اشترك

الاستمرار بالحساب الحالي

Preview
 
 

تاريخ النشرة : 19-04-2022
تكتبها هذا الأسبوع: نجوى بيطار

قد يتراءى لنا أن ارتباط علمٍ أو تكنولوجيا بالإثارة أمراً غريباً، إذ لا تعبر في أذهاننا لدى ذكر العلوم والتكنولوجيا سوى جدية جافة.

لكنّ الحال ليس كذلك دائماً، لا سيما لدى الحديث عن علم البيانات، حيث استحقت علوم البيانات اللقب الذي أطلقه خبراء كُثر عليها بجدارة، فالأعمال المرتبطة بعلوم البيانات لا تعد ولا تحصى. وحقيقةً إننا نحيا  وحقيقةً أننا نحيا في عالم تحركه البيانات.

علوم البيانات: الرحلة الممتعة من الدراسة إلى العمل
يعالج عالم البيانات مختلف التحديات من خلال استخدام البيانات جنباً إلى جنب مع التعلم الآلي. من ناحية أخرى، تعد دراسة علم البيانات مجالاً متعدد التخصصات يجمع بين علوم الحاسوب والطرائق الإحصائية وكفاءات الأعمال، وعلى من يريد أن يصبح خبير بيانات أن يمتلك خبرة فريدة إلى جانب الخبرة في علوم البيانات الأولية، قد يشمل ذلك التحليل الإحصائي وتمثيل البيانات واستخدام منهجية التعلم الآلي وإدراك التحديات المفاهيمية المرتبطة بالأعمال وتقييمها.

مستقبل علوم البيانات
قد يتصور المتحمسون للعلوم تطوراً ثابتاً للتكنولوجيا على مدى السنوات الخمس المقبلة، إذ تتحسن الابتكارات العلمية والتكنولوجية باستمرار، ويتم إنشاء فرص جديدة وإطلاق تكنولوجيات أكثر حداثة لتعزيز الأعمال للأفراد والمؤسسات.

لكنّ العديد من المؤسسات والشركات أدركت صلب اللعبة، وأدركت أهمية التطوير والنمو القائمين على علم البيانات كمفتاح لزيادة قدرتها التنافسية. نتيجة لذلك، تحسن الإنتاج أيضاً خلال السنوات القليلة الماضية. خذ آبل وأمازون وول مارت كأمثلة، فقد قامت هذه الشركات بتحسين وضع علاماتها التجارية العالمية، وحققت أرباحاً ثابتة وهي مستمرة في النمو، ويرجع ذلك جزئياً إلى اعتمادها المتطور على علم البيانات.

يُقاس نجاح الشركات اليوم بتكييفها ما تجمعه من بيانات لصالحها وقدرتها على معالجة هذه البيانات واستخلاص الرؤى منها، ابتداءً من التواصل مع العملاء وحتى تسليم المنتج النهائي، إذ أننا نواجه باستمرار مواقف لا يمكن التنبؤ بها، مثل جائحة كوفيد -19، التي دعت الشركات إلى بذل ما في وسعها لتقليل الاتصال بين البشر، فأصبح على الشركات أن تغير من أساليبها في النمو والوصول، وقد ساعد علم البيانات والتكنولوجيا المتغيرة بسرعة في دفع هذه التغييرات وإثبات وجود مستقبل مشرق للشركات التي تعتمد على علم البيانات. ومع ذلك، سيعتمد هذا على جودة  البيانات التي يمكن للشركات الحصول عليها وكميتها أيضاً، أي ينبغي أن يكون لسان حال الشركات "لنجمع الكثير من البيانات المفيدة لخدمة عملائنا".

ونظراً لوجود تركيز أكبر على بيانات سلوك المستهلك، تبحث الشركات باستمرار عن أفضل طريقة لجمع هذه المعلومات. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك دعوات متصاعدة لتبني أخلاقيات لجمع البيانات وجعلها عملية مقننة. في الجملة الأولى تبرز الحاجة إلى جمع المزيد من البيانات، أما في الثانية فنحن أمام ضرورة أن تكون هذه البيانات سرية وفي مأمن.

كل هذا التركيز على علم البيانات يجعل علماء البيانات مهمين جداً للشركات من جميع الأحجام. ويتمتع هؤلاء المحترفون بالكفاءات اللازمة لتطوير أطر عمل التعلم الآلي وتقديم قيمة لمجموعات البيانات الضخمة التي يحصلون عليها.

في ضوء الذكاء الاصطناعي
مع تنامي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن يستمر ارتفاع الطلب على علماء البيانات، فعالم البيانات يتعمق بشكل عام في التحليلات المقترنة بالمخرجات. في حين يعمل الذكاء الاصطناعي كعنصر أساسي في عملية التعلم الآلي، والذي يعتمد على تطوير أطر ذاتية العمل. لكن هذا يولد نتائج محددة تفتقر إلى التفاعلات. وهنا تبرز الحاجة إلى علماء البيانات لاستكشاف قيمتها بشكل شامل، وقد يشكل هذا تحدياً لمستقبل علماء البيانات.

في هذا ينظر البعض إلى الذكاء الاصطناعي كانتكاسة متوقعة لعلماء البيانات، لكن إيجابيات وجودهم تدعم الجانب الذي يرى أفقاً واسعاً لعلماء البيانات، فهناك إدراك متزايد لأهمية دورهم في زيادة المعرفة التنافسية. بالنظر إلى المستقبل، ستكون هناك فرص أكثر أهمية لتطوير خوارزميات أكثر تقدماً وعرض ما يمكن أن يقدمه علماء البيانات في عالم العلوم والتكنولوجيا.

السمعة على المحك!
اكتسبت البيانات نفسها خلال الأعوام الماضية سمعة سيئة. نظراً لاستخدامها من قبل الكثير من الشركات  للوصول إلى كميات لا يمكن تصورها من بيانات العملاء واتهام كثير منها باستخدام غير أخلاقي وغير قانوني لهذه البيانات. وكانت أصداء ذلك لدى العامة سيئة عموماً، سواء كان ذلك بسبب الافتقار إلى الشفافية حول الغرض من استخدام البيانات أو أنه تم جمع البيانات في المقام الأول.

الوجه السيئ لجمع البيانات
تعد جوجل أحد أحدث الأمثلة على الشركات التي لاقت الكثير من الاستهجان بسبب استخدامها للبيانات. لكن السؤال المطروح هنا: هل جوجل هي الأسوأ فيما  يتعلق الأمر بإساءة استخدام البيانات؟

يعتقد الكثيرون أن ميتا (فيسبوك سابقاً) هي الشركة التي تستحق المركز الأول في هذه المشكلات، سواء كان الأمر يتعلق بالتدخل في الانتخابات أو جمع جهات اتصال البريد الإلكتروني دون علم المستخدمين أو غيرها من الفضائح، يبدو أن ميتا تتربع على العرش.

أما أكثر المشكلات المخيفة شيوعاً فيما يتعلق بجمع البيانات هو الافتقار إلى الأمان المحيط بها. ففي عام 2019، واجهت شركات لها سمعة عالمية جيدة متاعب جمة بسبب انتهاكات طالت البيانات التي تم جمعها من مستخدمي خدماتها، وكان بعض هذه الانتهاكات بدون قصد، إلا أنه أربك هذه الشركات، من أشهرها كانفا وزينغا وأدوبي.

اليوم، يعد حصول الشركات على شهادة ISO27001 التي تضع معايير صارمة لحماية المعلومات الحساسة، أمراً جيداً لإقامة صلة وثيقة مع عملائها. يتطلب الحصول على هذه الشهادة عمليات تدقيق منتظمة حتى تكون متوافقة وتظل معتمدة. يتطلب الأمر جهداً للحصول على هذه الشهادة، لكن فكر بالعوائد على عملائك وشركتك أولاً وأخيراً.

الجانب المشرق لجمع البيانات
على الرغم من قصص إساءة استخدام البيانات، لكن لا يمكن بحالٍ من الأحوال أن نغض الطرف عن الإيجابيات العديدة. مثلاً اجتماع آبل وجوجل في تتبع إصابات كوفيد-19، لقد رأينا أيضاً قدراً كبيراً من المشاركة المفتوحة للبيانات المجهولة الهوية أثناء هذا الوباء، وخير مثال على ذلك هو "ويذثينكس" Withings، الشركة المصنعة لأجهزة مراقبة النوم والحركة والصحة الذكية، والتي شاركت البيانات التي تجمعها أجهزتها لإثبات الحقيقة وراء بعض الأفكار المقبولة على نطاق واسع عن الحياة في الحجر الصحي. كذلك، أي تطلع لإنشاء مدن ذكية مستقبلاً، يجب أن يأخذ بالحسبان البيانات كدعامة أساسية لا تقل أهمية في بنائها عن الخرسانات الإسمنتية.

يمكن أن تكون البيانات موضوعاً حساساً ومثيراً للجدل عندما تنتهك الشركات ثقة المستخدمين، يمكن أن يضر ذلك بسمعة المؤسسات الأخرى أيضاً ويعطي مظهراً أن أي مجموعة كبيرة من البيانات تعتبر خطيرة وغير أخلاقية. لكن الحقيقة هي: عندما يتم استخدام البيانات بشفافية ولصالح المجتمع بشكل أكبر، يمكن أن تكون أداة قوية في إحداث تغيير إيجابي يدعمه الجمهور. والأهم: يحتاجه.

بعض مقالاتنا عن العلوم والتكنولوجيا هذا الأسبوع:
Facebook
 
Twitter
 
Linkedin
 
Youtube
 
Instagram