اشترك

الاستمرار بالحساب الحالي

 
 
تاريخ النشرة : 31-01-2023
يكتبها هذا الأسبوع: شوكت قنبر

الأسبوع الماضي لم يكن جيداً بالنسبة للحواسيب، إذا ألقيت نظرة سريعة على البيانات المالية لبعض الشركات، ستجد انخفاضاً واضحاً في إيراداتها، تقرير شركة مايكروسوفت (Microsoft) الأميركية للربع الأخير من عام 2022 يظهر انخفاض إيرادات نظام التشغيل ويندوز بنسبة 39%، وتقرير شركة إنتل (Intel) يظهر انخفاضاً بنسبة 39% بالمئة في الطلب على معالجات الحواسيب الشخصية، نحن بانتظار تقارير شركات أخرى مثل أبل (Apple) وإيه إم دي (AMD)، حيث يتوقع المحللون انخفاضا مماثلاً في إيراداتها.

هذه التقارير ليست الأولى من نوعها التي تسجل انخفاضاً في الطلب على الحواسيب، خلال العقد الماضي، انخفض الطلب على الحواسيب مع توجه المستهلكين لشراء الهواتف الذكية بدلاً منها، لدرجة أن موقع ويرد (Wired) الأميريكي نشر في عام 2015 مقالاً بعنوان الحاسوب يحتضر ولن يعود.

لكن في عام 2020، تلقت صناعة الحواسيب دفعة قوية مع انتشار جائحة كوفيد-19، حيث شهد العالم زيادة في الطلب لأول مرة منذ سنوات، كان ذلك مدفوعاً بتوجه مئات ملايين الأشخاص إلى التعلم والعمل عن بعد.

مع انتهاء الجائحة، عاد الطلب إلى الانخفاض مجدداً، فهل نشهد نحن نهاية الحواسيب؟ أو بالأحرى، هل يمكننا الاستغناء عن الحواسيب؟

انخفاض الطلب لا يعطينا صورة كاملة
لنبدأ بتقرير مايكروسوفت الأخير الذي يظهر انخفاضاً في عائدات نظام التشغيل ويندوز بنسبة 39%، نحن نعلم أن نظام ويندوز هو أكثر أنظمة الحواسيب استخداماً، لذلك، من الطبيعي الاستنتاج أن انخفاض الطلب على ويندوز يعني انخفاض الطلب على الحواسيب.

هذا ليس صحيحاً، لأن ويندوز ليس نظام التشغيل الوحيد في السوق، إنه يتنافس مع أنظمة أخرى لها مكانتها في السوق، مثل نظام ماك أو إس من أبل، ونظام لينكس مفتوح المصدر، ونظام كروم أو إس من جوجل. لذا يمكننا افتراض أن تراجع عائدات ويندوز ليست بسبب انخفاض الطلب على الحواسيب، بل بسبب زيادة الطلب على أنظمة التشغيل الأخرى.

على سبيل المثال، يشهد نظام التشغيل كروم أو إس من جوجل نمواً هائلاً، هذا منطقي كونه نظام تشغيل مجاني ويوفر مزايا رائعة للحواسيب التي تعتمد على الاتصال بشبكة الإنترنت، حيث يتكامل بشكلٍ رائع مع خدمات التخزين والحوسبة السحابية، وليس من المستغرب أن يكون هذا النظام هو المفضل لعدد متزايد من الطلاب والموظفين الذين يتعلمون أو يعملون عن بعد.

في فبراير 2021، أشارت التقارير السنوية لحصة أنظمة تشغيل الحواسيب أن نظام كروم أو إس تجاوز نظام ماك أو إس ليصبح ثاني أكثر الأنظمة استخداماً على الحواسيب في العالم.

بناءً على ذلك، لا يجب افتراض أن تقرير مايكروسوفت يشير إلى تراجع الطلب على الحواسيب في العالم بنسبة كبيرة.

ينطبق نفس الأمر على شركة إنتل، تواجه هذه الشركة منافسة كبيرة من شركات أخرى مثل إيه إم دي (AMD) وكوالكوم (Qualcomm)، ويمكننا الافتراض أيضاً أن انخفاض عائدات إنتل يعود إلى زيادة عائدات شركات أخرى تصنع نفس معدات الحوسبة.

من الصعب تقييم حجم الطلب العالمي
نظراً لوجود عدد كبير من الشركات التي تصنع معدات الحواسيب، لا يمكننا تقييم النمو أو التراجع في الطلب على الحواسيب إلا من خلال تحليل البيانات المالية لكل تلك الشركات.

علينا أيضاً أن نأخذ في الاعتبار وجود أنواع عديدة من الحواسيب، على سبيل المثال، أوضح تقرير نشرته شركة كانالايس (Canalys) لتحليل بيانات السوق أن الطلب على الحواسيب المحمولة انخفض بنسبة 19٪ في عام 2022، في حين انخفض الطلب على الحواسيب المكتبية بنسبة 7٪ فقط في نفس العام.

الحواسيب المخصصة للألعاب لها حصة كبيرة
يجب أن نركز أيضاً على النمو الكبير في عدد الأشخاص الذين يستخدمون الحواسيب للألعاب، في تشرين الأول/أكتوبر 2022، وصل عدد اللاعبين على منصة (Steam) إلى أكثر من 30 مليون لاعب. وفي شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022، قالت شركة إيه إم دي أن الألعاب شهدت نمواً بنسبة 14%.

هل ينخفض الطلب على الحواسيب حقاً
نعم، يمكننا تأكيد ذلك، لكن الانخفاض ليس بهذه النسبة الكبيرة التي يتم الحديث عنها، يعتقد محللون اقتصاديون أن الشركات المصنعة للحواسيب وقعت في فخ الإنتاج المفرط الناجم عن الحماس، إنها توقعت أن تستمر تأثيرات جائحة كوفيد-19 لفترة أطول، وأن يصبح التعلم والعمل عن بعد نمطاً سائداً في كل مكان، لكن ذلك لم يحدث، انحسرت الجائحة تدريجياً وبدأ الناس يعودون لمدارسهم ومكاتبهم، حتى الشركات المتحمسة للعمل عن بعد بدأت تراجع سياساتها في هذا المجال.

العوامل الاقتصادية لعبت دورها
انخفاض الطلب على الحواسيب لا يعني أن الحواسيب لم تعد مهمة، بل لأن الملايين من الناس غير قادرين على شرائها، فقد تسببت جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية بزيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار، كما تسببت في تسريح الكثير من الموظفين والعمال، انعكس ذلك بشكلٍ مباشر على القدرة الشرائية، وأصبح الكثيرون غير قادرين على تحمل تكاليف شراء حاسوب شخصي.

مستقبل الحواسيب
لن تختفي الحواسيب في المستقبل القريب، هذه حقيقة مؤكدة كونها أصبحت جزءً أساسياً من حياتنا اليومية وغيرت بشكل جذري الطريقة التي نعيش ونعمل ونتواصل بها. مع التقدم التكنولوجي، يبدو مستقبل الحواسيب واعداً أكثر. في السنوات القادمة، يمكننا أن نتوقع رؤية تغييرات كبيرة في طريقة تصميم الحواسيب واستخدامها.

هذا لا يعني أننا سنستمر في استخدام الحواسيب كما نفعل اليوم، من المتوقع أن تكون الحوسبة السحابية هي السائدة في المستقبل القريب، ومع ظهور الحواسيب الكمومية التي توفر قدرات حوسبة هائلة، ستقوم بعض شركات التكنولوجيا الكبرى بتوفير قدرات الحواسيب الكمومية للعملاء الأفراد والشركات كخدمة سحابية، باختصار، ستتحول معظم الحواسيب في المستقبل إلى مجرد شاشات بث مرتبطة عبر شبكة الإنترنت مع خوادم سحابية أو حواسيب كمومية سحابية فائقة القدرات، يمكن استخدامها للعمل أو التعلم أو الترفيه.

(إم آي تي تكنولوجي ريفيو)
Facebook
 
Twitter
 
Linkedin
 
Youtube
 
Instagram