كيف أسهم تشات جي بي تي في نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي؟

3 دقائق
كيف ساهم تشات جي بي تي في نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي؟
حقوق الصورة: ستيفاني أرنيت. إنفاتو. غيتي إيميدجيز (يد)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما أُطلق تشات جي بي تي في نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت، حقق بوت الدردشة شعبية كبيرة وفورية بين الطلبة، والذين رأى الكثير منهم فيه وسيلة جديدة لكتابة المقالات وإنجاز الفروض المنزلية. وقد بلغ الأمر ببعض وسائل الإعلام الإعلان عن انتهاء عصر المقالات الجامعية.

وبسبب الزيادة الكبيرة في عدد المقالات المكتوبة باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ سارعت المدارس في أنحاء العالم جميعها إلى حظر استخدام هذه التكنولوجيا.

ولكن، وبعد مرور ما يقرب من 6 أشهر، يبدو أن الوضع تحسّن كثيراً. وقد تحدث زميلي ويل دوغلاس هيفن، في إطار الإعداد للإصدار المطبوع المقبل من إم آي تي تكنولوجي ريفيو، مع عدد من المتخصصين بالتعليم الذين بدؤوا بإعادة تقييم تأثير بوتات الدردشة مثل تشات جي بي تي في تعليم التلاميذ. ويعتقد الكثير من المدرسين الآن أن تشات جي بي تي أكثر من مجرد أداة رائعة للغش، وأنه يمكن في الواقع أن يساعد على رفع مستوى عملية التعليم. يمكنك قراءة هذا المقال هنا.

ويبدو واضحاً من مقال ويل أن تشات جي بي تي سيُحدث تغييراً كبيراً في أساليب التعليم المدرسي. ولكن أكثر المُخرجات التعليمية أهميةً لهذه التكنولوجيا قد لا يكون مجرد طريقة جديدة لكتابة المقالات أو إنجاز الفروض المنزلية؛ بل إنه ثقافة الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاً: ما الدروس المستفادة من تجربة الإمارات في استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم؟

ثقافة الذكاء الاصطناعي

لقد ازدادت أهمية الذكاء الاصطناعي في حياتنا إلى درجة كبيرة، وبدأت شركات التكنولوجيا بإطلاق المنتجات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بوتيرة سريعة للغاية. ويمكن أن تتحول نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية إلى أدوات إنتاجية فعالة نستخدمها يومياً.

وقد كتبتُ الكثير حول الأخطار التي يحملها الذكاء الاصطناعي، بدءاً من التحيز في أنظمة توليد الشخصيات الرقمية، وصولاً إلى الصعوبة البالغة في كشف النصوص التي وُلّدت باستخدام الذكاء الاصطناعي.

وفي كل مرة أتحدث فيها إلى الخبراء حول ما يمكن أن يقوم به العامة لحماية أنفسهم من هذه المشاكل، أحصل على الإجابة نفسها. حيث يقول الخبراء إنه ثمة حاجة طارئة لزيادة ثقافة العامة حول طرائق عمل الذكاء الاصطناعي وقيوده، وذلك لحماية أنفسنا من التعرض للخداع أو الأذى بسبب البرامج الحاسوبية.

وحتى الآن، يبدو الإقبال على خطط التثقيف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بطيئاً ومتثاقلاً. ولكن تشات جي بي تي أرغم الكثير من المدارس على التكيف بسرعة، والبدء بتطبيق منهاج تعليمي مخصص لتعليم التلاميذ أساسيات الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاً: أهم تطبيقات واستخدامات الذكاء الاصطناعي في التعليم

تغيير في العملية التعليمية

وقد بدأ المدرّسون الذين تحدث ويل إليهم بالنظر إلى التكنولوجيات مثل تشات جي بي تي بطريقة نقدية مختلفة. وعلى سبيل المثال، فإن مدرّسة الكتابة والمتخصصة في التطوير التعليمي في جامعة ميسيسيبي، إميلي دوناهو، تقول إنها تعتقد أن تشات جي بي تي يمكن أن يساعد المدرسين على التخفيف من التركيز المفرط على النتائج النهائية. وتقول إن تفاعل الطلبة مع الذكاء الاصطناعي، والنظر إلى نتاجه بصورة نقدية، يمكن أن يمنح التدريس طابعاً بشرياً بدرجة أكبر، “بدلاً من أن نطلب من الطلبة أن يكتبوا ويعملوا مثل الروبوتات”.

ويعتقد المدرسون أن هذه الأنظمة يمكن أن تكون وسيلة رائعة لإطلاق الحوار حول التحيز، نظراً لاستخدام بيانات منطقة أميركا الشمالية في تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي؛ الذي يعبر عن التحيزات الموجودة في أميركا الشمالية.

وقد سمح أستاذ تعليم البيولوجيا في جامعة شيفيلد هالام في المملكة المتحدة، ديفيد سميث، باستخدام الطلبة الجامعيين لتشات جي بي تي في فروضهم الكتابية؛ ولكن بشرط أن يقوم بتقييم التعليمات النصية المستخدَمة لتوليد المقال نفسه إضافة إلى تقييم المقال الناتج، وفي بعض الأحيان، يكتفي بتقييم التعليمات النصية فقط. ويقول: “إن معرفة الكلمات المستخدَمة في التعليمات النصية وفهم النتيجة التي نحصل عليها أمر مهم للغاية، ويجب أن نقوم بتعليم هذه المهارة للطلبة”.

اقرأ أيضاً: ما هي أبرز فرص وتحديات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم الأساسي؟

من أسوأ عيوب نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية اختلاقها للمعلومات الخاطئة، وتقديم المعلومات الزائفة بكل ثقة على أنها حقائق صحيحة؛ وهو ما يجعلها غير مناسبة للمهام التي تتطلب دقة عالية مثل الأبحاث العلمية والرعاية الصحية. ولكن الأستاذة المشاركة في مجال التكنولوجيا التعليمية في جامعة أولد دومينيون في مدينة نورفولك بولاية فرجينيا، هيلين كرومبتون، وجدت أن “هلوسات” نموذج الذكاء الاصطناعي تصلح لتكون أداة تعليمية مفيدة أيضاً.

وتقول كرومبتون: “إن وجود العيوب في أنظمة الذكاء الاصطناعي أمر رائع”، فهو فرصة لإطلاق حوارات بنّاءة حول المعلومات المزيفة والتحيز.

تمنحني هذه الأمثلة الأمل بأن الأنظمة التعليمية وصنّاع السياسات سيدركون أهمية تعليم الأجيال الجديدة مهارات التفكير النقدي المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. 

ضرورة السرعة في نشر المعرفة بالذكاء الاصطناعي

أما بالنسبة إلى البالغين، فثمة مبادرة واعدة حول ثقافة الذكاء الاصطناعي على شكل دورة تعليمية على الإنترنت بعنوان “عناصر الذكاء الاصطناعي” (Elements of AI)؛ التي قامت الشركة الناشئة مينا ليرن (MinnaLearn) وجامعة هلسنكي بتطويرها. وقد أُطلقت عام 2018، وهي متاحة الآن بـ 28 لغة. وتتضمن دورة عناصر الذكاء الاصطناعي معلومات حول ماهية الذكاء الاصطناعي، والأهم من ذلك أنها توضح ما يستطيع فعله وما يعجز عن فعله. لقد جربتها بنفسي، وهي مصدر رائع للمعلومات.

اقرأ أيضاً: مؤسس خان أكاديمي: الذكاء الاصطناعي سيوفّر لكل طالب مُعلماً افتراضياً خاصاً

ولكن مصدر القلق الأكبر في رأيي هو إمكانية تقديم هذه المعلومات إلى البالغين بسرعة كافية، فمن دون نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي بين البالغين الذين يتصفحون الإنترنت، سيتعرض المزيد من الأشخاص إلى مخاطر الضجيج الإعلامي ويقعون فريسة للتوقعات المبالغ فيها. وفي هذه الأثناء، لا زال بالإمكان تحويل بوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي إلى أسلحة فعالة لتصيّد المعلومات، والاحتيال، ونشر المعلومات المزيفة.

سيكون الأطفال بخير، أما البالغون، فهم من يتعين علينا القلق بشأنهم.