانات الصوت أو مخاوف أمنية أو حتى احتمال عدم رغبتهم في دمج مساعداتهم الافتراضية الصوتية مع الآخرين.

اقرأ أيضاً: ما هي مخاطر وفوائد تقليد المساعدات الافتراضية الصوتية أصوات من رحلوا عنا؟

ولكن بغض النظر عن ذلك، ونظراً إلى انضمام الكثير من الشركات التي تمثل قطاعات مختلفة، مثل الإلكترونيات الاستهلاكية وشركات السيارات ومشغلي الاتصالات و موفري الأجهزة، فمن المؤكد أن مبادرة (VII) ستعمل على تعزيز مهمة شركة أمازون لتوحيد المساعدات الصوتية المتعددة في منصة واحدة. علاوة على ذلك، يمكن للمبادرة أن تساعد في معالجة الصورة الاحتكارية لشركة أمازون، من خلال التعاون مع المنافسين في الصناعة عبر منصتها الصوتية.

هل تعزز هذه المبادرة من قوة أمازون في سوق مكبرات الصوت الذكية؟

مع هيمنة شركة أمازون على سوق صناعة مكبرات الصوت الذكية خاصة في الولايات المتحدة، فإن هذه المبادرة تبدو بمثابة فوز كبير للشركة، حيث يمكن لها أن تسمح بسهولة للمساعدات الصوتية الأخرى بالعمل على مكبرات الصوت الذكية التي تطورها، والاستمرار في الاحتفاظ بمكانة قوية في السوق في الوقت نفسه.

وهذا يعود بحسب المحللة الرئيسية في شركة الأبحاث إي ماركتير (eMarketer) فيكتوريا بيتروك، إلى تقديم الشركة أجهزة بأسعار معقولة وبناء عدد هائل من مجموعة مهارات أليكسا (Alexa Skills Kit) حافظت بها على جاذبية مكبرات الصوت الذكية أمازون إيكو (Amazon Echo) التابعة لها. حيث لم تتمكن حتى الآن الشركات المنافسة مثل جوجل وأبل وسامسونج من تشكيل أي تهديد حقيقي لها في هذا السوق.

بالإضافة إلى ذلك، تراهن شركة أمازون على أنها تستطيع زيادة نمو أعمالها في أليكسا من خلال تبني قابلية التشغيل التوافقي. ومفتاح ذلك هو عملها مع مطوري مهارات أليكسا من جهات خارجية، حيث ذكرت الشركة أن أكثر من 20% من جميع تفاعلات أليكسا تتضمن تفاعل العملاء مع بعض مهارات الطرف الثالث، وهو ما يمثل عشرات المليارات من التفاعلات بشكل عام. وبالمثل قام العملاء الآن بتوصيل أكثر من 300 مليون جهاز منزلي ذكي بالمساعد الصوتي أليكسا.

ولذا، فمن خلال جعل أليكسا جزءاً أساسياً من الحوسبة المحيطية، فإن شركة أمازون تضع نصب عينيها تنمية هذا القطاع عبر مجموعة واسعة من الأجهزة، التي لن تقتصر على مكبرات الصوت الذكية فقط، ولكن أيضاً قد نرى جهودها تمتد إلى المزيد من الأجهزة الأخرى، مثل سماعات الرأس وأجهزة التلفاز وحتى السيارات.

اقرأ أيضاً: أمازون تطور جهازاً جديداً للكشف عن توقف التنفس أثناء النوم

ختاماً، مع هيمنة المساعد الصوتي أليكسا على سوق المساعدات الصوتية بفارق كبير عن منافسيه حتى الآن، فإن نجاح مبادرة (VII) إذا تم القيام بها بشكل صحيح، يمكن أن يضع حداً لنموذج مساعد واحد لكل مكبر صوت ذكي بشكل نهائي، وهذا من شأنه أن يقدم للمستهلكين خيارات أفضل ومزيداً من المرونة، ما سيؤدي إلى تغيير تجربة المستهلك مع المساعدات الصوتية الافتراضية إلى الأبد.