اشترك

الاستمرار بالحساب الحالي

Preview
 
 

تاريخ النشرة : 01-03-2022
يكتبها هذا الأسبوع: وسام شاهين

كلما قرأت عن إنجاز علمي جديد، ينتابني فضول لا يقاوم للتعرف على حياة الشخص الذي يقف وراءه، أو ديناميكية الفريق الذي أنجزه. ولطالما شعرت أن أولئك الذين ينطلقون من مبعث إلهام شخصي، الذين يعملون على حل تحدٍ يواجهه فرد، هم أكثر الناس حماساً وإرادة وتصميماً وعزماً على متابعة طريقهم وبلوغ مرادهم. وسواء كان ابتكارهم منتجاً جديداً يلبي حاجة معينة أو دواء أو علاجاً جديداً لمرض، أو فكرة خارج الصندوق تفتح آفاقاً جديدة، فإنهم يشكلون صلة وصل، لا بل جسراً أو قناة تحمل ثمرة جهود "قلة ممن يستطيعون" إلى "الكثرة ممن لا يستطيعون" العمل على حل مشكلة ما.

أبرز ما قرأته مؤخراً عن قصة شخصية أفضت إلى خير أعمّ كان قصة "أول حالة شفاء من مرض السكري"؛ إليك القصة باختصار:

أدت إصابة طفل عمره 6 أشهر إلى إيجاد طريقة لعلاج البشر المصابين بالسكري باستخدام الخلايا الجذعية. كان الطفل هو ابن «دوج ميلتون»، عالم أحياء الخلايا الجذعية في جامعة هارفارد في كامبريدج، والذي تخلى عن كل شيء من أجل إيجاد علاج لحالة ابنه، وابنته التي أصيبت أيضاً بالسكري بعد 10 سنوات حين كانت تبلغ من العمر 14 عاماً. أوصلته أبحاثه إلى الخلايا الجذعية، واعتقد حينها أنه سيجد طريقة لتصنيع الخلايا، وأن الأمر سيستغرق أربع أو خمس سنوات فقط. لكن المهمة كانت أصعب من ذلك، وتطلب تحويل خلية جذعية إلى خلية بنكرياسية المرور بسلسلة من المراحل. كان التحدي يتمثل في معرفة تسلسل الرسائل الكيميائية (الإشارات) التي ستحول الخلايا الجذعية إلى خلايا بيتا تفرز الأنسولين. تضمّن العمل كشف التطور الطبيعي للبنكرياس، ومعرفة كيفية تكون جزر لانجرهانس في البنكرياس وإجراء تجارب لا نهاية لها لتوجيه الخلايا الجذعية الجنينية إلى تشكيل جزر لانجرهانس صغيرة.

لم يمض كثير من الوقت قبل أن يدرك الدكتور ميلتون أنه سيحتاج إلى المزيد من الموارد لصنع دواء يمكن أن يصل إلى السوق، لذا أسس شركة «سيمّا» (Semma) في عام 2014، وهي مزيج من اسميّ طفليه سام وإيما. كان هدف ميلتون معرفة كيفية زراعة خلايا جزر لانجرهانس «الخلايا الجزيرية» بكميات كبيرة بطريقة يمكن للآخرين تكرارها. وأجرى عدة تجارب على الفئران أدت إلى علاج السكري لديها. من أجل تطبيق العلاج على البشر، كان ميلتون في حاجة إلى شركة أكبر وذات تمويل جيد وخبرة عالية. لذلك أعدَّ الوثائق وخطط للتجارب السريرية، وعرضها مع عينة من الخلايا الجزيرية على كبير المسؤولين العلميين في شركة «فيرتكس للأدوية»، التي استحوذت على شركة سمّا، وأكمل ميلتون تجاربه معها.

وفي نوفمبر الماضي، بعد 30 عاماً من إصابة طفله الرضيع بالمرض، وبعد 30 عاماً من المثابرة والسعي الدؤوب بلا كلل أو ملل، أعلن ميلتون عن أول حالة شفاء للسكري من النوع الأول. كان «بريان شيلتون» هو أول شخص يتلقى العلاج من البشر ويشفى من المرض. وقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن حياة بريان شيلتون كانت محكومة بمرض السكري من النوع الأول، وأدت نوبات انخفاض السكر المتكررة لديه إلى تقاعده من عمله، ويبلغ من العمر الآن 64 عاماً. لكن الآن، أصبح جسمه قادراً على التحكم تلقائياً في مستويات الأنسولين والسكر في الدم بفضل أبحاث وتجارب ميلتون ونظرائه من العلماء.

هل يراودك هذا الفضول مثلي لقراءة قصص الابتكارات والإنجازات العلمية؟ شاركنا قصصك عبر إرسال بريد إلكتروني إلى بريد النشرة، واطلع على قسم شخصيات ملهمة على إم آي تي تكنولوجي ريفيو الذي يضم قصص مجموعة من الشخصيات العلمية العربية الرائدة.


بعض مقالاتنا عن العلوم والتكنولوجيا هذا الأسبوع:
Facebook
 
Twitter
 
Linkedin
 
Youtube
 
Instagram