كيف ستغير التكنولوجيا الخضراء ملامح كوكب الأرض مستقبلاً؟

4 دقائق
كيف ستغير التكنولوجيا الخضراء ملامح كوكب الأرض مستقبلاً؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ PeachShutterStock
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أيقظ التغير المناخي وعي البشرية تجاه كوكب يملؤه التلوث والنفايات وغاز ثنائي أوكسيد الكربون المنتشر في الجو، وبات يسعى العالم نحو التخلص من هذه المشكلات، ليصبح مستقبلنا أكثر اخضراراً. فقد وُظف العلم في خدمة الكوكب والبيئة فيما يُعرف بالتكنولوجيا الخضراء. فما هي هذه التكنولوجيا؟ وما دورها في التنمية؟ وكيف ستغيّر مستقبل الأرض؟

ما هي التكنولوجيا الخضراء؟

‍تُعرف التكنولوجيا الخضراء أو التكنولوجيا النظيفة بأنها أي تقنية تستخدم العلم والتكنولوجيا في تصميمها، وتهدف إلى تقليل الأثر البيئي السلبي للنشاط البشري أو التخلص منه، وحماية الموارد الطبيعية العالمية، خاصة غير المتجددة منها. وتهدف أيضاً إلى التخلص من التلوث والنفايات أو تقليلهما، مع تحسين الإنتاجية والكفاءة في نفس الوقت.

التكنولوجيا الخضراء ودورها في التنمية المستدامة

يتبنى العالم تكنولوجيات التكنولوجيا الخضراء بسرعة، ويسعى دون هوادة نحو تطويرها لتكون مستدامة بيئياً، وقد أصبح بالإمكان رؤية العديد من الأمثلة عليها في حياتنا اليومية، ما يشير إلى جديّة العالم في تطوير هذه التكنولوجيات للدور الكبير الذي تؤديه في التنمية.

من أشهر هذه الأمثلة:

  • معالجة مياه الصرف الصحي وتنقية المياه وإعادة تدويرها لتصبح صالحة للشرب أو لأغراض أخرى.
  • إدارة النفايات وإعادة التدوير.
  • تحويل النفايات إلى طاقة.
  • منظمات الحرارة القابلة للبرمجة، وفيها تتم برمجة درجات الحرارة لتوفير الطاقة عندما لا يوجد أحد في المنزل.
  • مصابيح الليد LED.
  • الزراعة العمودية.
  • تحويل مخلفات الطعام إلى سماد.
  • استخدام أمواج المحيط لتوليد الكهرباء.‍

مستقبل التكنولوجيا الخضراء

بالإضافة إلى تطبيقات التكنولوجيا الخضراء سابقة الذكر، يتم تطوير تكنولوجيات أخرى من المتوقع أن تنتشر على نحو أكبر في المستقبل القريب. 

المباني الخضراء منخفضة الكربون 

يتجه العالم نحو تشييد مبانٍ لا تصدر انبعاثات من ثاني أوكسيد الكربون طوال عمرها الافتراضي، يستخدم في بنائها مواد صديقة للبيئة مثل الخيزران والقنب، وتنتج نسبة قليلة من النفايات والملوثات. تُنتج الطاقة اللازمة لها ذاتياً من خلال ألواح شمسية على أسطحها، كما تتضمن العزل الكافي لتقليل الحاجة إلى الطاقة اللازمة للتبريد والتكيف، وبذلك تُصبح المباني المثالية لمستقبل أخضر. 

الخلايا الكهروضوئية المدمجة مع الأبنية

لا يمكن الحديث عن المباني الخضراء دون التطرق للخلايا الكهروضوئية، لكن يبدو أن دمجها مع لبنات البناء في واجهة المباني أو الأسقف هو التوجه المستقبلي. هذه الأنظمة التي تُسمى أنظمة الخلايا الكهروضوئية المتكاملة للمباني (BIPV)، هي عبارة عن ألواح لتوليد الطاقة الشمسية، تحاكي مظهر ووظيفة مواد التسقيف التقليدية، بالإضافة لكونها تولد الطاقة الكهربائية، وبذلك يمكن توفير مواد البناء والكهرباء.

التقاط الكربون وتخزينه 

يعدّ التخلص من الكربون في الجو أهم خطوة للتخلص من الاحتباس الحراري، ومنع ارتفاع درجة حرارة الأرض. وفي إطار سعي العالم نحو ذلك، وُجدت تقنيات إزالة الكربون فعلياً من الغلاف الجوي. تتضمن هذه التقنيات سحب الكربون من الجو واحتجازه وتخزينه تحت الأرض ليستخدم في صنع الوقود الاصطناعي. 

ما زالت هذه التقنيات قيد التطوير، وغير قابلة للتطبيق على نطاق واسع خاصة وأنها باهظة الثمن، لكن العلماء متفائلون بها، ومن المتوقع أنها ستكون من التكنولوجيات الخضراء المستقبلية.

اقرأ أيضاً: أكبر محطة في العالم لتصفية الهواء من الكربون ستبدأ العمل قريباً

تخزين الطاقة المتجددة

يتبنى العالم تكنولوجيات الطاقة المتجددة على نحو واسع، لكنه يواجه مشكلة تخزين هذه الطاقة، والحصول عليها في غياب مصادرها، كما يحدث عندما تغيب الشمس وراء الغيوم لأيام، أو عندما تتوقف الرياح عن تدوير التوربينات لأسابيع. يكمن حل المشكلة في تطوير بطاريات يمكنها تخزين كميات كبيرة من الطاقة لمدة طويلة وبأقل تكلفة ممكنة.‍

اقرأ أيضاً: هل يمكن للبطاريات الحديدية الجديدة أن تحل محل بطاريات الليثيوم أيون في تخزين الكهرباء بفعالية؟

الوقود الهيدروجيني

يستهلك قطاع النقل نسبة كبيرة من الوقود الأحفوري، مُنتجاً كميات ضخمة من الكربون في الجو. ومع توجه العالم للتكنولوجيات الخضراء، لا بُدّ من استبداله بوقود نظيف ومتجدد، والبديل المناسب هو الوقود الهيدروجيني، إذ لا تنتج المركبات التي تعمل به أي انبعاثات ضارة وتعمل بطريقة أكثر كفاءة. من المتوقع أن تسير أكثر من 400 مليون سيارة على الهيدروجين في عام 2050.

إعادة التدوير

يبحث المختصون في جميع أنحاء العالم عن طرق لإعادة تدوير النفايات الموجودة على كوكبنا، وتحويلها إلى أي شيء ممكن من الوقود والأسمدة إلى الملابس والدراجات وغيرها.

مفاعلات الاندماج النووي

تولّد مفاعلات الاندماج النووي طاقة هائلة، إذ يمكن تزويد منزل كامل بالطاقة ليوم واحد بواسطة تفاعل مدته 5 ثوانٍ فقط، وهي مرشح مستقبلي لتوليد الطاقة غير المعتمدة على الوقود الأحفوري.

داخل هذه المفاعلات يتم إطلاق الديوتيريوم والتريتيوم في البلازما فائقة السخونة، حيث يتم دمجهما معاً في تفاعل ينتج عنه الهيليوم والنيوترونات، وبالطبع الطاقة. ينتج هذا التفاعل طاقة كبيرة جداً من كميات قليلة من المواد المتفاعلة، وهذه المفاعلات هي مصادر يمكن أن تعتمد عليها المدن مستقبلاً لتوفير احتياجاتها من الطاقة.

الذكاء الاصطناعي

دخل الذكاء الاصطناعي في مجموعة كبيرة من المجالات؛ وذلك لقدرته على أداء المهام بدقة كبيرة وبسرعة، مع تقليل الكميات الهائلة من النفايات التي تنتج عنها، خاصة في المجالات الصناعية، لأن بإمكانه أتمتة العديد من الخطوات في سلسلة الإنتاج، فهو بذلك يدخل في مجال التكنولوجيات الخضراء.

البلاستيك الحيوي

بدأت بعض الشركات في إنتاج بلاستيك نباتي يمكن أن يتحلل بالكامل، ويتمتع بخصائص أفضل من البلاستيك المُصنّع حالياً، فهو مصنوع من مواد نباتية سكرية مأخوذة من قصب السكر والقمح والذرة، بالإضافة إلى المحاصيل غير الغذائية مثل المخلفات الزراعية. تتعرض هذه المواد لسلسلة من التفاعلات الكيميائية للحصول على المادة الأساسية التي هي بولي إيثيلين فورانوات (PEF)؛ وهو نوع من البلاستيك يسمى البوليستر.

اقرأ أيضاً: تطوير إنزيم يفكك البلاستيك خلال أسبوع بالاعتماد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي

الهواتف المستدامة

أصبحت الهواتف الذكية من أكثر المنتجات كثافة في استخدام الموارد على هذا الكوكب. وتتسبب في انبعاث ملايين الأطنان من ثاني أوكسيد الكربون إلى الجو، وتدخل في تصنيعها معادن سامة مثل الرصاص والزئبق والزرنيخ والكادميوم والكلور والبروم

من أجل جعل الهواتف المحمولة مستدامة بيئياً، تعمل شركة تيراكيوب (Teracube) الأميركية على تطوير هواتف مصنّعة من 25% من البولي كربون المعاد تدويره، كما أنها تشجّع على إصلاح الهاتف وليس استبداله، وصنعت هيكله ليكون قابلاً للتحلل، وعبوته مصنوعة من ورق معاد تدويره ومطبوعة بحبر من فول الصويا.

السيارات الكهربائية

السيارات الكهربائية هي الصورة الأوضح لمستقبل التكنولوجيا الخضراء، إذ تتسابق شركات إنتاج السيارات على تصنيعها، والتوقف عن إنتاج السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي، وتستهلك الوقود الأحفوري. وما زالت تلك الشركات تعمل على تطوير بطاريات أكثر كفاءة، لكن يُعتقد أن التكنولوجيا اللاسلكية ستوفّر لها الطاقة الكهربائية. سيتم تزويد جميع السيارات الكهربائية بأجهزة قادرة على تلقي الطاقة عن بُعد عبر بث المجال الكهرومغناطيسي من الكابلات المثبتة أسفل الطريق. 

اقرأ أيضا: