ملخص:
المشكلة: ارتفاع الطلب على الكهرباء في ساعات الذروة، والاعتماد على الوقود الأحفوري لتلبية الارتفاع المتزايد في هذا الطلب.
السبب: عدم قدرة مصادر الطاقة المتجددة (الشمسية تحديداً) على تلبية الطلب عند ذروة ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية، إذ تكون الشمس قد بدأت المغيب.
الحل: الاعتماد على مصادر طاقة متجددة أخرى كطاقة الرياح والطاقة الحرارية الجوفية، وطاقة المياه، بالإضافة إلى تطوير البطاريات التي يمكن أن تخزن الطاقة لوقت الحاجة، وتطوير أجهزة التكييف نفسها ليتم تزويدها بأنظمة تخزين طاقة.
عندما أصل إلى البيت مساء في يوم صيفي لاهب، فإن أول شيء أفعله هو التوجه مباشرة إلى وحدات النوافذ لتكييف الهواء في غرف المنزل وتشغيلها باستطاعة عالية.
ومن المرجح أن الناس في المدينة والريف وحتى على في أنحاء العالم كافة، يفعلون الشيء نفسه. وكما أفعل أنا، من المحتمل أنهم أيضاً يشغلون التلفزيون وجهاز القلي الهوائي للشروع بإعداد العشاء. هذا التصرف الروتيني البسيط قد لا يشغل حيزاً خاصاً في ذهنك، لكن له تأثيراً كبيراً على الشبكة الكهربائية.
اقرأ أيضاً: ما الطرق الأكثر فاعلية لتبريد مدينة كاملة في موجات الحر؟
الاستهلاك الكبير للطاقة لأجهزة التبريد
عادة ما يصل الطلب على الكهرباء إلى أعلى مستوياته في هذه الساعات الأولى من المساء في فصل الصيف. وتستهلك أنظمة التبريد التي تحافظ على سلامتنا وراحتنا نسبة ضخمة من هذه الطاقة. يمثل هذا تحدياً كبيراً بالنسبة إلى شركات الخدمات العامة ومشغلي الشبكة الكهربائية، إلى درجة أن بعض الشركات يسعى إلى طرح تكنولوجيات تبريد جديدة في الأسواق قادرة على تخزين الطاقة خلال أوقات أخرى للاستفادة منها في ساعات الذروة، كما أوردت في أحدث مقالاتي.
لنتمعن في هذه القيمة اليومية العظمى، والأسباب التي تجعلها مهمة بوصفها نقطة بيانات يجب أن نأخذها بعين الاعتبار عندما نخطط للحفاظ على تدفق الكهرباء وتشغيل الإنارة (ومكيفات الهواء أيضاً) فيما نسعى إلى تقليل التلوث الناجم عن أنظمة الطاقة لدينا.
في بعض الأماكن التي يشيع فيها استخدام مكيفات الهواء، مثل بعض المناطق في الولايات المتحدة، يمكن أن تتجاوز نسبة تبريد المساحات 70% من ذروة الطلب المنزلي على الكهرباء في الأيام الحارة، وذلك وفقاً لبيانات صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة. ولهذا، لا عجب في أن شركات الخدمات العامة ترسل إشعارات إلى عملائها في بعض الأحيان تتوسل فيها إليهم أن يخففوا تشغيل مكيفات الهواء لديهم خلال موجات الحر.
يمكن أن يتراكم هذا الطلب كله ليبلغ مستويات عالية، ويكفي أن ننظر إلى البيانات الواردة من الشركة المشرفة على تشغيل أنظمة توليد الكهرباء ونقلها في ولاية كاليفورنيا التي تحمل اسم كاليفورنيا إندبندنت سيستم أوبريتور (California Independent System Operator) أو اختصاراً "كايسو"(CAISO). لنأخذ مثالاً يوم الاثنين الواقع في 5 أغسطس/آب. فقد وصل الحد الأدنى للطلب على الطاقة، في الساعة الرابعة صباحاً تقريباً، إلى 25,000 ميغاواط تقريباً. أما الذروة، التي كانت في تمام الساعة السادسة مساء تقريباً، فقد بلغت قيمتها 42,000 ميغاواط. ثمة أسباب كثيرة تؤدي إلى هذا الفرق الضخم بين الصباح الباكر والذروة المسائية، لكن جزءاً كبيراً من هذا الفرق يعود إلى مكيفات الهواء.
مصادرة الطاقة المتجددة متوفر، لكن ليس في أوقات الذروة
غالباً ما تمثل هذه الأمسيات الصيفية الأحمال الأعلى التي تشهدها الشبكة طوال العام، بما أن أنظمة التبريد مثل مكيفات النوافذ لدي تستهلك مقادير كبيرة من الطاقة. عادة ما تشهد أيام الشتاء تبايناً أقل، وعادة ما تظهر ذروات صغيرة في الصباح والمساء، وهي ناتجة عن أنظمة التدفئة. (يمكنك الاطلاع على المزيد من المعلومات حول هذه التباينات في أرجاء الولايات المتحدة كافة في هذا المقال الصادر عن وكالة معلومات الطاقة).
من منظور مناخي، فإن توقيت الذروة خلال ساعات المساء المبكرة غير مناسب في فصل الصيف، لأنه قريب من الأوقات التي تبدأ فيها الطاقة الشمسية بالتراجع خلال اليوم. هذا مثال على أحد التحديات الدائمة التي تواجه بعض مصادر الكهرباء المتجددة، فقد تكون متوفرة، لكنها ليست متوفرة في الأوقات المناسبة على الدوام.
اقرأ أيضاً: ما الذي يمكن أن تتعلمه تكنولوجيات الطاقة المتجددة من تقنية طاقة كهرومائية جديدة؟
لا يمتلك مشغلو الشبكة في أغلب الأحيان رفاهية اختيار كيفية تلبية الطلب، فهم يعملون وفق الإمكانات المتاحة، حتى لو اقتضى هذا تشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري للحفاظ على تدفق الطاقة. عادة ما يجري تشغيل هذه المحطات، المعروفة باسم "محطات الذروة" (peaker plants)، لتلبية الطلب عندما يصل إلى أعلى مستوياته، وعادة ما تكون هذه المحطات أكثر تكلفة وأقل فاعلية من محطات الطاقة الأخرى.
البطاريات تؤدي دوراً مهماً، لكنها لا تزال غير كافية
غير أن البطاريات بدأت تسهم بالتدريج في التعامل مع هذا الوضع، كما تناولت ذلك في هذه النشرة الإخبارية قبل بضعة أشهر. ففي 16 أبريل/نيسان، أظهرت بيانات كايسو أن أنظمة تخزين الطاقة كانت أكبر مصدر منفرد للطاقة على الشبكة بعد السابعة مساء بقليل بالتوقيت المحلي. لكن البطاريات ما زالت بعيدة للغاية عن أن تكون قادرة على حل مشكلة ذروة الطلب، فمع ارتفاع أحمال الشبكة في الصيف، يجري تشغيل محطات الغاز الطبيعي في أغسطس/آب باستطاعات أعلى بكثير من استطاعاتها في أبريل/نيسان، ما يعني أن الروتين المسائي الصيفي في كاليفورنيا يعتمد على الوقود الأحفوري من حيث الطاقة.
ما زلنا في حاجة إلى سعة أكبر بكثير لتخزين الطاقة على الشبكة، بالإضافة إلى مصادر أخرى للكهرباء المنخفضة الانبعاثات، مثل الطاقة الحرارية الأرضية والطاقة المائية والطاقة النووية، للمساعدة في هذه الساعات التي يرتفع فيها الطلب. غير أنه ثمة اهتمام متزايد بأنظمة التبريد المزودة بميزة تخزين الطاقة لاستخدامها لاحقاً، على غرار البطاريات.
لقد أصبحت هذه الميزة موجودة في عدد متزايد من التكنولوجيات، وتهدف إلى شحن الأنظمة باستخدام الكهرباء خلال الفترات التي ينخفض فيها الطلب، أو عندما تكون مصادر الطاقة المتجددة متاحة للاستخدام الفوري. وعندها، يمكنها توفير التبريد خلال ساعات ذروة الطلب دون زيادة الضغط على الشبكة. يمكنك الاطلاع على مقالي الوافي لمعرفة المزيد حول كيفية عمل هذه الأنظمة، والمستوى الذي وصلت إليه.
مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب ولجوء المزيد من الناس إلى تركيب مكيفات الهواء، قد نتجاوز الحدود القصوى التي يمكن للشبكة أن تتحملها. حتى لو لم نستنزف قدرات التوليد، فإن الحرارة الشديدة والأحمال العالية قد تهدد سلامة تجهيزات نقل الكهرباء.
وعلى حين قد يكون استعطاف الناس لتخفيف استطاعة التكييف في منازلهم حلاً قصير المدى في الأيام الأشد حرارة، فإن التكنولوجيات التي تسمح لنا بأن نكون أكثر مرونة بشأن كيفية استهلاك الطاقة وأوقات استخدامنا لها قد تكون عاملاً مهماً في الحفاظ على سلامتنا وراحتنا، حتى مع استمرار ارتفاع حرارة ليالي الصيف.