تاريخ النشرة : 27-12-2022 تكتبها هذا الأسبوع: نجوى بيطار تطول قائمة الابتكارات المنقولة من أفلام ومسلسلات الخيال العلمي لتملأ مجلدات بأكملها، فمن الدبابات والأطراف الإلكترونية والأدوية المؤثرة على الحالة العقلية، إلى الأجهزة الحاسوبية والهواتف الذكية والروبوتات وغيرها الكثير. حين نقف على ما توصل إليه العلم والتكنولوجيا، وبالعودة خطوة إلى الوراء، سيبدو أن صناع المستقبل هم كتاب الخيال العلمي، فما بالك لو عرفت أن هؤلاء الكتاب لم يخرج معظمهم نصاً مرموقاً انتقل إلى السينما أو شاشة التلفزيون دون استشارة علمية!
بالطبع هناك عروض تحولت إلى مضغة وموضوع للسخرية في مجتمع العلماء والتقنيين، لكن هذا لم ينل من روعة الكثير منها مما تنبأ بإحكام بالمستقبل التكنولوجي الذي سيكون عليه العالم، أو فصّل نظرية علمية برصانة منقطعة النظير، وهنا لا يحضرني مثال أفضل من Interstellar الذي شارك بكتابته وأخرجه كريستوفر نولان.
القائمة التي سنوردها هي أشهر ما انتقل من الخيال العلمي إلى الواقع التكنولوجي، وبزمن يُعد قياسيّاً إذا نظرنا إلى الزمن الفاصل بين اختراع العجلة وبين ركوب السيارة، أو بين اكتشاف النار والمحرك البخاري.
الهواتف الذكية: في العرض التلفزيوني (Star Trek) ظهر الهاتف المحمول للمرة الأولى، وسُمي حينها بالموصل أوcommunicator ، وذلك عام 1966. لم يمضِ على ذلك سوى ثلاثين عاماً، حتى أطلقت شركة موتورولا أول هواتفها المحمولة. وفي إشارة للسلسلة أطلق عليه اسم StarTac. في السلسلة نفسها، شاهد المشاهدون أعضاء طاقم الرحلة يحملون الجهاز المُسمى تريكوردر (Tricorder)، وهو جهاز محمول يعمل على جميع البيانات من الكواكب التي يزورها الكابتن كيرك وطاقمه ويخزنها. ربما فكر مبتكرو الهاتف المحمول من موتورولا يومها بالجمع بين التقنيتين فخرجوا بالهاتف المحمول!
الهولوغرام ثلاثي الأبعاد: ربما كان المشهد الذي يعرض فيه الروبوت R2D2 صورة هولوغرامية للأميرة ليا تطلب مساعدة أوبي-وان كينوبي في سلسلة أفلام "حرب النجوم" هو ما ألهم الباحثين بالعمل لتحويل هذه التقنية المتخيلة إلى واقع. حيث تحولت إلى واقع أعاد عرض الكثير من المشاهير الذين رحلوا عن عالمنا، مثل مايكل جاكسون.
الروبوتات: ابتكر المؤلف التشيكي كاريل شابك مصطلح "إنسان آلي" في عام 1920 في مسرحيته الشهيرة "R.U.R (روبوت روسوم العالمية)". الكلمة مشتقة من "robotnik"، الكلمة التشيكية التي تعني "العامل بالسخرة". وفي قصة "هيلين أولوي"، قصة ليستر ديل راي الصادرة عام 1938، يخترع رجلان هيلين، الخادمة المنزلية الآلية. وتحكي القصة القصيرة "مربية" لفيليب ك. ديك في عام 1955 عن روبوت يعتني بالأطفال لدرجة أن الأسرة التي يخدمها تقاوم محاولات إقناعها بالترقية إلى طراز أحدث.
السيارات ذاتية القيادة: هي نبوءة كاتب الخيال العلمي إسحاق عظيموف في صحيفة نيويورك تايمز في عام 1964. حيث كتب عظيموف: "سيُبذل الكثير من الجهد في تصميم المركبات التي تحتوي على" عقل آلي" وهي مركبات يمكن التحكم بتوجيهها لتستمر بعد ذلك دون تدخل بشري". كما تصور أفلام جيمس بوند أيضاً سيارات تقود نفسها بقدر ضئيل من التدخل البشري.
السيارات الطائرة: تعيقنا التضاريس عن الوصول من نقطة إلى أخرى، لكن ما الذي يعيق طيران الطائر في السماء؟ فليس غريباً إذاً أن يأخذنا الخيال العلمي إلى السماء. ظهرت السيارات الطائرة في وقت مبكر في رواية إيان فليمنغ التي كتبها مبتكر بوند عام 1964 (وفيلم لاحق في عام 1968) بعنوان "Chitty-Chitty-Bang-Bang: The Magical Car". وبحسب ما ورد استند فليمنغ في قصة أطفاله إلى سيارات تشيتي تشيتي بانغ بانغ الواقعية التي صممها الكونت لويس فورو زبوروفسكي، وهو سائق سيارات سباق بريطاني ومهندس سيارات. من المتوقع أن تكون هذه المركبات الطائرة، القادرة على حمل شخص واحد على الأقل، وبالتالي لا تعتبر طائرات بدون طيار، متاحة تجارياً بحلول عام 2040.
الطائرات بدون طيار (الدرونات): تخيل كاتب رواية "الكثبان" (Dune) فرانك هربرت عام 1965 وجود طائرة قاتلة صغيرة بدون طيار، والمركبات الطائرة ذاتية القيادة موجودة في كل مكان في حرب النجوم. في الواقع، يصور عدد من كتب وأفلام الخيال العلمي الطائرات بدون طيار قبل وقت طويل من استخدامها الفعلي، أولاً للأغراض العسكرية وثانياً للأغراض التجارية والترفيهية. وقد ازداد استخدام الطائرات بدون طيار، بما في ذلك لأغراض التصوير الجوي والاستجابة للطوارئ ومراقبة المحاصيل الزراعية الدقيقة. وكما كان متوقعاً في القصة القصيرة لريموند ز.غالون عام 1936 "The Scarab" والتي عُرفت بفضل المسلسل التلفزيوني "Black Mirror"، قد يساعد النحل الآلي يوماً ما في تلقيح محاصيلنا الغذائية (قدمت Wal-Mart طلب براءة اختراع في عام 2018 لطائرات صغيرة بدون طيار يمكنها الكشف عن حبوب اللقاح ونشرها).
الواقع الافتراضي: يعود الفضل إلى قصة ستانلي جي وينباوم "Pygmalion’s Spectacles" الصادرة عام 1935 لتوقع الواقع الافتراضي، مع نظارات له. ويتخيل فيلم ستيفن ليسبيرغر الصادر عام 1982 "Tron" أيضًا دخول العالم الرقمي. يبدو الواقع الافتراضي اليوم تماماً كما تخيله هؤلاء الكتاب، حيث يوفر الهروب إلى عوالم بديلة بارتداء نظارات الواقع الافتراضي التي توفر صوراً وأصواتاً ثلاثية الأبعاد بتجربة غامرة. تسمح لنا القفازات اللمسية بتجربة اللمس في عالمنا البديل، ويعمل الباحثون على استحضار النكهات والروائح إلى التجربة الغامرة أيضا.
كانت هذه بعض التكنولوجيات فقط، لا ننسى ظهور الساعات الذكية ومكالمات الفيديو في الكثير من العروض الأخرى. لكن ما الذي جعل مثل هذه التكنولوجيات تصبح حقيقة؟ إنه الخيال أولا الذي أبدعها، والعمل الذي لم يرَ فيها مستحيلاً.
اللافت هو سرعة تحول هذه التكنولوجيات إلى واقع بفضل سرعات المعالجة والحوسبة، وتقنيات الذكاء الاصطناعي الداخلة بقوة إلى عالم الابتكار. لكن ما يجب أن يحذر منه كتاب الخيال العلمي هو الخطأ البسيط الذي قد يكون حسابيّاً، والذي قد يجعلهم عرضة للتشهير في أكثر من مناسبة، كما حدث مع فيلم Contact الذي يتناول البحث عن حياة ذكية خارج الأرض، حيث لم تغفر روعة الفيلم وإحكامه العلمي لصناعه خطأهم الحسابي في حساب عدد الحضارات الذكية المحتملة في درب التبانة، فقد كان هذا الخطأ موضوع صفحات عدة في كتابَين للفيزيائي الفلكي نيل ديغراس تايسون، الذي لم يجد حرجاً في إلقاء اللوم على الممثلة جودي فوستر التي تخرجت في جامعة ييل، لتمريرها هذا الخطأ إلى المشاهد.
:بعض مقالاتنا في جديد العلوم والتكنولوجيا لهذا الأسبوع
نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك، استمرار استخدامك للموقع يعني موافقتك على ذلك. سياسة الخصوصيةأوافقX
Privacy & Cookies Policy
Privacy Overview
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these cookies, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may have an effect on your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.