تاريخ النشرة : 14-06-2022
يكتبها هذا الأسبوع: شوكت قنبر
قبل نحو عقدين، اقترحت وكالة ناسا الأميركية للفضاء مشروعاً لإنشاء محطات للطاقة الشمسية في الفضاء، نعم، لقد قرأت ذلك بشكل صحيح. محطات طاقة شمسية في الفضاء لتوليد الكهرباء وإرسالها للأرض.
لم ير مشروع ناسا النور حتى اليوم، لكن في مارس الماضي، كلفت حكومة المملكة المتحدة شركات وباحثين بإجراء بحث ودراسة لمشروع إطلاق قمر صناعي كبير بقيمة 16 مليار جنيه إسترليني يحتوي على ألواح طاقة شمسية.
يركز البحث على أن تلتقط الألواح الشمسية في هذا القمر أشعة الشمس الوفيرة في مدار الأرض، ثم ترسلها على شكل موجات راديو عالية التردد إلى نقطة ثابتة على الأرض مجهزة لاستقبالها.
يبلغ قطر القمر 1.7 كيلو متراً ويزن نحو 2000 طن. ومن المتوقع أن يوفر 2 جيجاواط من الطاقة الكهربائية للمملكة المتحدة. في حين أن هذه الكمية كبيرة، إلا أنها تشكل جزءاً صغيراً من الطاقة التي تحتاجها المملكة المتحدة، والتي تبلغ نحو 76 جيجاوات.
مع التكاليف الأولية المرتفعة للغاية وبطء العائد على الاستثمار، سيحتاج المشروع إلى موارد حكومية كبيرة بالإضافة إلى استثمارات ضخمة من قبل الشركات الخاصة.
كيف ستعمل محطة الطاقة الشمسية في الفضاء؟
هذه المحطة عبارة عن قمر صناعي مزود بألواح شمسية خفيفة الوزن لتسهيل حملها إلى الفضاء. ستلتقط هذه الألواح أشعة الشمس وتحول الطاقة الحرارية في هذه الأشعة إلى طاقة كهربائية، ثم سيتم نقل الطاقة الكهربائية لاسلكياً إلى الأرض من خلال موجات راديو عالية التردد. وعلى الأرض، سيقوم هوائي أرضي كبير الحجم باستقبال هذه الموجات وتحويلها إلى كهرباء مجدداً، ثم توصيل الكهرباء مع شبكة الطاقة الكهربائية المحلية.
بناء محطة للطاقة الشمسية في الفضاء هو مشروع مجدٍ اقتصادياً لعدة أسباب؛ أهمها أننا نملك التقنيات اللازمة لتنفيذ هذا المشروع، مثل الألواح الشمسية خفيفة الوزن والمركبات الفضائية المتقدمة، والروبوتات القادرة على تركيبها وإصلاحها في المدار، بالإضافة إلى طرق فعالة لنقل الطاقة لاسلكياً من الفضاء إلى الأرض دون ضياعها أو تبددها.
لماذا الفضاء؟ ألا توجد مساحة كافية على سطح الأرض لإنشاء محطات الطاقة الشمسية؟
السبب الذي يجعل إنشاء محطات الطاقة الشمسية في الفضاء أفضل من الأرض هو الغلاف الجوي المحيط بالأرض، الذي يُفقد الأشعة الشمسية جزءاً كبيراً من طاقتها، لكي تدرك هذا التأثير، عليك أن تعرف أن ألواح الطاقة الشمسية على الأرض تتلقى فقط 1% من الطاقة الشمسية التي يمكن أن تتلقاها نفس الألواح في الفضاء.
بالإضافة إلى ذلك، إنشاء محطات الطاقة الشمسية في الفضاء سيساعد في إيصال الكهرباء إلى أي مكان على الأرض بسهولة، هذا مفيد للغاية في المناطق النائية التي لا تصل إليها خدمات الكهرباء، أو في أماكن الكوارث الطبيعية والحروب.
لا يجب أن ننسى أيضاً أن المحطات في الفضاء لن تتأثر بتقلبات الطقس ووجود الغيوم التي تحجب الأشعة الشمسية، كما أنها يمكن أن تعمل طوال اليوم من خلال البقاء دائماً في المنطقة المواجهة للشمس، أي أنها لن تتوقف عن العمل في الليل بسبب غياب الشمس.
انتقادات وُجهت للمشروع
على الرغم من أن هدف محطات الطاقة الشمسية الفضائية هو تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتأثيرها على المناخ، لكن تجميع محطة واحدة في الفضاء سيتطلب العديد من عمليات إطلاق المركبات الفضائية، وكما هو معروف، يؤدي إطلاق هذه المركبات إلى انبعاث الكثير من الغازات الضارة، كما أنها مكلفة للغاية.
لكن شركة "سبيس إكس" (SpaceX) الأميركية نجحت في إعادة استخدام المركبات بعد إطلاقها، ما أدى إلى إحداث ثورة في مجال غزو الفضاء، حيث ستؤدي القدرة على إعادة استخدام مركبات الإطلاق إلى تقليل التكلفة الإجمالية لإنشاء محطة طاقة شمسية في مدار الأرض، بالإضافة إلى تقليل تأثيرها على البيئة.
مشروع إنشاء محطة طاقة شمسية في الفضاء يواجه تحديات عديدة ينبغي التغلب عليها، لكن من يعلم، ربما تكون هذه المحطات مقدمة لفرص بحثية متطورة ومثيرة. وفي المستقبل، من المرجح أن تلعب هذه التكنولوجيا دوراً مهماً في إمدادات الطاقة العالمية وتوفير مصدر دائم ومتجدد للطاقة يغنينا عن استخدام الوقود الأحفوري.
