تاريخ النشرة : 08-11-2022
يكتبها هذا الأسبوع: شوكت قنبر
طور البشر الكثير من الطرق التي تساعدهم على التنبؤ بالطقس، يمكننا اليوم أن نعرف درجة الحرارة في الأيام القادمة، وأن نعرف متى ستهطل الأمطار أو متى يجب الابتعاد عن العواصف.
مع ارتفاع درجات حرارة كوكبنا بسبب الاحتباس الحراري، هناك مساعٍ عديدة للحد من هذه الظاهرة، وذلك من خلال تقليل انبعاثات غازات الدفيئة نتيجة حرق الوقود الأحفوري، ومؤخراً، بدأ العلماء يقولون إننا قد نضطر إلى اتخاذ إجراءات للتحكم في الطقس إن لم نتمكن من السيطرة على تغير المناخ.
التحكم في الطقس ممكن
قد تظن أن فكرة التحكم في المناخ هي مجرد خيال علمي، لكن العلماء في الحقيقة تمكنوا منذ عدة عقود من التحكم في الطقس، الاستمطار هو مثال على ذلك، وهي عملية إضافة جزيئات إلى السحب لحثها على هطول الأمطار أو الثلوج. لقد تم اختبار ذلك بالفعل في جميع أنحاء العالم، والهدف من العملية هو زيادة هطول الأمطار في الأماكن التي تعاني من نقص المياه.
الاستمطار بين الإيجابيات والسلبيات
يتم الاستمطار عن طريق نثر مركب يوديد الفضة في السحب بواسطة الطائرات، أو تفجير صواريخ تحتوي على هذا المركب بين السحب، هناك تقنية أخرى مقترحة، هي الاعتماد على الرياح لنثر يوديد الفضة وإيصاله للسحب بشكلٍ طبيعي، لكن لم يثبت نجاحها حتى الآن.
ليوديد الفضة بنية تشبه جداً الجليد، لذا فإنه يلتصق بالسحب مثل بلورات الجليد ويجعل السحابة أثقل، ما يدفعها لإطلاق ما تحتويه من ماء أو جليد.
كانت اختبارات الاستمطار مفيدة للغاية في ولاية وايومينج الأميركية، لقد ساهمت في زيادة معدل تساقط الثلوج في بعض المناطق بنسبة 5 - 15%.
لا تستخدم عملية الاستمطار فقط لزيادة معدل هطول الأمطار في المناطق الجافة، بل يمكن استخدامها للحد من هطول الأمطار في بعض المناطق، حيث يجري تفريغ السحب من المياه لتجنب تجمعها وهطول أمطار غزيرة دفعة واحدة ما يسبب فيضانات.
حتى إن هناك شركة أوروبية تدعى أوليفرس ترافلس (Oliver"s Travels)، متخصصة في تفريغ السحب من الأمطار لمنع تأثيرها على الأحداث التي يتم إقامتها، مثل الحفلات الفنية أو حفلات الزفاف التي تجري في الهواء الطلق.
قد لا يكون الاستمطار مفيداً دائماً، إذ يجب أن نعرف أننا إذا أجبرنا السحب على هطول الأمطار في منطقة ما، فلن يتبقى فيها ماء كافٍ ليهطل في مناطق أخرى قد تحتاج للماء أيضاً. لهذا السبب، يجب أن يتم استخدام طريقة الاستمطار بحكمة ومسؤولية.
حجب ضوء الشمس
لا يضيف العلماء موادَّ إلى السحب من أجل الاستمطار فقط، هناك أيضاً اقتراحات لصناعة السحب، تسمى هذه العملية بحقن الهباء الجوي في طبقة الستراتوسفير. الهدف منها ليس الاستمطار، وإنما تشكيل سحب تحجب ضوء الشمس وتعكسه إلى الفضاء لتقليل تأثير الاحتباس الحراري.
هذا يحدث بالفعل بشكل طبيعي. عندما تثور البراكين، فإنها تشكل سحباً كثيفة في الهواء تحجب أشعة الشمس وتبرد الكوكب.
يبحث العلماء في إمكانية إطلاق مواد في طبقات الغلاف الجوي العليا لتشكيل سحب تحجب القليل من أشعة الشمس، لكن هناك خلاف حول نوع المواد التي يجب إطلاقها، والتأثيرات التي قد تسببها، فالمواد الكبريتية التي تطلقها البراكين تؤثر سلباً على طبقة الأوزون.
لتجنب الضرر الذي قد يلحق بالغلاف الجوي، يستكشف علماء جامعة إم آي تي الأميركية جدوى إنشاء فقاعات في الفضاء (Space Bubbles) تطفو في المنطقة بين الأرض والشمس وتعكس نسبة ضئيلة من الأشعة الشمسية وتمنع وصولها للأرض.
يقول علماء إم آي تي إن هذا الحل هو حل محتمل للحد من ظاهرة تغير المناخ، حيث يتوقعون فشل الحكومات في خططها للتخلي عن الوقود الأحفوري وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ما سيؤدي إلى استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض، والحاجة إلى طرق وحلول تنقذ كوكبنا.
التحكم بالطقس أمر معقد ومكلف
على الرغم من أن كل وسائل وأفكار التحكم في الطقس تستند إلى أساسٍ علمي ومنطقي قابل للتطبيق، لكن تكلفة تطبيقها عادةً ما تكون كبيرة للغاية.
على سبيل المثال، بدلاً من دفع تكاليف باهظة لتجربة الاستمطار، يمكن صرف هذه الأموال على مشاريع لتوفير المياه للمناطق الجافة، مثل استجرار المياه الجوفية أو تكرير مياه الصرف الصحي أو تحلية مياه البحر.
فيما يتعلق بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ، يعتبر خفض استهلاك الوقود الأحفوري أفضل وأسهل طريقة، وبدلاً من صرف أموال طائلة على مشاريع حجب الشمس، يمكن بناء مشاريع لتوليد الكهرباء بالطاقة المتجددة، مثل مزارع الرياح أو محطات الطاقة الشمسية المركزة.