تاريخ النشرة : 21-06-2022 يكتبها هذا الأسبوع: عمرو عوض يرتبط مفهوم الذكاء الاصطناعي في أذهان معظمنا بروايات وأفلام الخيال العلمي، حيث الروبوتات تساعد الناس وتضحي من أجلهم أو تنقلب وتحاول السيطرة عليهم، إلا أن الواقع -للأسف- أقل إثارة بكثير. كل أنواع واستخدامات الذكاء الاصطناعي التي طورها البشر حتى الآن ليست سوى أنظمة أو برمجيات مصممة لأداء مهمة محددة بشكل جيد، مثل التعرف على الوجوه أو تحسين عمليات البحث على الإنترنت. وبالكاد بدأت بعض الأنظمة الأكثر تقدماً في أداء عدد أكبر من المهام، وبتدريب على كمية أقل من البيانات.
الذكاء الاصطناعي الضعيف والقوي بالرغم من أن هذا الأمر محبط، إلا أن سببه في الغالب أننا نتوقع من الآلات أن "تفكر" بنفس طريقة تفكيرنا وأن تمتلك ذكاءً يعمل بنفس أسلوب الذكاء البشري. لذلك، فإننا نتحمس سريعاً عندما نسمع عن أن نظماً ذكياً ربماطور وعياً أو تحدث مثل البشر. الواقع أن الذكاء الاصطناعييعمل من خلال الجمع بين مقاربات مختلفة لحل المشاكل كالرياضيات والإحصاء الرياضي وبحوث العمليات والتحليل التنبؤي وعلم الأعصاب ونظرية التحكم والأمثَلة وغيرها. وبالتالي، فإنه لا يفكر فعلياً ولا يفهم حتى اللغة عندما نستخدمه في مهام كالترجمة في الوقت الفعلي أومعالجة اللغات الطبيعية (NLP).
هناكفئتان رئيسيتان من الذكاء الاصطناعي: الذكاء الاصطناعي الضيق أو الضعيف (Narrow AI)، والذكاء الاصطناعي القوي أو الذكاء العام الاصطناعي (AGI). جميع استخدامات الذكاء الاصطناعي الحالية تندرج تحت مفهوم الذكاء الاصطناعي الضيق، أما الذكاء الاصطناعي العام فلا يزال حالة مثالية من المفترض أن تتمكن فيها الآلات من أداء مجموعة واسعة من المهام، دون الحاجة إلى تدريب مسبق، وبمستوى يتجاوز قدرات البشر.
لم أكتب كل هذا بما أننا قد وصلنا إلى هذه النقطة، ينبغي أن أعترف -كما لابد أنك قد فهمت من العنوان- أن جزءاً كبيراً من هذا الكلام (حوالي 50%) لم أكتبه بنفسي وإنما طلبت من ذكاء اصطناعي "ضعيف" أن يكتبه. استخدمت أداة كتابة من (copy.ai)، وهي منصة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتيح للكتّاب ومنشئي المحتوى البدء بجملة أو اثنين، لتقوم بعدها الأداة بتوليد فقرات ومقالات حول نفس الموضوع. بالطبع، هذه ليست المرة الأولى التي يكتب فيها الذكاء الاصطناعينصوصاً طويلة ومقالات وكتب، وباستخدام نماذج أقوى مما استخدمته هنا، مثلجي بي تي-3 (GPT-3).
كنت أنوي في البداية أن أكتب مقالة حول شعوري بأن الذكاء الاصطناعي غير مؤثر فعلياً في حياتي اليومية -على الأقل بشكل محسوس- فأنا لا أستخدم مساعد مايكروسوفت الشخصي "كورتانا" ولا مساعد أبل "سيري" إلا في حالات نادرة ومعظمها على سبيل المزاح، ولم أستقل سيارة ذاتية القيادة حتى الآن، ولا أعرف أحداً ضمن دائرة معارفي يعتمد في عمله على الطائرات المسيرة. ومن ثم، فإن تأثير الذكاء الاصطناعي في حياتي اليومية يحدث غالباً من خلف الكواليس وبدون أن أشعر، مثل فرز وتصفية البريد الإلكتروني والتنبؤ بالكلمات عند الرد على الرسائل الواردة، أو التوصية بمنتجات تناسب تفضيلاتي على موقع أمازون، أو البحث عن أغنية تشبه ما بحثت عنه قبل ذلك في تطبيق الموسيقى الذي أستخدمه.
ماذا يقول الذكاء الاصطناعي عن نفسه؟ لكن بما أن الكتابة في هذا الموضوع ستكون صعبة والكلمات لن تعبر عن كل ما أشعر به، وجدت أنه من الأفضل أن استكشف ما يمكن أن يقوله الذكاء الاصطناعي عن نفسه. فقط حددت له الموضوع وسألته عن السبب في أنني أشعر بأن الذكاء الاصطناعي لا يؤثر بشكل محسوس في حياتي.
بالطبع النتيجة لم تكن جيدة للغاية، وجاءت كثير من الكلمات مكررة وتحمل أفكاراً تقليدية تماماً، وفي بعض الأحيان بقواعد نحوية غير سليمة. لكنها ليست سيئة كبداية، خصوصاً وأن بعض ما ذكره لم أفكر فيه من قبل. فمثلاً يقول البرنامج في أحد الردود: "يمكن للذكاء الاصطناعي تغيير حياتنا والتأثير علينا. ولكن لسوء الحظ، لا يستطيع معظم الناس رؤيته في حياتهم اليومية. سيكون الذكاء الاصطناعي بالتأكيد جزءاً من الحياة اليومية خلال السنوات القليلة المقبلة، على الرغم من أننا لن نلاحظ معظم هذه التأثيرات، لأنه سيظل مختبئاً داخل تطبيقات الأجهزة المحمولة ومراكز البيانات الضخمة. ومع ذلك، سيعمل الذكاء الاصطناعي بجد لجعل حياتنا أسهل".
وفي سياق آخر يقول: هناك ميزة عظيمة للذكاء الاصطناعي في الاستخدام اليومي. ففي مجال الأعمال، يمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بسوق الأوراق المالية وتوليد مؤشرات التداول، فنحن قادرون على إنشاء نموذج قائم على الذكاء الاصطناعي يعتمد على بعض النماذج التي أثبتت نجاحها".
انتقادات قاسية بالطبع كانت هناك الكثير من الفقرات التي تخالف المنطق، فبمجرد تحريض البرنامج ضد الذكاء الاصطناعي، بدأ في الانتقاد قائلاً إن "الذكاء الاصطناعي ليس ذكياً على الإطلاق. إنه غير قادر على التعلم الذاتي حالياً. تمت برمجة جزء كبير من مهارات الذكاء الاصطناعي مسبقاً بواسطة الذكاء البشري لإنشاء رد فعل ذكي. إذا تغير الموقف، فلن يكون لدى الذكاء الاصطناعي القدرة على التكيف أو تعلم أشياء جديدة. إنه يفعل بالضبط ما يُطلب منه القيام به، بدون حكمة أو تفكير حقيقي. إنه أشبه بالعبد أكثر من أي شيء آخر!".
وهنا وصلت الانتقادات إلى مستوى مفجع، حيث قال عن نفسه "إنه لا يمتلك الفهم البديهي الذي يمتلكه البشر ويفتقر إلى القدرة على حل المشكلات، ولهذا السبب أنا ضد الذكاء الاصطناعي".
بعد هذه التجربة الرائعة، لا مفر من التذكير مرة أخرى بالواقع الذي يقول إن أكثر برامج الذكاء الاصطناعي تقدماً -مهما زاد غرابة وثراء إنتاجه ومخرجاته-لا يزيد وعياً عن وعي آلة حاسبة للجيب. لكن تلك الأنظمة التي لا تتوقف عن التطور ستظل تبهرنا بقدرتها على أداء المهام التي لا يمكننا كبشر القيام بها، وسنستمر في رؤية تأثيراتها تتغلغل في حياتنا، على الأقل في المستقبل المنظور.
نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك، استمرار استخدامك للموقع يعني موافقتك على ذلك. سياسة الخصوصيةأوافقX
Privacy & Cookies Policy
Privacy Overview
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these cookies, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may have an effect on your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.