تاريخ النشرة : 27-09-2022 يكتبها هذا الأسبوع: د. وسام شاهين، مدير المحتوى العلمي والتقني في مجرة
أثناء مشاركتي في المؤتمر العالمي لنقل البيانات (ITC25) في شنغهاي عام 2013، قدمت إحدى المسؤولات عن قطاع الاتصالات في الصين عرضاً تقديمياً تضمن شريحة بسيطة يظهر فيها فيلٌ كبير في غرفة لها بابٌ صغير. قالت: الفيل هو حجم البيانات التي يتم إنتاجها لحظياً في العالم، والباب يمثل التكنولوجيا المتوفرة حالياً لنقل وتبادل هذه البيانات. وختمت: "التحدي واضح، ولهذا بدأنا العمل على تطوير شبكات الاتصالات من الجيل الخامس 5G".
بعد أقل من عقد، أحصت الجمعية الدولية لمزودي الخدمات الخلوية ما يقارب 500 شركة لتشغيل الهواتف المحمولة قامت بتشغيل تكنولوجيا الجيل الخامس، أو تخطط لتشغيلها، وذلك في 145 بلد، بزيادة ملحوظة عن 412 شركة في نهاية 2020.
وبعد أقل من عقد أيضاً، ارتفع حجم البيانات التي نولّدها ونجمعها ونتبادلها على مستوى العالم بأكثر من 10 أضعاف من 9 زيتابايت (أي 10 مرفوعة للقوة 21 بايت) في 2013 إلى 97 زيتابايت في 2022، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 181 زيتابايت بحلول عام 2025.
أعتقد أن تلك المسؤولة قد عدلت الآن الشريحة البسيطة لتظهر 10 فيلة في نفس الغرفة!
التحدي أوضح اليوم، الهدف هو تطوير جيل جديد من شبكات الاتصالات يوفر أضعاف سرعة نقل البيانات المتاحة حالياً، وهذا هو الوعد الذي يقطعه مختصو التكنولوجيا والاتصالات في شبكات الجيل السادس (6G).
ما هي شبكات الاتصالات من الجيل السادس (6G)؟ هي الجيل التالي من تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية، ستتميز عن الأجيال السابقة مثل 5G بتوفيرها سرعات أعلى وزمن تأخير أقل في نقل البيانات واستهلاك أقل للطاقة، مع توفير نطاق تغطية خلوية أوسع وموثوقية أعلى. ما تزال هذه التكنولوجيا قيد التطوير من قبل العديد من الشركات الكبرى مثل هواوي وإل جي ونوكيا وسامسونج وأبل، بالإضافة إلى العديد من المختبرات البحثية حول العالم.
سرعة التحميل: في حين تقدم شبكات الجيل الخامس سرعات تحميل تصل إلى 10 جيجابت في الثانية، تعد شبكات الجيل السادس بتوفير سرعة أعلى بـ 100 ضعف لتصل إلى 1 تيرابت في الثانية. هذا يعني أنك ستتمكن من تحميل ما يعادل 142 ساعة من ملفات الفيديو عالية الجودة على نيتفليكس خلال ثانية واحدة.
زمن التأخير: يتراوح زمن التأخير على شبكات الجيل الخامس بين 1 و5 ميلي ثانية، بينما سيقاس هذا التأخير على شبكات الجيل السادس بالميكرو ثانية. وهذا أمر بالغ الأهمية في العديد من السياقات مثل إجراء العمليات الجراحية عن بعد.
النطاق الترددي: من المتوقع أن تستخدم شبكات الجيل السادس الموجات الميليمترية (ضمن النطاق الترددي من 30 إلى 300 جيجاهرتز) وموجات التيراهيرتز (ضمن النطاق الترددي من 300 إلى 3000 جيجاهرتز).
التحديات التي تواجه الجيل الجديد من الشبكات اللاسلكية قبل أن نلمس شبكات الجيل السادس حقيقة واقعة، يجب على المهندسين والباحثين مواجهة العديد من التحديات مثل إتقان التعامل مع فيزياء الإشارات عالية التردد، وإدارة متطلبات المساحة ضمن الأجهزة لعدة شرائح وعناصر إلكترونية لاسلكية، وتطوير الأنظمة المطلوبة لأتمتة إدارة الشبكات الموزعة والقابلة للبرمجة.
كما أن هذه الأنظمة ستتطلب أنظمة هوائيات فعالة أكثر تعقيداً، ودرجة أعلى من التكامل ضمن الشبكات باستخدام تكنولوجيات وصول راديوي أخرى (مثل الشبكات المحلية اللاسلكية والبلوتوث والنطاق فائق العرض والأقمار الاصطناعية)، وتكنولوجيات مشتركة للاتصالات والاستشعار. إن دمج كل ما سبق ضمن جهاز واحد، مثل هاتف ذكي، سيتطلب مجموعة ضخمة ومعقدة من التكنولوجيات الخاصة بالإرسال والاستقبال بالموجات الراديوية. كما سيتطلب مستوى عالياً وقدرات ابتكارية في الهندسة الكهربائية والحاسوبية، وقدرات عالية أيضاً في مجال الهندسة الصناعية وإدارة الطاقة.
وتمثل مسائل قدرات الحوسبة وتخزين البيانات تحديات متصاعدة باستمرار لشبكات الاتصال الجديدة عالية السرعة والقابلة للبرمجة. وللتكيف مع عدد الأجهزة التي ستحتاج للاتصال بشبكات الجيل السادس، وهو عدد يتزايد بصورة متسارعة، ستحتاج الشرائح الحاسوبية الجديدة إلى معالجة الإشارات بسرعة أكبر، ما يتطلب المزيد من القدرات الحاسوبية.
ما هي التطبيقات المتوقعة لاتصالات الجيل السادس؟ تشكل شبكات الجيل السادس قطعة الأحجية الناقصة التي ستتكامل مع، وتستفيد من، وتبني على، وتعزز التكنولوجيات الأخرى مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والحوسبة الطرفية والميتافيرس.
عندما تتحول هذه التكنولوجيا إلى حقيقة، فإنها ستوفر البنية الضرورية للعديد من التطبيقات التي تبدو الآن ضرباً من الخيال. خذ على سبيل المثال، توفير تجربة ثلاثية الأبعاد غامرة في مكالمات الفيديو، إجراء عمليات جراحية كاملة عن بعد، تطور جذري في عالم ألعاب الفيديو وعالم الميتافيرس يحاكي تماماً الواقع الفعلي، كل ذلك بالاستفادة من سرعات التحميل العالية وزمن التأخير المنخفض.
حتى أن بعض الخبراء يتوقعون أن تتيح شبكات الجيل السادس الاستغناء عن الهاتف الذكي واستبداله بنظارة الواقع الافتراضي، إذ بالاستفادة من سرعة الاتصال العالية، يمكن إتمام جميع العمليات التي يقوم بها معالج الهاتف على السحابة! ولك أن تتخيل حالات الاستخدام العديدة في مجال التعليم والطب والنقل.
ستحسن شبكات الجيل السادس من دقة تحديد المواقع أيضاً، وهذا يعني توفير البيانات الكافية في الوقت المناسب للروبوتات والسيارات ذاتية القيادة والطائرات المسيرة، ويفتح إمكانات جديدة للمدن الذكية.
لنأخذ على سبيل المثال مشكلة تنسيق حركة السيارات ذاتية القيادة في مدينة كبرى. هذه مشكلة صعبة، نظراً لوجود حوالي 4.4 مليون سيارة تدخل مدينة مثل نيويورك يومياً. ويجب أن تكون السيارات ذاتية القيادة في المستقبل قادرة على تحديد موضعها، وبيئتها، والتغيرات المحيطة بها، إضافة إلى الآخرين في الطريق مثل راكبي الدراجات والمشاة والسيارات ذاتية القيادة الأخرى. ويجب أن تشق طريقها عبر التقاطعات، وتحسب المسار الأمثل بطريقة تقلل من زمن الرحلة. هذا تحدٍّ صعب من الناحية الحاسوبية، ويتطلب من السيارات أن تقوم بتشكيل الشبكات بشكل فوري أثناء اقترابها من تقاطع معين، على سبيل المثال، ومن ثم ترك هذه الشبكات بعد وهلة قصيرة. وفي نفس الوقت، يجب أن تكون جزءاً من شبكة أكبر تقوم بحساب المسارات وزمن الرحلات وغير ذلك. سيصبح هذا السيناريو ممكناً بفضل شبكات الجيل السادس.
متى سيكتمل تطوير ونشر شبكات الجيل السادس؟ تشير معظم التوقعات إلى أن الإطلاق والنشر الفعلي لشبكات الجيل السادس سيتم بحلول نهاية هذا العقد، ويشير تقرير من إيه بي آي ريسيرش إلى أن النشر التجاري سيحدث بين عامي 2028 و2029، مع احتمال نشر جزئي للتكنولوجيا في مناطق متفرقة قبل ذلك الموعد.
تجدر الإشارة إلى أن شركة إل جي نجحت قبل أيام في تجربة إرسال بيانات عبر شبكة اختبار من الجيل السادس، باستخدام نطاق ترددي يتراوح بين 155 جيجاهرتز و175 جيجاهرتز، وعبر مسافة وصلت إلى 320 متر. وعلى الرغم من أن الشركة لم تذكر السرعة التي تم عندها نقل البيانات، إلا أنها أكدت أهمية هذه التجربة في "تقريبنا خطوة من الوصول إلى سرعة 1 تيرابت في الثانية".
:بعض مقالاتنا في جديد العلوم والتكنولوجيا لهذا الأسبوع
نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك، استمرار استخدامك للموقع يعني موافقتك على ذلك. سياسة الخصوصيةأوافقX
Privacy & Cookies Policy
Privacy Overview
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these cookies, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may have an effect on your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.